<![CDATA[
مقدمة
تعتبر الإمبراطورية الساسانية، التي حكمت بلاد فارس والمناطق المحيطة بها من القرن الثالث إلى القرن السابع الميلادي، واحدة من أهم وأبرز الإمبراطوريات في تاريخ إيران. تأسست هذه الإمبراطورية على يد أردشير الأول بعد الإطاحة بالإمبراطورية البارثية. وقد تميزت فترة حكم الساسانيين بالإنجازات الثقافية والفنية والعسكرية، مما جعلها قوة مهيمنة في الشرق الأدنى.
تعتبر معرفة شجرة عائلة الساسانيين أمرًا بالغ الأهمية لفهم التسلسل الزمني للأحداث التاريخية، وتحديد العلاقات بين الحكام المختلفين، وفهم الصراعات الداخلية والخارجية التي شهدتها الإمبراطورية. تمتد شجرة العائلة الساسانية عبر عدة أجيال، وتضم العديد من الشخصيات الهامة التي ساهمت في تشكيل تاريخ المنطقة.
أصول الساسانيين
تعود أصول الساسانيين إلى منطقة فارس (بارس) في جنوب غرب إيران. وفقًا للتقاليد، كان ساسان جدًا لكاهن في معبد آناهيتا، وهي إلهة الماء والخصوبة عند الفرس. ولكن، هناك روايات تاريخية أخرى تشير إلى أن ساسان كان شخصية نبيلة ذات نفوذ محلي.
باباك، وهو حفيد ساسان، لعب دورًا حاسمًا في تأسيس الإمبراطورية الساسانية. كان باباك حاكمًا محليًا تابعًا للإمبراطورية البارثية، لكنه تمرد عليها وأعلن استقلاله. تزوج باباك من امرأة نبيلة تدعى روداغ، وأنجب منها أردشير، الذي سيصبح فيما بعد مؤسس الإمبراطورية الساسانية.
- ساسان: الجد المؤسس للعائلة الساسانية.
- باباك: حاكم محلي تمرد على البارثيين.
- روداغ: زوجة باباك ووالدة أردشير الأول.
أردشير الأول (224-241 م)
يُعتبر أردشير الأول المؤسس الحقيقي للإمبراطورية الساسانية. بعد أن ورث حكم فارس عن والده باباك، قاد أردشير سلسلة من الحملات العسكرية الناجحة ضد الإمبراطورية البارثية. في عام 224 م، هزم أردشير آخر ملوك البارثيين، أردوان الرابع، في معركة هرمزغان، وبذلك أسس الإمبراطورية الساسانية.
قام أردشير الأول بتوحيد بلاد فارس تحت حكمه، وأعاد إحياء الديانة الزرادشتية كدين رسمي للدولة. كما قام بإصلاحات إدارية واقتصادية تهدف إلى تعزيز قوة الإمبراطورية. تزوج أردشير من ديناراغ وأنجب منها سابور الأول، الذي سيخلفه في الحكم.
- ديناراغ: زوجة أردشير الأول ووالدة سابور الأول.
- سابور الأول: ثاني ملوك الإمبراطورية الساسانية.
سابور الأول (241-272 م)
سابور الأول كان واحدًا من أعظم ملوك الساسانيين. واصل سياسة التوسع التي بدأها والده، وقاد حملات عسكرية ناجحة ضد الإمبراطورية الرومانية. تمكن سابور الأول من أسر الإمبراطور الروماني فاليريان في عام 260 م، وهو حدث تم تخليده في النقوش الصخرية الساسانية.
تميز عهد سابور الأول بالازدهار الثقافي والفني. قام بتشجيع العلوم والفنون، وبناء المدن والقصور الفخمة. كما سمح بممارسة الأديان الأخرى في الإمبراطورية، مثل المسيحية والمانوية. من بين أبناء سابور الأول: هرمز الأول، بهرام الأول، ونرسى.
- هرمز الأول: الابن الأكبر لسابور الأول وخليفته في الحكم.
- بهرام الأول: الابن الثاني لسابور الأول وخليفته بعد هرمز الأول.
- نرسى: الابن الثالث لسابور الأول وخليفته بعد بهرام الثاني.
هرمز الأول (272-273 م)
حكم هرمز الأول فترة قصيرة نسبيًا، لكنه كان ملكًا عادلاً وحكيمًا. قام بتخفيف الضرائب عن الشعب، وحاول تحسين العلاقات مع الإمبراطورية الرومانية. توفي هرمز الأول بعد فترة وجيزة من توليه الحكم، وخلفه أخوه بهرام الأول.
بهرام الأول (273-276 م)
تميز عهد بهرام الأول بالصراعات الدينية. كان بهرام الأول متأثرًا بالكهنة الزرادشتيين المتشددين، الذين قاموا باضطهاد أتباع الديانات الأخرى، وخاصة المانوية. تم إعدام ماني، مؤسس الديانة المانوية، في عهد بهرام الأول.
بهرام الثاني (276-293 م)
واجه بهرام الثاني العديد من التحديات خلال فترة حكمه، بما في ذلك الثورات الداخلية والغزوات الخارجية. قام بهرام الثاني بحملات عسكرية ضد الرومان والعرب، لكنه لم يحقق نجاحًا كبيرًا. خلف بهرام الثاني ابنه بهرام الثالث لفترة قصيرة.
نرسى (293-303 م)
استولى نرسى على العرش بعد فترة من الصراعات الداخلية. كان نرسى ملكًا قويًا وطموحًا، وقام بإصلاحات إدارية وعسكرية تهدف إلى تعزيز قوة الإمبراطورية. خاض نرسى حربًا ضد الإمبراطورية الرومانية، لكنه هُزم في معركة ساتالا عام 298 م. اضطر نرسى إلى التنازل عن أجزاء من أرمينيا وميسوبوتاميا للرومان. كان له ابن اسمه هرمز الثاني.
- هرمز الثاني: خليفة نرسى في الحكم.
هرمز الثاني (303-309 م)
حكم هرمز الثاني فترة قصيرة شهدت صراعات داخلية واضطرابات. قُتل هرمز الثاني على يد نبلاء متآمرين، وخلفه ابنه سابور الثاني.
سابور الثاني (309-379 م)
يُعتبر سابور الثاني واحدًا من أعظم ملوك الساسانيين، وربما الأطول حكماً. اعتلى سابور الثاني العرش وهو جنين في رحم أمه، حيث قام النبلاء بتتويجه قبل ولادته. قاد سابور الثاني حملات عسكرية ناجحة ضد الرومان والعرب، واستعاد السيطرة على الأراضي التي فقدها أسلافه. قام سابور الثاني بتعزيز قوة الإمبراطورية الساسانية، وحماية حدودها من الغزوات الخارجية. شهد عهده اضطهاد المسيحيين.
أردشير الثاني (379-383 م)
بعد وفاة سابور الثاني، تولى أردشير الثاني الحكم لفترة قصيرة. لم يكن يتمتع بشخصية قوية، وكان يعتمد على النبلاء في إدارة شؤون الدولة.
سابور الثالث (383-388 م)
خلف سابور الثالث أردشير الثاني، لكنه حكم لفترة قصيرة أيضًا. قُتل سابور الثالث على يد جنوده.
بهرام الرابع (388-399 م)
تميز عهد بهرام الرابع بالصراعات الداخلية والاضطرابات. حاول بهرام الرابع تعزيز سلطة الملك، لكنه واجه معارضة قوية من النبلاء.
يزدجرد الأول (399-420 م)
كان يزدجرد الأول شخصية مثيرة للجدل، حيث اتسم حكمه بالتناقضات. من ناحية، كان متسامحًا مع الأقليات الدينية، وخاصة المسيحيين، مما أكسبه لقب “المسيء”. ومن ناحية أخرى، اتُهم بالظلم والاستبداد. خلفه ابنه بهرام الخامس.
- بهرام الخامس (بهرام جور): خليفة يزدجرد الأول.
بهرام الخامس (420-438 م)
يُعتبر بهرام الخامس، المعروف أيضًا باسم بهرام جور، من أشهر ملوك الساسانيين. اشتهر بشجاعته وفروسيته وحبه للصيد. قاد بهرام الخامس حملات عسكرية ناجحة ضد الهون البيض، وحماية الإمبراطورية من غزواتهم. كما قام بتشجيع الفنون والآداب، وجعل من بلاطه مركزًا ثقافيًا مزدهرًا.
يزدجرد الثاني (438-457 م)
اتبع يزدجرد الثاني سياسة متشددة تجاه الأقليات الدينية، وخاصة المسيحيين واليهود. حاول يزدجرد الثاني فرض الديانة الزرادشتية على جميع سكان الإمبراطورية، مما أدى إلى اندلاع الثورات والاضطرابات.
هرمز الثالث (457-459 م)
حكم هرمز الثالث لفترة قصيرة، وواجه معارضة من أخيه بيروز الأول، الذي استولى على العرش بمساعدة الهون البيض.
بيروز الأول (459-484 م)
واجه بيروز الأول العديد من التحديات خلال فترة حكمه، بما في ذلك الحرب مع الهون البيض والمجاعة الشديدة. هُزم بيروز الأول في عدة معارك ضد الهون البيض، وقُتل في إحدى هذه المعارك عام 484 م.
بلاش (484-488 م)
تولى بلاش العرش بعد مقتل بيروز الأول، لكنه كان ملكًا ضعيفًا وغير قادر على مواجهة التحديات التي تواجه الإمبراطورية.
قباد الأول (488-496 م، 498-531 م)
حكم قباد الأول فترتين منفصلتين. في الفترة الأولى، أطيح به عن العرش بسبب دعمه للحركة المزدكية، وهي حركة دينية واجتماعية تدعو إلى المساواة. لجأ قباد الأول إلى الهون البيض، واستعاد العرش بمساعدتهم. في الفترة الثانية، قام قباد الأول بإصلاحات إدارية واقتصادية تهدف إلى تعزيز قوة الإمبراطورية. خلفه ابنه خسرو الأول.
- خسرو الأول (أنوشيروان): خليفة قباد الأول وأحد أعظم ملوك الساسانيين.
خسرو الأول (أنوشيروان) (531-579 م)
يُعتبر خسرو الأول، المعروف أيضًا باسم أنوشيروان العادل، واحدًا من أعظم ملوك الساسانيين. قام بإصلاحات شاملة في الإدارة والجيش والاقتصاد، مما جعل الإمبراطورية الساسانية أقوى وأكثر ازدهارًا. قام خسرو الأول بتقسيم الإمبراطورية إلى أربع مناطق عسكرية، وأنشأ نظامًا ضريبيًا عادلاً، وشجع العلوم والفنون. خاض خسرو الأول حروبًا ضد الإمبراطورية البيزنطية، وحقق انتصارات كبيرة.
هرمز الرابع (579-590 م)
كان هرمز الرابع ملكًا مستبدًا وغير شعبي. قام بإعدام العديد من النبلاء والقادة العسكريين، مما أدى إلى اندلاع الثورات والاضطرابات. أطيح بهرمز الرابع عن العرش على يد ابنه خسرو الثاني.
خسرو الثاني (أبرويز) (590-628 م)
يُعتبر خسرو الثاني، المعروف أيضًا باسم خسرو أبرويز، آخر الملوك العظام للإمبراطورية الساسانية. استعاد خسرو الثاني الأراضي التي فقدها أسلافه لصالح الإمبراطورية البيزنطية، وقام بغزو مصر وسوريا وفلسطين. لكن في النهاية، هُزم خسرو الثاني على يد الإمبراطور البيزنطي هرقل، وقُتل في انقلاب.
الفترة المضطربة (628-632 م)
بعد مقتل خسرو الثاني، دخلت الإمبراطورية الساسانية في فترة من الفوضى والاضطرابات. تولى العرش عدد من الملوك لفترات قصيرة، لكنهم لم يتمكنوا من استعادة الاستقرار.
يزدجرد الثالث (632-651 م)
كان يزدجرد الثالث آخر ملوك الإمبراطورية الساسانية. واجه يزدجرد الثالث الغزو الإسلامي لبلاد فارس، وهُزم في معركة القادسية عام 636 م ومعركة نهاوند عام 642 م. فر يزدجرد الثالث إلى الشرق، لكنه قُتل في مرو عام 651 م، وبذلك انتهت الإمبراطورية الساسانية.
خاتمة
كانت الإمبراطورية الساسانية قوة عظمى في الشرق الأدنى لعدة قرون. تركت الإمبراطورية الساسانية إرثًا ثقافيًا وفنيًا غنيًا، ولا تزال آثارها باقية حتى اليوم. لقد ساهمت الإمبراطورية الساسانية بشكل كبير في تطور الحضارة الإيرانية والإسلامية.