خلفية الهجمات
في أواخر الثمانينيات، تأسست حركة طالبان في أفغانستان بدعم من الولايات المتحدة وباكستان والمملكة العربية السعودية، وذلك لمواجهة الغزو السوفيتي لأفغانستان. وبعد انسحاب القوات السوفيتية، استمرت طالبان في السيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد، وقامت بتوفير ملاذ آمن لتنظيم القاعدة، بقيادة أسامة بن لادن. كان بن لادن قد أعلن الحرب على الولايات المتحدة في عام 1996، بسبب ما اعتبره تدخلًا أمريكيًا في العالم الإسلامي ووجود القوات الأمريكية في المملكة العربية السعودية.
في عام 1998، نفذت القاعدة هجمات على السفارات الأمريكية في تنزانيا وكينيا، مما أدى إلى مقتل المئات. ثم في عام 2000، هاجمت القاعدة المدمرة الأمريكية يو إس إس كول في اليمن. هذه الهجمات كانت بمثابة إرهاصات للهجمات الأكثر دموية التي ستأتي.
تفاصيل الهجمات
في صباح يوم 11 سبتمبر 2001، اختطف 19 إرهابيًا من القاعدة أربع طائرات ركاب تجارية أمريكية. تم تقسيم المختطفين إلى أربعة فرق، كل منها مجهزة بالأسلحة البيضاء.
- الرحلة 11 التابعة لشركة الخطوط الجوية الأمريكية: انطلقت من مطار لوجان الدولي في بوسطن متجهة إلى لوس أنجلوس. اصطدمت الطائرة بالبرج الشمالي لمركز التجارة العالمي في نيويورك في الساعة 8:46 صباحًا بالتوقيت الشرقي.
- الرحلة 175 التابعة لشركة الخطوط الجوية المتحدة: انطلقت أيضًا من مطار لوجان الدولي متجهة إلى لوس أنجلوس. اصطدمت الطائرة بالبرج الجنوبي لمركز التجارة العالمي في الساعة 9:03 صباحًا.
- الرحلة 77 التابعة للخطوط الجوية الأمريكية: انطلقت من مطار واشنطن دالاس الدولي متجهة إلى لوس أنجلوس. اصطدمت الطائرة بالبنتاغون في أرلينغتون، فيرجينيا، في الساعة 9:37 صباحًا.
- الرحلة 93 التابعة للخطوط الجوية المتحدة: انطلقت من مطار نيوآرك ليبرتي الدولي في نيو جيرسي متجهة إلى سان فرانسيسكو. تحطمت الطائرة في حقل بالقرب من شانكسفيل، بنسلفانيا، في الساعة 10:03 صباحًا، بعد أن قاوم الركاب والطاقم المختطفين.
أدى اصطدام الطائرات بالبرجين التوأمين إلى اشتعال النيران فيهما وانهيارهما في غضون ساعات قليلة. كما تسبب اصطدام الطائرة بالبنتاغون في أضرار جسيمة بالمبنى. كان عدد القتلى في الهجمات: 2,977 شخصًا، بمن فيهم 2,753 قتلوا في مدينة نيويورك، و184 في البنتاغون، و40 في ولاية بنسلفانيا. كان معظم الضحايا من المدنيين، بمن فيهم مواطنون من أكثر من 90 دولة مختلفة. وقد لقي جميع من كانوا على متن الطائرات الأربع حتفهم.
الاستجابة للهجمات
بعد الهجمات، أعلنت الولايات المتحدة الحرب على الإرهاب. بدأت الحكومة الأمريكية في تعزيز الإجراءات الأمنية في المطارات والمباني الحكومية، وقامت بإنشاء وزارة الأمن الداخلي. كما شنت الولايات المتحدة حملات عسكرية في أفغانستان والعراق للقضاء على تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات الإرهابية.
في أكتوبر 2001، بدأت الولايات المتحدة عملية “الحرية الدائمة” في أفغانستان، بهدف الإطاحة بنظام طالبان وتدمير معسكرات تدريب تنظيم القاعدة. وفي عام 2003، غزت الولايات المتحدة العراق للإطاحة بنظام صدام حسين، الذي اتُهم بامتلاك أسلحة دمار شامل ودعم الإرهاب.
أدت الهجمات وردود الفعل عليها إلى تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية الأمريكية. أصبحت مكافحة الإرهاب أولوية قصوى للولايات المتحدة، وزادت الميزانية العسكرية بشكل كبير. كما أدت الهجمات إلى زيادة التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، ولكنها أثارت أيضًا جدلاً حول قضايا حقوق الإنسان والتدخل العسكري.
تأثير الهجمات
كان لهجمات الحادي عشر من سبتمبر تأثيرات بعيدة المدى على الولايات المتحدة والعالم بأسره. بعض هذه التأثيرات تشمل:
- التغيرات الأمنية: أدت الهجمات إلى تغييرات جذرية في الأمن في المطارات وغيرها من الأماكن العامة. تم تشديد إجراءات الفحص الأمني، وإنشاء وكالات أمنية جديدة مثل إدارة أمن النقل (TSA).
- الحرب على الإرهاب: أطلقت الولايات المتحدة “الحرب على الإرهاب”، والتي شملت حملات عسكرية في أفغانستان والعراق، وزيادة المراقبة والاستخبارات، وتعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب.
- التأثير الاقتصادي: تسببت الهجمات في خسائر اقتصادية كبيرة، بما في ذلك تدمير البنية التحتية، وتعطيل التجارة، وتراجع أسواق الأسهم.
- التأثير الاجتماعي والثقافي: أدت الهجمات إلى تغييرات في المواقف الاجتماعية والثقافية في الولايات المتحدة، بما في ذلك زيادة الوطنية، والخوف من الإسلام، وتغيرات في الثقافة الشعبية.
- التدخلات العسكرية: أدت الهجمات إلى تدخلات عسكرية أمريكية في أفغانستان والعراق، مما أدى إلى نزاعات طويلة الأمد وتكبد خسائر كبيرة في الأرواح والأموال.
- العلاقات الدولية: غيرت الهجمات العلاقات الدولية، وزادت من التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب، ولكنها أثارت أيضًا جدلاً حول قضايا حقوق الإنسان والتدخل العسكري.
أحداث ما بعد الهجمات
بعد الهجمات، تواصل الولايات المتحدة تعقب وملاحقة قادة وأعضاء تنظيم القاعدة. في عام 2011، قتلت القوات الأمريكية أسامة بن لادن في باكستان. ومع ذلك، استمرت الجماعات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، في الظهور والنشاط في مناطق مختلفة من العالم.
لا تزال تداعيات هجمات 9/11 محسوسة حتى اليوم. فقد تركت هذه الهجمات أثرًا دائمًا على الأمن العالمي، والسياسة، والمجتمع. وقد أدت إلى تغييرات كبيرة في طريقة تعاملنا مع الإرهاب، وكيفية تنظيمنا لأمننا، وكيفية تفاعلنا مع العالم.
خاتمة
كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر مأساة إنسانية هائلة تركت بصمة عميقة على العالم. أدت الهجمات إلى تغييرات جذرية في السياسة الأمريكية والعالمية، وأثارت نقاشات معقدة حول الأمن، والحريات المدنية، والتدخل العسكري. على الرغم من مرور سنوات، لا تزال تداعيات هذه الهجمات محسوسة، وتذكرنا بأهمية السلام والتعاون العالمي في مواجهة التهديدات المشتركة.