أصل الكلمة ومعناها
كلمة “تيهوم” مشتقة من الجذر العبري “ת-ה-ם” (ت-ه-م)، والذي يشير إلى العمق، أو الغمر، أو الهاوية. في سياق الكتاب المقدس، غالبًا ما يُترجم هذا المصطلح إلى “العمق” أو “المياه العميقة”. يشير إلى كتلة المياه البدائية التي كانت موجودة قبل أن يخلق الله الأرض والكون. في بعض السياقات، يمكن أن تشير إلى المحيط أو البحار، أو حتى الفوضى البدائية.
تيهوم في سفر التكوين
يظهر تيهوم بشكل بارز في سفر التكوين، في وصف عملية الخلق. في الآية الأولى من سفر التكوين، يُذكر أن “الأرض كانت خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة”. في هذه المرحلة، كان تيهوم يغطي الأرض، وكان يمثل الفوضى والظلام. بعد ذلك، يبدأ الله في تقسيم المياه وخلق السماء والأرض. يتم تقسيم المياه التي فوق الجلدة والمياه التي تحت الجلدة، وتتشكل الأرض. يمثل هذا التقسيم عملية النظام والإبداع من الفوضى البدائية.
في التكوين 1:6-7، يقول الله: “ليكن جلد بين المياه، وليكن فاصلاً بين مياه ومياه”. فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلدة والمياه التي فوق الجلدة. وهكذا كان. يشير هذا إلى عملية الفصل بين المياه العلوية (التي قد تكون مرتبطة بالسماء أو الغلاف الجوي) والمياه السفلية (التي قد تكون مرتبطة بالمحيطات أو الخزانات الجوفية). هذه العملية هي جزء من عملية الخلق المنظمة التي تمارسها الإله. يمثل هذا الفصل نظامًا للكون من الفوضى، ويُظهر قدرة الله على إحداث النظام من اللا نظام.
تيهوم في الكتاب المقدس والتقاليد اليهودية
بالإضافة إلى سفر التكوين، يظهر تيهوم في العديد من الأماكن الأخرى في الكتاب المقدس، غالبًا ما يرتبط بالماء، والعمق، والقوة. غالبًا ما يُنظر إليه على أنه رمز للقوة الإلهية، والفوضى البدائية، والغموض. في بعض التقاليد اليهودية، يُنظر إلى تيهوم على أنه يمثل “مياه الحياة”، أو المصدر الروحاني للحياة. في هذه التقاليد، يرتبط تيهوم أيضًا بالبعد الروحي أو الإلهي.
في المزامير، غالبًا ما يُستخدم تيهوم لوصف قدرة الله على السيطرة على البحر والمسطحات المائية. على سبيل المثال، في المزمور 77:16، يقول المزمور: “رأتك المياه يا الله. رأتك المياه فارتعدت. الأعماق أيضاً اضطربت”. يعكس هذا المقطع قوة الله وسيطرته على عناصر الطبيعة. في هذه النصوص، يرتبط تيهوم أيضًا بالغموض والإثارة.
في التقاليد اليهودية، غالبًا ما يتم تفسير تيهوم على أنه يمثل القوة الإلهية القادرة على الخلق والتدمير. إنه يمثل قوة الفوضى البدائية التي سبقت الخلق، والتي كانت بحاجة إلى التنظيم والسيطرة من قبل الله. في بعض التفسيرات، يرتبط تيهوم بـ “الهاوية”، والتي يمكن أن تكون مكانًا للعقاب أو الموت.
تيهوم في الثقافة الشعبية
أثر مفهوم تيهوم على نطاق واسع في الفن والأدب والأعمال الإبداعية. ظهر تيهوم في الروايات، والأفلام، والألعاب، وفي الفن التشكيلي أيضًا. غالبًا ما يُستخدم كرمز للغموض، والعمق، والقوة الخفية. يُستخدم تيهوم أيضًا لتمثيل مواضيع مثل الخلق، والفوضى، والتدمير، والبدء.
في الأدب، غالبًا ما يستخدم تيهوم كرمز للغموض واللاوعي. في الأفلام، يمكن أن يمثل تيهوم عالمًا تحت الماء أو منطقة مجهولة أو قوة غامضة. في الألعاب، غالبًا ما يتم استخدامه كإعداد أو كرمز للتهديد. في الفن التشكيلي، يمكن أن يمثل تيهوم العمق والغموض، أو أن يمثل قوة الطبيعة البدائية.
الفرق بين تيهوم والكلمات الأخرى المشابهة
من المهم أن نفهم الفرق بين تيهوم والكلمات الأخرى المشابهة في الكتاب المقدس. على سبيل المثال، كلمة “يام” (ים) تعني “البحر”، في حين أن كلمة “تيهوم” تعني “العمق” أو “الهاوية”. يركز “يام” على المسطحات المائية السطحية، في حين أن “تيهوم” يشير إلى العمق المجهول. كلمة “شاول” (שאול) تعني “الهاوية” أو “الجحيم”. يمثل “شاول” عالم الموتى، في حين أن “تيهوم” يمثل الفوضى البدائية أو المحيط البدائي.
هذه المصطلحات مجتمعة تقدم لنا صورة شاملة للكون والكيفية التي تم بها تصوره في العصور القديمة. إن فهم هذه المصطلحات يساعد على فهم المعنى الرمزي الغني للكتاب المقدس.
أهمية تيهوم في اللاهوت
يلعب تيهوم دورًا هامًا في اللاهوت اليهودي والمسيحي. إنه يمثل العلاقة بين الله والعالم، وبين النظام والفوضى. يمثل تيهوم قوة الله على الخلق، وقدرته على إحضار النظام من الفوضى. إنه يمثل أيضًا حدود المعرفة البشرية، والغموض الذي يحيط بالخلق والإلهية. من خلال دراسة تيهوم، يمكننا أن نفهم بشكل أعمق طبيعة الله والعالم.
في اللاهوت، غالبًا ما يُنظر إلى تيهوم على أنه رمز للقوة الإلهية. فهو يمثل قدرة الله على الخلق والسيطرة على الكون. يمثل تيهوم أيضًا الفوضى التي سبقت الخلق، والتي كانت بحاجة إلى التنظيم من قبل الله. يذكرنا تيهوم بأن الله هو خالق كل شيء، وأنه يمتلك القدرة على تحويل الفوضى إلى نظام.
الخلاصة
تيهوم هي كلمة عبرية توراتية ذات أهمية كبيرة في الفكر اللاهوتي. يمثل العمق، والفوضى البدائية، والقوة الإلهية. يظهر تيهوم في سفر التكوين وفي أجزاء أخرى من الكتاب المقدس، وغالبًا ما يرتبط بالماء، والعمق، والغموض. يلعب تيهوم دورًا هامًا في فهم عملية الخلق، والعلاقة بين الله والعالم. إن فهم تيهوم يساعدنا على تقدير قوة الله، والغموض الذي يحيط بالخلق والإلهية.
المراجع
- سفر التكوين 1:2 (موقع سيفاريا)
- موسوعة بريتانيكا: تيهوم (Tehom)
- مجلة علم الآثار الكتابية: تيهوم، المياه العميقة في التكوين 1:2
- الموسوعة اليهودية: تيهوم
“`