نشأتها وبداياتها
ولدت إيما روتشيلد في عام 1948 في لندن، المملكة المتحدة. تنحدر من عائلة يهودية بارزة، وهي ابنة الأستاذة ميريام لويز روتشيلد، عالمة الحيوان المشهورة، والضابط تشارلز روتشيلد. تلقت تعليمها في مدرسة هولاند بارك الثانوية في لندن. ثم التحقت بكلية سانت جون في جامعة أكسفورد، حيث درست الفلسفة والسياسة والاقتصاد (PPE)، وتخرجت بدرجة البكالوريوس في عام 1969. حصلت على درجة الماجستير والدكتوراه من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT). خلال دراستها، أظهرت روتشيلد اهتمامًا كبيرًا بالتاريخ الاقتصادي والفكر الاقتصادي، الأمر الذي وجه مسيرتها الأكاديمية اللاحقة.
مسيرتها المهنية
بدأت إيما روتشيلد مسيرتها المهنية في التدريس في جامعة أكسفورد، حيث شغلت منصب زميل باحث في كلية أوريل. ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة، حيث انضمت إلى هيئة التدريس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. شغلت منصب أستاذة في قسم الاقتصاد والتاريخ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا قبل أن تنتقل إلى جامعة هارفارد. في هارفارد، شغلت منصب أستاذة تاريخ في قسم التاريخ، حيث تخصصت في تاريخ الفكر الاقتصادي والتاريخ الفرنسي. شغلت أيضًا منصب مديرة مركز ويذريدج للدراسات الأوروبية في جامعة هارفارد.
خلال مسيرتها المهنية، نشرت روتشيلد العديد من الكتب والمقالات البحثية المؤثرة. قدمت هذه الأعمال مساهمات كبيرة في فهمنا لتاريخ الفكر الاقتصادي، وتاريخ التنمية الاقتصادية، والعلاقة بين الاقتصاد والمجتمع. عملها يتميز بالجمع بين الدقة التاريخية والتحليل الاقتصادي، مما يوفر رؤى قيمة حول التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي واجهها العالم على مر التاريخ. وقد قامت بالتدريس في عدد من الجامعات المرموقة، وأشرفت على العديد من رسائل الدكتوراه، وألهمت أجيالًا من الطلاب والباحثين.
أعمالها البارزة
أحد أبرز أعمال إيما روتشيلد هو كتابها “الاقتصاد العاطفي: عالم آدم سميث” (Economic Sentiments: Adam Smith, Condorcet and the Enlightenment). في هذا الكتاب، تتناول روتشيلد أفكار آدم سميث، أحد أهم المفكرين الاقتصاديين في التاريخ، وتضعها في سياقها التاريخي والفكري. وهي تدرس كيف أثرت العواطف والمعتقدات الأخلاقية على فهم سميث للاقتصاد والمجتمع. هذا العمل يمثل مساهمة مهمة في فهمنا لتطور الفكر الاقتصادي وعلاقته بالفلسفة والأخلاق. وتبرز روتشيلد في الكتاب دور العواطف في تشكيل النماذج الاقتصادية والاجتماعية.
كتاب آخر مهم لها هو “المال والحب: مذكرات في الاقتصاد السياسي” (The Inner Life of Empires: An Eighteenth-Century Portrait). في هذا الكتاب، تستكشف روتشيلد جوانب مختلفة من الاقتصاد السياسي في القرن الثامن عشر، مع التركيز على كيفية تأثير السياسة والثقافة على الاقتصاد. تقدم روتشيلد تحليلًا عميقًا للعديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية، مثل دور المال، والعلاقات بين الدول، وتأثير الاستعمار. يظهر هذا الكتاب قدرة روتشيلد على ربط التاريخ الاقتصادي بالتحليل السياسي والاجتماعي.
إضافة إلى هذين الكتابين، نشرت روتشيلد العديد من المقالات والمساهمات في المجلات العلمية والكتب المحررة. غالبًا ما تركز هذه الأعمال على قضايا مثل تاريخ الفكر الاقتصادي، وتاريخ التنمية الاقتصادية، والعلاقة بين الاقتصاد والمجتمع. ساهمت أبحاثها في تعزيز فهمنا للعلاقات المعقدة بين الاقتصاد والسياسة والثقافة على مر التاريخ. من خلال أعمالها، قدمت روتشيلد رؤى جديدة حول كيفية تشكل الأفكار الاقتصادية وتأثيرها على العالم.
مساهماتها الفكرية
تتميز مساهمات إيما روتشيلد الفكرية بالجمع بين الدقة التاريخية والتحليل الاقتصادي العميق. فهي لا تكتفي بتحليل الأفكار الاقتصادية في سياقها التاريخي، بل تحاول أيضًا فهم كيف أثرت هذه الأفكار على الواقع. تعمل روتشيلد على إظهار كيف أن الفكر الاقتصادي ليس مجرد مجموعة من النظريات المجردة، بل هو جزء لا يتجزأ من التاريخ الاجتماعي والسياسي.
من بين أهم مساهماتها:
- التأكيد على أهمية السياق التاريخي: تصر روتشيلد على أهمية فهم الأفكار الاقتصادية في سياقها التاريخي والاجتماعي. فهي تعتقد أن فهم الأفكار الاقتصادية يتطلب معرفة الظروف التاريخية التي ظهرت فيها.
- تحليل العلاقة بين الاقتصاد والمجتمع: تهتم روتشيلد بتحليل العلاقة بين الاقتصاد والمجتمع، وكيف تؤثر العوامل الاجتماعية والثقافية على الاقتصاد.
- دراسة دور العواطف في الاقتصاد: تولي روتشيلد اهتمامًا خاصًا لدور العواطف في الاقتصاد. فهي تعتقد أن العواطف، مثل الحب والخوف، تلعب دورًا مهمًا في اتخاذ القرارات الاقتصادية.
- التركيز على تاريخ الفكر الاقتصادي: تقدم روتشيلد مساهمات كبيرة في فهمنا لتاريخ الفكر الاقتصادي، وكيف تطورت الأفكار الاقتصادية على مر التاريخ.
من خلال عملها، تهدف روتشيلد إلى إظهار كيف أن الاقتصاد ليس مجرد علم تقني، بل هو أيضًا مجال يتشابك مع الفلسفة والأخلاق والتاريخ والثقافة. إن مساهماتها الفكرية تجعلها واحدة من أبرز المؤرخين الاقتصاديين في العصر الحديث.
الجوائز والتكريمات
حصلت إيما روتشيلد على العديد من الجوائز والتكريمات على مساهماتها في مجال التاريخ الاقتصادي. وقد تم الاعتراف بأعمالها وأهميتها من قبل الأوساط الأكاديمية والمنظمات الدولية.
تشمل بعض الجوائز والتكريمات التي حصلت عليها:
- حصلت على زمالة غوغنهايم.
- تم انتخابها كزميلة في الأكاديمية البريطانية.
- حصلت على العديد من الجوائز عن كتبها وأبحاثها.
هذه الجوائز والتكريمات تعكس التقدير الكبير الذي تحظى به روتشيلد في الأوساط الأكاديمية، وتؤكد على أهمية مساهماتها في مجال التاريخ الاقتصادي.
مواقفها السياسية والاجتماعية
تُعرف إيما روتشيلد بمواقفها السياسية والاجتماعية التقدمية. وهي تدعم قضايا مثل العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان. كما أنها تهتم بقضايا البيئة والتغير المناخي. تظهر هذه الاهتمامات في كتاباتها ومحاضراتها، حيث تشجع على التفكير النقدي والمشاركة الفعالة في القضايا المجتمعية.
شاركت روتشيلد في العديد من الفعاليات والمؤتمرات التي تناقش القضايا الاجتماعية والسياسية. وهي تؤمن بأهمية التعليم والبحث العلمي في إحداث التغيير الإيجابي في العالم. وقد ساهمت أفكارها ومواقفها في تشكيل النقاش العام حول العديد من القضايا المهمة.
تأثيرها وإرثها
ترك عمل إيما روتشيلد تأثيرًا كبيرًا في مجال التاريخ الاقتصادي، وألهمت العديد من الطلاب والباحثين. تعتبر أفكارها ومساهماتها مرجعًا أساسيًا للباحثين في مجالات تاريخ الفكر الاقتصادي، والتاريخ الاقتصادي، والتاريخ الاجتماعي. وقد ساهمت في إعادة تقييم العديد من الأفكار الاقتصادية التقليدية، وفتحت الباب أمام رؤى جديدة حول العلاقة بين الاقتصاد والمجتمع والسياسة.
يعتبر إرثها الأكاديمي مهمًا، وهي مستمرة في التأثير على الأجيال القادمة من الباحثين والطلاب. كما أن عملها يساهم في فهمنا للعالم من حولنا، ويشجع على التفكير النقدي والتحليل العميق للقضايا الاقتصادية والاجتماعية.
خاتمة
إيما روتشيلد شخصية بارزة في مجال التاريخ الاقتصادي، وقد تركت بصمة واضحة في هذا المجال من خلال أعمالها المتميزة. قدمت مساهمات كبيرة في فهمنا للعلاقة بين الاقتصاد والمجتمع والسياسة، وأثرت أفكارها في مجالات متنوعة. تتميز أعمالها بالجمع بين الدقة التاريخية والتحليل الاقتصادي، مما يوفر رؤى قيمة حول التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي واجهها العالم على مر التاريخ. إن إرثها الأكاديمي مستمر في التأثير على الأجيال القادمة من الباحثين والطلاب، مما يجعلها واحدة من أهم المؤرخين الاقتصاديين في العصر الحديث.
المراجع
- Economic Sentiments: Adam Smith, Condorcet and the Enlightenment
- The Inner Life of Empires: An Eighteenth-Century Portrait
- Emma Rothschild – Britannica
- Economic Sentiments: Adam Smith, Condorcet and the Enlightenment
“`