<![CDATA[
تشكيل الدومينيون والسنوات الأولى
في الأول من يوليو عام 1867، وُلدت كندا كدومينيون بموجب قانون أمريكا الشمالية البريطانية (لاحقًا قانون الدستور لعام 1867). وحد هذا القانون المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية، وهي مقاطعة كندا (التي قُسمت إلى أونتاريو وكيبيك)، ونيو برونزويك، ونوفا سكوشا. كان الاتحاد نتيجة لعدة عوامل، بما في ذلك الحاجة إلى الدفاع عن النفس ضد التوسع الأمريكي، والرغبة في تعزيز التجارة، والسعي نحو قدر أكبر من الاستقلال الذاتي من بريطانيا.
كان جون أ. ماكدونالد، أول رئيس وزراء لكندا، شخصية محورية في هذه الفترة. لعب دورًا حاسمًا في تشكيل السياسات الوطنية، بما في ذلك بناء السكك الحديدية العابرة للقارات، وسياسة “الشرق إلى الغرب”، والتي تهدف إلى ربط المقاطعات الكندية ببعضها البعض وتعزيز التجارة. واجه ماكدونالد تحديات كبيرة، بما في ذلك التوترات بين المقاطعات المختلفة، والقضايا المتعلقة بحقوق الأقليات، والتوسع غربًا.
التوسع والنمو الاقتصادي
شهدت كندا توسعًا كبيرًا غربًا خلال هذه الفترة. تم شراء أرض روبرت من شركة خليج هدسون في عام 1869، مما فتح الباب أمام الاستيطان والتنمية في السهول الغربية. أدى بناء السكك الحديدية العابرة للقارات، الذي اكتمل في عام 1885، إلى ربط شرق كندا وغربها، وتسهيل حركة البضائع والأشخاص، وفتح مناطق جديدة للاستيطان. لعبت السكك الحديدية دورًا حاسمًا في نمو الاقتصاد الكندي، وخاصة في قطاعات الزراعة والتعدين وقطع الأشجار.
شهد الاقتصاد الكندي نموًا مطردًا خلال هذه الفترة، مدفوعًا بالزراعة والصناعة والتجارة. أصبحت كندا واحدة من أكبر منتجي القمح في العالم، وساهمت الصادرات الزراعية في النمو الاقتصادي. كما شهدت الصناعة نموًا كبيرًا، وخاصة في قطاعات مثل النسيج والمعادن والصناعات التحويلية. ازدهرت التجارة مع بريطانيا والولايات المتحدة، على الرغم من بعض التوترات التجارية.
التحديات الاجتماعية والسياسية
واجهت كندا تحديات اجتماعية وسياسية كبيرة خلال هذه الفترة. كانت العلاقات بين الكنديين الناطقين بالفرنسية والناطقين بالإنجليزية غالبًا متوترة، خاصة في كيبيك. أثار إعدام لويس ريل في عام 1885، زعيم شعب الميتي، انقسامًا حادًا في البلاد. واجه السكان الأصليون أيضًا تحديات كبيرة، بما في ذلك فقدان الأراضي والتمييز والتعرض للإجبار على الالتحاق بالمدارس الداخلية.
شهدت السياسة الكندية صعود وسقوط الأحزاب السياسية، وتشكيل الحكومات الائتلافية. استمر الحزب الليبرالي والمحافظين في الهيمنة على المشهد السياسي. شهدت هذه الفترة أيضًا صعود الحركة العمالية، وظهور النقابات العمالية، والمطالبة بحقوق العمال وظروف عمل أفضل.
الحرب العالمية الأولى
انتهت هذه الفترة ببدء الحرب العالمية الأولى في عام 1914. أعلنت كندا الحرب إلى جانب بريطانيا، مما أدى إلى حشد كبير للقوات الكندية وإرسالها إلى أوروبا. كان للحرب تأثير كبير على كندا، من حيث الخسائر البشرية والاجتماعية والاقتصادية. أدت الحرب إلى تسريع عملية تشكيل الهوية الوطنية الكندية، وزيادة الاستقلال عن بريطانيا.
شاركت كندا بفاعلية في الحرب العالمية الأولى، حيث أرسلت مئات الآلاف من الجنود إلى الجبهة. أظهر الجنود الكنديون شجاعة وبسالة في القتال، وخاصة في معارك مثل معركة يبر ومعركة السوم. كان للحرب تأثير كبير على المجتمع الكندي، بما في ذلك زيادة دور المرأة في سوق العمل، وتغيير المواقف الاجتماعية، وتراجع النفوذ البريطاني.
التطورات الثقافية والفنية
شهدت كندا تطورات ثقافية وفنية مهمة خلال هذه الفترة. ظهرت كتابات جديدة، مثل أعمال المؤلفين الكنديين البارزين مثل ستيفن ليكوك ولوسي مود مونتغمري. تطورت الفنون البصرية، مع ظهور مجموعات فنية جديدة. شهدت الموسيقى والمسرح نموًا ملحوظًا، مما ساهم في تشكيل الهوية الثقافية الكندية.
شهدت هذه الفترة أيضًا تطورًا في مجال الصحافة والإعلام. ظهرت صحف ومجلات جديدة، مما ساهم في نشر المعلومات والأفكار وتعزيز النقاش العام. لعبت الصحافة والإعلام دورًا مهمًا في تشكيل الرأي العام والمساهمة في تشكيل الهوية الوطنية.
العلاقات مع بريطانيا والولايات المتحدة
كانت العلاقات مع بريطانيا والولايات المتحدة من القضايا الرئيسية في السياسة الخارجية الكندية خلال هذه الفترة. سعت كندا إلى الحفاظ على علاقات وثيقة مع بريطانيا، مع السعي في نفس الوقت إلى الحصول على قدر أكبر من الاستقلال الذاتي. كانت العلاقات مع الولايات المتحدة معقدة، مع وجود قضايا تجارية وحدودية أدت إلى توترات في بعض الأحيان. سعت كندا إلى الحفاظ على علاقات سلمية مع الولايات المتحدة، مع الدفاع عن مصالحها الوطنية.
شهدت العلاقات بين كندا وبريطانيا تطورًا تدريجيًا نحو الاستقلال. بدأت كندا في الحصول على سيطرة أكبر على شؤونها الخارجية، مع المشاركة في المؤتمرات الإمبراطورية والمطالبة بالمزيد من الاستقلالية. كانت العلاقات مع الولايات المتحدة معقدة، مع وجود قضايا حدودية وتجارية. تفاوضت كندا مع الولايات المتحدة على اتفاقيات تجارية، مع الحفاظ على علاقات وثيقة مع بريطانيا.
المرأة وحقوق المرأة
شهدت هذه الفترة بداية ظهور حركة حقوق المرأة في كندا. بدأت النساء في المطالبة بحقوقهن السياسية والاجتماعية والاقتصادية. حصلت بعض النساء على حقوق التصويت في الانتخابات المحلية. بدأت النساء في الحصول على فرص أكبر في التعليم والعمل. لعبت النساء دورًا مهمًا في الحرب العالمية الأولى، مما ساهم في تسريع عملية حصولهن على حقوقهن.
شهدت هذه الفترة أيضًا بداية ظهور منظمات نسائية، مثل جمعية النساء الكنديات (IODE). لعبت هذه المنظمات دورًا مهمًا في الدفاع عن حقوق المرأة والمساهمة في التنمية الاجتماعية. ساهمت النساء في مجالات مختلفة، مثل التعليم والتمريض والعمل في المصانع. كانت الحرب العالمية الأولى بمثابة نقطة تحول في حركة حقوق المرأة، حيث شاركت النساء في المجهود الحربي وحصلن على حقوق أكبر.
التنمية الزراعية
كانت الزراعة قطاعًا حيويًا في الاقتصاد الكندي خلال هذه الفترة. شهدت السهول الغربية توسعًا كبيرًا في الزراعة، مع استيطان مزارعين من مختلف أنحاء العالم. أدت التطورات في التكنولوجيا الزراعية، مثل الحصادات والمحاريث، إلى زيادة الإنتاجية. لعبت السكك الحديدية دورًا حاسمًا في نقل المنتجات الزراعية إلى الأسواق.
أدى التوسع الزراعي إلى نمو المدن والبلدات في السهول الغربية. ظهرت مجتمعات جديدة، وازدهرت التجارة والخدمات. واجه المزارعون تحديات، مثل تقلبات الأسعار والظروف الجوية القاسية. عملت الحكومة على دعم المزارعين من خلال توفير القروض والتدريب والبحث الزراعي.
التنمية الصناعية
شهدت الصناعة الكندية نموًا مطردًا خلال هذه الفترة. تطورت صناعات مثل النسيج والمعادن والصناعات التحويلية. أدت التطورات في التكنولوجيا، مثل استخدام الكهرباء، إلى زيادة الإنتاجية. لعبت الصناعة دورًا مهمًا في خلق فرص العمل والمساهمة في النمو الاقتصادي.
تركزت الصناعة في المدن والمراكز الحضرية. شهدت المدن نموًا سكانيًا كبيرًا، مما أدى إلى ظهور مشاكل مثل الازدحام والتلوث. بدأت النقابات العمالية في الظهور، للدفاع عن حقوق العمال وظروف عملهم. عملت الحكومة على تنظيم الصناعة وحماية حقوق العمال.
خاتمة
كانت الفترة التي أعقبت الاتحاد (1867-1914) فترة تحول حاسمة في تاريخ كندا. شهدت البلاد نموًا وتوسعًا كبيرين، وتشكيلًا للهوية الوطنية، وتحديات داخلية وخارجية. أدت التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى تحويل كندا إلى دولة نامية وناضجة. ساهمت الحرب العالمية الأولى في تسريع عملية تشكيل الهوية الوطنية الكندية وزيادة الاستقلال عن بريطانيا. على الرغم من التحديات التي واجهتها، وضعت هذه الفترة الأساس لكندا الحديثة.