نشأته وبداياته
ولد إيفريت في هوليوود، كاليفورنيا. حصل على درجة البكالوريوس في اللغويات من جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس عام 1977، ثم حصل على درجة الماجستير والدكتوراه في اللغويات من جامعة ولاية كامبريدج. بدأ إيفريت اهتمامه باللغويات أثناء عمله كمرسل تبشيري في البرازيل، حيث تعلم اللغة البرتغالية وتعامل مع العديد من القبائل الأصلية.
عمله في البرازيل واللغة البيرها
أكثر ما اشتهر به إيفريت هو عمله مع شعب البيرها، وهي قبيلة تعيش في منطقة الأمازون في البرازيل. أمضى إيفريت سنوات عديدة في العيش مع البيرها، وتعلم لغتهم، ودرس ثقافتهم. أدت أبحاثه إلى اكتشافات مثيرة للاهتمام، حيث أشار إلى أن لغة البيرها تتميز بخصائص فريدة تختلف عن العديد من اللغات الأخرى المعروفة.
خصائص لغة البيرها المثيرة للجدل
أحد أبرز جوانب لغة البيرها التي أثارت الجدل هو افتقارها إلى بعض العناصر التي تعتبر أساسية في العديد من اللغات الأخرى. على سبيل المثال، لا تحتوي لغة البيرها على أرقام، أو ألوان محددة، أو كلمات تدل على الكميات المطلقة. بالإضافة إلى ذلك، يزعم إيفريت أن البيرها لا يمتلكون قواعد نحوية معقدة أو هياكل جملية متداخلة كما هو الحال في لغات أخرى. كما ادعى أنهم لا يستخدمون مفاهيم مثل الماضي والمستقبل.
التحدي للنظريات السائدة
استندت تفسيرات إيفريت للغة البيرها إلى تحدي النظريات السائدة في اللغويات المعرفية، وخاصة تلك التي طورها نعوم تشومسكي. يعتبر تشومسكي أن اللغة فطرية ومتأصلة في العقل البشري، وتعتمد على مجموعة من القواعد النحوية العالمية. ومع ذلك، يزعم إيفريت أن لغة البيرها تختلف بشكل كبير عن هذه القواعد، مما يشير إلى أن اللغة قد تكون أكثر مرونة وقابلة للتكيف مع الثقافة والبيئة المحيطة.
التأثير الثقافي والبيئي
يرى إيفريت أن لغة البيرها وثقافتهم مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالبيئة المحيطة بهم. يعتقد أن طبيعة اللغة تعكس طريقة تفكيرهم ونظرتهم للعالم، والتي تختلف اختلافًا كبيرًا عن الثقافات الغربية. كما أنه يشدد على أهمية الحفاظ على لغة البيرها وثقافتهم، حيث يرى أنها تواجه تهديدات بسبب الاتصال بالعالم الخارجي.
نقد نظريات إيفريت
بالرغم من شهرة إيفريت الواسعة، إلا أن نظرياته قوبلت بانتقادات واسعة من قبل علماء اللغويات الآخرين. يجادل بعض النقاد بأن تفسيرات إيفريت للغة البيرها مبالغ فيها، وأن بعض ادعاءاته غير دقيقة. على سبيل المثال، شكك البعض في ادعائه بأن البيرها يفتقرون إلى مفاهيم مثل الأرقام والألوان. كما انتقدوه لإساءة فهم بعض جوانب اللغة.
الدفاع عن نظرياته
رد إيفريت على الانتقادات بالدفاع عن أبحاثه ونتائجه. يؤكد أنه أمضى سنوات عديدة في دراسة اللغة البيرها، وأن استنتاجاته تستند إلى الملاحظات الدقيقة والتحليل اللغوي. كما يشير إلى أن بعض النقاد لم يدرسوا اللغة بشكل مباشر، وأنهم يعتمدون على فهم سطحي للغة البيرها وثقافتهم. يرى أن النقاش الدائر حول عمله أمر صحي، وأنه يساعد على تطوير فهمنا للغة والفكر البشري.
أهمية عمل إيفريت
على الرغم من الجدل الدائر حول عمله، إلا أن مساهمات إيفريت في مجال اللغويات لا يمكن إنكارها. لقد أثار أسئلة مهمة حول طبيعة اللغة، وقدرتها على التكيف، وعلاقتها بالثقافة والبيئة. أثارت أبحاثه نقاشًا نشطًا بين العلماء، مما أدى إلى فهم أعمق للغات المختلفة، وتعزيز البحث في مجال اللغويات المعرفية. بالإضافة إلى ذلك، ساعد عمل إيفريت في زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على اللغات والثقافات المهددة بالانقراض.
مساهمات إضافية
بالإضافة إلى عمله في مجال اللغويات، كتب إيفريت العديد من الكتب والمقالات حول مواضيع مختلفة، بما في ذلك الدين والثقافة. يعتبر كتابه “لا تنم: الدين واللغة، والثقافة والتفكير الإنساني” (2008) من أشهر مؤلفاته، حيث يقدم فيه رؤية شاملة حول العلاقة بين الدين واللغة والثقافة. يشارك إيفريت بانتظام في المؤتمرات والمحاضرات، حيث يناقش أفكاره وينشر المعرفة حول اللغات والثقافات المختلفة.
التحديات المستقبلية
يواجه إيفريت تحديات مستقبلية في الحفاظ على استمرار أبحاثه وتطويرها. يتطلب العمل الميداني المكثف والتعامل مع المجتمعات الأصلية موارد ووقتًا كبيرين. بالإضافة إلى ذلك، يجب عليه الاستمرار في مواجهة الانتقادات وتطوير أساليب بحثه. ومع ذلك، يظل إيفريت ملتزمًا بعمله، ويسعى إلى تعميق فهمنا للغة والفكر البشري، وتعزيز الحوار بين الثقافات المختلفة.
التقييم العام لعمل إيفريت
يُعد عمل دانيال إيفريت من الأعمال المثيرة للجدل، ولكنه يمثل إسهامًا هامًا في مجال اللغويات. لقد أثار أسئلة جوهرية حول طبيعة اللغة، وعلاقتها بالثقافة والبيئة. على الرغم من الانتقادات التي وجهت إليه، إلا أن أبحاثه أدت إلى تعزيز النقاش العلمي، وزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على اللغات والثقافات المهددة بالانقراض. تبقى مساهماته محورية في فهمنا لتنوع اللغة البشرية.
خاتمة
دانيال إيفريت هو عالم لغويات ومؤلف أمريكي، اشتهر بدراسته للغة البيرها في حوض الأمازون. لقد أثار عمله جدلاً واسعًا في مجال اللغويات، حيث تحدى النظريات السائدة حول طبيعة اللغة. على الرغم من الانتقادات، إلا أن مساهمات إيفريت لا تزال مؤثرة، وتساهم في فهمنا الأعمق للغة والفكر البشري، وأهمية الحفاظ على التنوع اللغوي والثقافي.