نشأته وحياته المبكرة
ولد ألفونس كابوني في 17 يناير 1899 في بروكلين، نيويورك، لأبوين مهاجرين إيطاليين، غابرييل كابوني وتيريزا رايولا. كان والده يعمل حلاقًا، بينما كانت والدته تعمل خياطة. كان ألفونس الرابع بين تسعة أطفال. نشأ في بيئة فقيرة ولكنه متماسكة في حي متعدد الثقافات.
على الرغم من أنه كان طالبًا ذكيًا، إلا أن كابوني واجه صعوبة في التأقلم مع المدرسة وتركها في الصف السادس بعد طرده لضربه معلمة. بعد ترك المدرسة، انخرط كابوني في عصابات الشوارع الصغيرة في بروكلين، حيث تعلم أصول الجريمة والعنف. عمل في وظائف غريبة مختلفة، بما في ذلك العمل كنادل وبواب في حانات ونوادي القمار، مما عرّضه لعالم الجريمة المنظمة.
دخوله عالم الجريمة
في بداية العشرينات من عمره، انتقل كابوني إلى شيكاغو، حيث دعاه جوني تروي، وهو رجل عصابات من نيويورك كان يعمل لصالح جيمس “بابي” ريو، ليكون حارسًا ونادلًا في حانة. سرعان ما لفت كابوني انتباه ريو، الذي أعجب بذكائه وطموحه وقدرته على التعامل مع المشاكل. أصبح كابوني مساعدًا لريو، وتعلم منه أصول إدارة العمليات الإجرامية.
خلال هذه الفترة، انخرط كابوني في أنشطة غير قانونية مختلفة، بما في ذلك الدعارة والابتزاز وتهريب الخمور، مما ساهم في نمو نفوذ عصابة شيكاغو. اكتسب سمعة طيبة بسبب وحشيته ومهارته في التعامل مع المنافسين، مما أكسبه لقب “سكارفيس” بعد أن تعرض للطعن في وجهه خلال شجار في حانة.
صعوده إلى السلطة
في عام 1925، بعد مقتل رئيس عصابة شيكاغو، توري دي فيتو، تولى كابوني القيادة، وأصبح زعيمًا للعصابة. تحت قيادته، توسعت عصابة شيكاغو بشكل كبير، وسيطرت على معظم العمليات الإجرامية في المدينة، بما في ذلك تهريب الخمور والقمار والدعارة والابتزاز.
استخدم كابوني العنف والترهيب لفرض سيطرته على المدينة، وقام بتصفية منافسيه بوحشية، مما أدى إلى اندلاع حرب عصابات دموية في شيكاغو. كان كابوني يتمتع بنفوذ كبير في المدينة، وكان قادرًا على رشوة المسؤولين الحكوميين والشرطة، مما جعله محصنًا من القانون لفترة طويلة.
بلغ نفوذ كابوني ذروته في أواخر العشرينات من القرن الماضي، حيث كان يسيطر على إمبراطورية إجرامية تقدر قيمتها بملايين الدولارات. كان يعيش ببذخ، ويمتلك قصورًا وسيارات فاخرة، ويقيم حفلات باهظة. أصبح كابوني شخصية مشهورة في المجتمع، وكان يعتبره البعض بطلاً شعبيًا، بينما كان يراه آخرون مجرمًا خطرًا يهدد القانون والنظام.
مذبحة عيد القديس فالنتين
في 14 فبراير 1929، وقعت واحدة من أكثر الحوادث دموية وشهرة في تاريخ الجريمة المنظمة في الولايات المتحدة، وهي مذبحة عيد القديس فالنتين. أمر كابوني بقتل سبعة من أعضاء عصابة نورث سايد، بقيادة جورج “باغز” موران، منافسه الرئيسي في شيكاغو.
تظاهر رجال مسلحون يرتدون زي الشرطة بالقبض على رجال موران في مرآب، ثم قاموا بإطلاق النار عليهم بوحشية، مما أسفر عن مقتلهم جميعًا. على الرغم من أن كابوني كان يُعتبر العقل المدبر وراء المذبحة، إلا أنه لم يتم توجيه اتهامات إليه مطلقًا في القضية بسبب عدم وجود أدلة مباشرة تربطه بالجريمة.
أثارت مذبحة عيد القديس فالنتين غضبًا شعبيًا واسع النطاق، وزادت الضغوط على السلطات الفيدرالية للقبض على كابوني وتقديمه للعدالة.
محاكمته وسجنه
على الرغم من تورطه في العديد من الجرائم العنيفة، لم يتمكن القانون من إدانة كابوني بأي من هذه الجرائم. ومع ذلك، تمكنت السلطات الفيدرالية، بقيادة إليوت نيس وفريقه “المنبوذون”، من جمع أدلة كافية لإدانة كابوني بتهمة التهرب الضريبي.
في عام 1931، حوكم كابوني بتهمة التهرب الضريبي وحكم عليه بالسجن لمدة 11 عامًا في السجن الفيدرالي. تم سجنه في البداية في سجن أتلانتا، ثم نُقل لاحقًا إلى سجن ألكاتراز سيئ السمعة في عام 1934.
خلال فترة سجنه، تدهورت صحة كابوني بسبب إصابته بمرض الزهري غير المعالج، مما أدى إلى تلف دماغه وتدهور قدراته العقلية. تم إطلاق سراحه من السجن في عام 1939، وقضى سنواته الأخيرة في عزلة في قصره في بالم آيلاند، فلوريدا.
وفاته وإرثه
توفي ألفونس كابوني في 25 يناير 1947، عن عمر يناهز 48 عامًا، بسبب مضاعفات الالتهاب الرئوي والسكتة القلبية. على الرغم من أن حياته كانت مليئة بالعنف والجريمة، إلا أن كابوني أصبح شخصية أسطورية في التاريخ الأمريكي.
لا يزال كابوني رمزًا للجريمة المنظمة والعنف والفساد في الولايات المتحدة. ألهمت حياته وأعماله العديد من الأفلام والكتب والبرامج التلفزيونية، مما جعله شخصية دائمة في الثقافة الشعبية.
خاتمة
كان ألفونس كابوني شخصية مثيرة للجدل ومعقدة، جمعت بين الذكاء والطموح والوحشية. صعوده إلى السلطة في عالم الجريمة المنظمة وسقوطه اللاحق يمثلان قصة تحذيرية عن مخاطر الجشع والعنف والفساد. على الرغم من أن إرثه لا يزال يثير الجدل، إلا أن كابوني سيظل دائمًا جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الولايات المتحدة.