السفينة الأولى: HMS Heureux (1795)
كانت السفينة الأولى التي حملت اسم “هيريو” سفينة فرنسية من فئة “أوروز”، أُطلقت في عام 1785. وقد تم الاستيلاء عليها من قبل البريطانيين في 7 مايو 1795، أثناء معركة خليج جنوة. كانت السفينة في ذلك الوقت تحمل اسم “هيريو”، ولم يتم تغيير اسمها من قبل البريطانيين. تم تصنيفها كسفينة حربية من الدرجة السادسة، وأُدرجت في البحرية الملكية. لعبت السفينة دورًا محدودًا في البحرية البريطانية، وشاركت في بعض العمليات في البحر الأبيض المتوسط.
شاركت السفينة في حصار مالطا عام 1800، حيث ساهمت في محاصرة القوات الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت. بعد ذلك، خدمت في البحر الأبيض المتوسط حتى عام 1802، حيث تم تفكيكها في بورتسموث.
السفينة الثانية: HMS Heureux (1800)
السفينة الثانية التي حملت اسم “هيريو” كانت أيضًا سفينة فرنسية، من فئة “بريم”، أُطلقت في عام 1794 تحت اسم “غلياد”. تم الاستيلاء عليها من قبل البريطانيين في عام 1800 قبالة سواحل الإسكندرية في مصر، بعد معركة كبيرة مع الأسطول الفرنسي. أعيد تسميتها بـ “هيريو” من قبل البحرية الملكية، لتنضم إلى أسطولها. كانت هذه السفينة أكبر حجمًا وأكثر تسليحًا من سابقتها.
شهدت هذه السفينة خدمة أطول وأكثر نشاطًا من السفينة الأولى التي تحمل الاسم نفسه. شاركت في العديد من العمليات في البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك الحصار المستمر للعديد من الموانئ الفرنسية، ومرافقة القوافل التجارية، والاشتباكات مع السفن الفرنسية.
في عام 1802، تم إرسال السفينة “هيريو” إلى حوض بناء السفن لإجراء إصلاحات وتجديدات. بعد الانتهاء من هذه الإصلاحات، عادت السفينة إلى الخدمة في البحر الأبيض المتوسط، حيث استمرت في القيام بدورها في حماية المصالح البريطانية.
شاركت “هيريو” في معركة الطرف الأغر في عام 1805، حيث لعبت دورًا ثانويًا في القتال. على الرغم من أنها لم تشارك بشكل مباشر في القتال الرئيسي، إلا أنها ساهمت في الانتصار البريطاني الحاسم.
بعد معركة الطرف الأغر، استمرت “هيريو” في الخدمة في البحر الأبيض المتوسط. في عام 1809، تعرضت لحادث غرق أثناء العاصفة قبالة سواحل مالطا. لم يكن هناك ناجون.
مقارنة بين السفينتين
على الرغم من أن السفينتين حملتا نفس الاسم، إلا أنهما اختلفتا في عدة جوانب:
- الحجم والتسليح: كانت السفينة الثانية (1800) أكبر حجمًا وأكثر تسليحًا من السفينة الأولى (1795).
- مدة الخدمة: شهدت السفينة الثانية خدمة أطول وأكثر نشاطًا.
- العمليات: شاركت السفينة الثانية في عدد أكبر من العمليات، بما في ذلك معركة الطرف الأغر.
- المصير: غرقت السفينة الثانية، بينما تم تفكيك السفينة الأولى.
أهمية السفينتين في التاريخ البحري
على الرغم من أن السفينتين “هيريو” لم تكونا من بين السفن الأكثر شهرة في البحرية الملكية، إلا أنهما تمثلان جانبًا مهمًا من تاريخ الحروب النابليونية. فقد كانتا مثالًا على كيفية استيلاء البريطانيين على السفن الفرنسية واستخدامها ضد أصحابها الأصليين. كما أنهما تجسدان صراعًا محوريًا في التاريخ الأوروبي، حيث كانت بريطانيا العظمى وفرنسا تتنافسان على السيطرة على البحار.
بالإضافة إلى ذلك، تذكرنا السفينتان بأهمية البحر في الصراع العسكري والسياسي في تلك الفترة. فقد كانت السيطرة على البحار ضرورية للوصول إلى المستعمرات، وتأمين التجارة، ونقل القوات والأسلحة. لعبت السفن الحربية مثل “هيريو” دورًا حيويًا في تحقيق هذه الأهداف.
إن دراسة تاريخ السفينتين “هيريو” تسمح لنا بفهم أعمق للحروب النابليونية، ودور البحرية الملكية البريطانية في تلك الفترة، وأهمية البحر في تشكيل تاريخ أوروبا.
الأسباب وراء الاستيلاء على السفن الفرنسية
هناك عدة أسباب وراء استيلاء البريطانيين على السفن الفرنسية خلال الحروب النابليونية:
- تعزيز الأسطول: أدى الاستيلاء على السفن إلى زيادة عدد السفن الحربية المتاحة للبحرية الملكية، مما عزز قدرتها على مواجهة الأسطول الفرنسي.
- إضعاف العدو: من خلال الاستيلاء على السفن، أضعف البريطانيون قدرة فرنسا على شن هجمات بحرية، وحرموها من السفن والموارد اللازمة للحرب.
- الموارد: يمكن استخدام السفن المستولى عليها لتوفير المواد الخام والمعدات اللازمة لبناء السفن الجديدة، أو لإصلاح السفن التالفة.
- السيطرة على البحار: كان الاستيلاء على السفن الفرنسية جزءًا من استراتيجية بريطانيا للسيطرة على البحار، وحماية مصالحها التجارية والإمبراطورية.
كان الاستيلاء على السفن الفرنسية ممارسة شائعة خلال الحروب النابليونية، وكانت السفن المستولى عليها غالبًا ما يتم تعديلها وتكييفها لتلبية احتياجات البحرية البريطانية. غالباً ما يتم تغيير اسم السفينة، ولكن في حالة “هيريو” لم يتم ذلك. كان اسم “هيريو” مناسبًا، خاصة بالنظر إلى أن السفن انتهى بها الأمر في أيدي بريطانيا.
التأثير على الطاقم والبحارة
بالنسبة لطاقم السفن المستولى عليها، كان الانتقال إلى البحرية الملكية يمثل تحديًا كبيرًا. كان عليهم التكيف مع قيادة جديدة، ولغة جديدة، ونظام جديد. كان عليهم أيضًا التكيف مع التقسيم الطبقي الصارم في البحرية البريطانية، والذي كان مختلفًا تمامًا عن الأنظمة المتبعة في البحرية الفرنسية.
على الرغم من هذه التحديات، كان العديد من البحارة الفرنسيين يخدمون في السفن البريطانية، وغالبًا ما يظهرون الولاء والشجاعة. في بعض الحالات، تمكن البحارة الفرنسيون من إظهار مهاراتهم وقدراتهم، وصعدوا في الرتب في البحرية البريطانية.
أهمية الاسم “هيريو”
إن اختيار اسم “هيريو” للسفينتين الفرنسيتين المستولى عليهما يعطينا فكرة عن روح الدعابة البريطانية، وكذلك عن ثقتهم بأنفسهم. كان اسم “السعيد” أو “المحظوظ” مناسبًا، بالنظر إلى أن البريطانيين قد استولوا على السفن. لقد كان هذا الاسم بمثابة رمز لانتصارهم على فرنسا، وسيطرتهم على البحار.
كما أن الاسم يشير إلى المفارقة التاريخية، حيث أن السفن الفرنسية “السعيدة” أو “المحظوظة” انتهى بها الأمر في أيدي أعدائها. هذه المفارقة تضيف لمسة من السخرية إلى القصة، وتجعلها أكثر إثارة للاهتمام.
التصميم والبناء
بُنيت كلتا السفينتين وفقًا للتقاليد الفرنسية في بناء السفن، والتي كانت في ذلك الوقت متقدمة للغاية. كانت السفن مصممة للسرعة والقدرة على المناورة، بالإضافة إلى قدرتها على حمل مجموعة متنوعة من الأسلحة. عادة ما كان تصميم السفن الفرنسية أكثر أناقة من السفن البريطانية، وغالبًا ما كانت تتمتع بميزات أكثر حداثة.
بعد الاستيلاء على السفن، قام البريطانيون بإجراء بعض التعديلات عليها لتلبية احتياجاتهم. شملت هذه التعديلات تغييرات في معدات السفينة، وأسلحتها، وبعض التصميمات الداخلية. ومع ذلك، حافظت السفن على تصميمها الفرنسي الأصلي.
الأثر التاريخي للسفينتين
على الرغم من أن السفن “هيريو” لم تكن من بين السفن الأكثر شهرة في البحرية الملكية، إلا أنها تركت بصمة تاريخية مهمة. فقد ساهمتا في انتصارات بريطانيا على فرنسا في الحروب النابليونية، وساعدتا في تأسيس بريطانيا كقوة بحرية عظمى. تمثل السفن “هيريو” أيضًا مثالًا على كيفية الاستيلاء على السفن من العدو واستخدامها، وكيف ساهمت هذه الممارسة في تغيير توازن القوى في البحر.
تُذكر السفينتان اليوم كجزء من التراث البحري البريطاني، وتشهدان على صراع بريطانيا وفرنسا على السيطرة على البحار. تذكرنا قصتهما بأهمية البحار في التاريخ، والدور الحيوي الذي لعبته السفن الحربية في تشكيل مسار الأحداث العالمية.
الخلاصة
إن السفينتين اللتين حملتا اسم “هيريو” تمثلان قصتين مثيرتين للاهتمام في تاريخ البحرية البريطانية، وتبرزان تأثير الحروب النابليونية على البحرية. من خلال الاستيلاء على سفن العدو، تمكنت بريطانيا من تعزيز أسطولها وإضعاف فرنسا. تذكرنا هذه السفن بأهمية السيطرة على البحار، وأهمية السفن الحربية في الصراع العسكري والسياسي في تلك الفترة. تحمل كلتا السفينتين اسم “هيريو” (السعيد)، وهي مفارقة تاريخية مثيرة، حيث أن السفينتين الفرنسيتين اللتين حملتا هذا الاسم انتهى بهما المطاف في أيدي أعدائهما.
المراجع
“`