نشأته وحياته المبكرة
ولد بافيل رافائيلوفيتش بيرمونت-أفالوف في تبليسي (جورجيا) عام 1877. تعود أصوله إلى عائلة نبيلة من أصل جورجي. انضم إلى الجيش الإمبراطوري الروسي في شبابه، وخدم في سلاح الفرسان. شارك في الحرب الروسية اليابانية (1904-1905) والحرب العالمية الأولى، حيث أظهر شجاعة ومهارة قتالية.
الحرب العالمية الأولى والثورة الروسية
خلال الحرب العالمية الأولى، ترقى بيرمونت-أفالوف في الرتب وأصبح ضابطًا متميزًا. ومع ذلك، أدت الثورة الروسية عام 1917 إلى تغيير جذري في مسيرته وحياته. انهار الجيش الإمبراطوري، وبدأت الفوضى تعم البلاد. مثل العديد من الضباط الآخرين، رفض بيرمونت-أفالوف الاعتراف بالحكومة البلشفية الجديدة وانضم إلى الحركة البيضاء المناهضة للشيوعية.
الحرب الأهلية الروسية وتشكيل جيش المتطوعين الغربي
في خضم الحرب الأهلية الروسية، وجد بيرمونت-أفالوف نفسه في منطقة البلطيق، وهي منطقة مضطربة شهدت صراعات بين مختلف الفصائل، بما في ذلك البلاشفة والقوميين المحليين والقوات الألمانية المتبقية بعد الحرب العالمية الأولى. في عام 1919، بدأ بيرمونت-أفالوف في تنظيم وتشكيل قوة عسكرية أطلق عليها اسم “جيش المتطوعين الغربي” (بالروسية: Западная Добровольческая армия). تألف هذا الجيش من مزيج من الجنود الروس المناهضين للبلشفية، وأسرى الحرب الألمان السابقين، ومتطوعين من دول البلطيق.
كان الهدف المعلن لجيش المتطوعين الغربي هو محاربة البلاشفة واستعادة النظام في روسيا. ومع ذلك، كان لبيرمونت-أفالوف طموحات أخرى أيضًا. كان يسعى إلى إنشاء دولة قوية في منطقة البلطيق تحت النفوذ الألماني، وكان يأمل في أن يصبح حاكمًا لهذه الدولة.
التحالف مع الألمان
لتحقيق أهدافه، عقد بيرمونت-أفالوف تحالفًا مع القوات الألمانية المتبقية في لاتفيا وليتوانيا. بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، كان هناك العديد من الجنود الألمان الذين لم يعودوا إلى وطنهم وبقوا في منطقة البلطيق. كان هؤلاء الجنود، المعروفون باسم “Freikorps”، معادين بشدة للبلشفية ومستعدين للقتال من أجل أي قضية تعدهم بالاستقرار والمكافآت. قام بيرمونت-أفالوف بتجنيد العديد من هؤلاء الجنود في جيشه، ووفر لهم الأسلحة والتدريب والدعم المالي.
أثار هذا التحالف مع الألمان قلق دول الحلفاء الغربيين، الذين كانوا يشتبهون في أن بيرمونت-أفالوف كان مجرد دمية في يد الألمان وأن هدفه الحقيقي هو إعادة تأسيس النفوذ الألماني في منطقة البلطيق. كما أثار قلق القوميين اللاتفيين والليتوانيين، الذين كانوا يخشون من أن بيرمونت-أفالوف كان يسعى إلى ضم بلادهم إلى دولة روسية أو ألمانية جديدة.
حملة بيرمونت-أفالوف في لاتفيا
في خريف عام 1919، أطلق بيرمونت-أفالوف حملة عسكرية في لاتفيا. استولت قواته على مدينة يلغافا (Mitau) واقتربت من ريغا، العاصمة اللاتفية. واجه الجيش اللاتفي صعوبات في البداية في مقاومة هجوم بيرمونت-أفالوف، لكنه تمكن في النهاية من حشد قواه وصد الهجوم بمساعدة من القوات البريطانية والفرنسية.
أدى قصف ريغا من قبل قوات بيرمونت-أفالوف إلى تدمير واسع النطاق وأثار غضبًا دوليًا. ضغط الحلفاء على ألمانيا لوقف دعمها لبيرمونت-أفالوف، وهددوا بفرض عقوبات اقتصادية إذا لم تفعل ذلك. تحت هذا الضغط، سحبت الحكومة الألمانية دعمها لبيرمونت-أفالوف، وبدأ جيشه في الانهيار.
الهزيمة والنفي
في أواخر عام 1919، هُزم جيش المتطوعين الغربي هزيمة ساحقة على يد القوات اللاتفية والليتوانية. فر بيرمونت-أفالوف من لاتفيا واستقر في ألمانيا. حاول الحفاظ على نفوذه في أوساط المهاجرين الروس، لكنه فقد مصداقيته تدريجيًا بسبب فشله العسكري وتحالفه مع الألمان.
خلال الحرب العالمية الثانية، تعاون بيرمونت-أفالوف مع النازيين. بعد الحرب، ألقي القبض عليه من قبل قوات الحلفاء وقضى بعض الوقت في الأسر. بعد إطلاق سراحه، عاش في ألمانيا حتى وفاته في عام 1973.
إرث بافيل بيرمونت-أفالوف
لا يزال بافيل بيرمونت-أفالوف شخصية مثيرة للجدل في تاريخ لاتفيا وروسيا. يرى البعض فيه مغامرًا وطموحًا سعى إلى استغلال الفوضى التي أعقبت الحرب العالمية الأولى والثورة الروسية لتحقيق مكاسب شخصية. ويرى فيه آخرون مناهضًا للبلشفية قاتلًا من أجل قضية خاسرة. بغض النظر عن وجهة النظر، لا شك في أن بيرمونت-أفالوف لعب دورًا مهمًا في الأحداث المضطربة التي شكلت منطقة البلطيق في أوائل القرن العشرين.
- شخصية مثيرة للجدل: يعتبر شخصية مثيرة للجدل في تاريخ لاتفيا وروسيا.
- مغامر وطموح: سعى إلى استغلال الفوضى لتحقيق مكاسب شخصية.
- مناهض للبلشفية: قاتل ضد البلاشفة.
- دور مهم في تاريخ البلطيق: لعب دورًا في الأحداث المضطربة التي شكلت منطقة البلطيق.
خاتمة
كان بافيل بيرمونت-أفالوف شخصية معقدة ومثيرة للجدل. قاد جيش المتطوعين الغربي في لاتفيا خلال الحرب الأهلية الروسية، وتحالف مع الألمان، وهُزم في النهاية. يظل إرثه موضع نقاش وجدال بين المؤرخين.