أصل أنوبيس وتطوره
يعود أصل عبادة أنوبيس إلى عصور ما قبل الأسرات في مصر (حوالي 3100 قبل الميلاد). خلال هذه الفترة المبكرة، كان أنوبيس يُعتبر حاميًا للمقابر، حيث كان المصريون يعتقدون أن ابن آوى يحرس المقابر من اللصوص والحيوانات المفترسة. مع مرور الوقت، تطورت عبادة أنوبيس لتشمل دورًا أكثر أهمية في الحياة الآخرة.
في الدولة القديمة (حوالي 2686-2181 قبل الميلاد)، أصبح أنوبيس مرتبطًا بعملية التحنيط. كان يُعتقد أنه هو الذي أشرف على تحنيط جثة المتوفى، مما يضمن الحفاظ عليها بشكل صحيح للرحلة إلى العالم السفلي. كما كان يُعتقد أنه هو الذي يرشد روح المتوفى عبر العالم السفلي ويحميها من الأخطار.
في الدولة الوسطى (حوالي 2055-1650 قبل الميلاد)، أصبح أنوبيس مرتبطًا بمحكمة أوزوريس، حيث يتم وزن قلب المتوفى مقابل ريشة ماعت (إلهة الحق والعدالة). كان يُعتقد أن أنوبيس هو الذي يشرف على عملية الوزن ويقرر مصير روح المتوفى. إذا كان قلب المتوفى أثقل من ريشة ماعت، فسيتم إلقاؤه على الوحش آميت ليأكله، مما يؤدي إلى تدمير الروح. أما إذا كان قلب المتوفى أخف من ريشة ماعت، فسيتم السماح له بالمرور إلى العالم السفلي ويعيش إلى الأبد.
في العصر البطلمي (305-30 قبل الميلاد)، تم دمج أنوبيس مع الإله اليوناني هيرميس ليصبح إلهًا واحدًا يسمى هيرمانوبيس. كان هيرمانوبيس إلهًا شائعًا في مصر خلال هذه الفترة، حيث كان يُعبد كإله للحكمة والسحر والحياة الآخرة.
تصوير أنوبيس
غالبًا ما يتم تصوير أنوبيس برأس ابن آوى وجسم إنسان. عادة ما يكون رأسه أسود، وهو لون يرمز إلى التربة الخصبة في وادي النيل، وكذلك إلى عملية التحنيط. غالبًا ما يحمل صولجانًا أو عنخًا، وهما رموز للسلطة والحياة الأبدية. في بعض الأحيان، يتم تصويره وهو يرتدي جلد فهد.
في بعض التصويرات، يتم تصوير أنوبيس في شكل ابن آوى كامل. غالبًا ما يتم تصويره وهو يرقد على قمة مقبرة أو يحرس مومياء.
دور أنوبيس في التحنيط
كان لأنوبيس دور حاسم في عملية التحنيط. كان يُعتقد أنه هو الذي أشرف على عملية التحنيط، مما يضمن الحفاظ على جثة المتوفى بشكل صحيح للرحلة إلى العالم السفلي. كان الكهنة الذين يقومون بالتحنيط يرتدون أقنعة على شكل رأس ابن آوى لتمثيل أنوبيس.
تشمل عملية التحنيط إزالة الأعضاء الداخلية للمتوفى وتجفيف الجثة بالملح. ثم يتم لف الجثة بلفائف من الكتان ووضعها في تابوت. غالبًا ما يتم وضع التمائم والأشياء الثمينة الأخرى في التابوت لحماية المتوفى في العالم السفلي.
دور أنوبيس في الحياة الآخرة
كان يُعتقد أن أنوبيس هو الذي يرشد روح المتوفى عبر العالم السفلي ويحميها من الأخطار. كان يُعتقد أيضًا أنه هو الذي يشرف على محكمة أوزوريس، حيث يتم وزن قلب المتوفى مقابل ريشة ماعت. إذا كان قلب المتوفى أثقل من ريشة ماعت، فسيتم إلقاؤه على الوحش آميت ليأكله، مما يؤدي إلى تدمير الروح. أما إذا كان قلب المتوفى أخف من ريشة ماعت، فسيتم السماح له بالمرور إلى العالم السفلي ويعيش إلى الأبد.
كان المصريون يعتقدون أن الحياة الآخرة هي انعكاس للحياة على الأرض. كانوا يعتقدون أن المتوفى سيحتاج إلى الطعام والشراب والملابس والأشياء الأخرى التي كان يحتاجها في الحياة. لهذا السبب، غالبًا ما يتم وضع الطعام والشراب والملابس والأشياء الثمينة الأخرى في المقبرة مع المتوفى.
عبادة أنوبيس
كانت عبادة أنوبيس شائعة في جميع أنحاء مصر القديمة. كانت هناك العديد من المعابد المخصصة لأنوبيس، وكان الكهنة الذين يخدمون في هذه المعابد يتمتعون بمكانة عالية. كان أنوبيس يُعبد أيضًا في المنازل، حيث كان الناس يقدمون له القرابين ويتلون الصلوات لطلب حمايته.
استمرت عبادة أنوبيس حتى العصر الروماني. في الواقع، تم العثور على معبد مخصص لأنوبيس في روما نفسها.
أهمية أنوبيس في الثقافة الحديثة
لا يزال أنوبيس شخصية مشهورة في الثقافة الحديثة. غالبًا ما يظهر في الأفلام والبرامج التلفزيونية وألعاب الفيديو والكتب. غالبًا ما يتم تصويره كإله قوي وغامض، وهو يمثل الموت والحياة الآخرة.
إن صورة أنوبيس برأس ابن آوى وجسم إنسان هي صورة مميزة ومألوفة للكثير من الناس حول العالم. إنه تذكير بقوة وعظمة الحضارة المصرية القديمة.
رموز أنوبيس
- رأس ابن آوى: يمثل الحماية والحراسة للمقابر، حيث كان ابن آوى يرتبط بحماية الجثث من الحيوانات المفترسة.
- اللون الأسود: يرمز إلى التربة الخصبة في وادي النيل، ويرمز أيضًا إلى عملية التحنيط والحياة الآخرة.
- صولجان: يرمز إلى السلطة والقوة التي يتمتع بها أنوبيس في العالم السفلي.
- عنخ: يرمز إلى الحياة الأبدية والقدرة على منح الخلود للمتوفين.
أماكن عبادة أنوبيس الرئيسية
- منف: كانت منف واحدة من أقدم وأهم المدن في مصر القديمة، وكان لأنوبيس معبد كبير فيها.
- كينوبوليس: تُعرف أيضًا باسم “مدينة الكلاب”، وكانت مركزًا رئيسيًا لعبادة أنوبيس، حيث كان يُعبد كإله رئيسي.
- مقبرة سقارة: نظرًا لارتباطه بالموت والحياة الآخرة، كان أنوبيس يُعبد على نطاق واسع في المقبرة الملكية في سقارة.
خاتمة
أنوبيس هو إله مهم في الديانة المصرية القديمة، لعب دورًا حاسمًا في التحنيط والحياة الآخرة. كان يُعبد كحامٍ للمقابر ومرشد للأرواح في العالم السفلي. لا تزال صورته المميزة تثير الإعجاب والغموض حتى اليوم، مما يجعله رمزًا دائمًا للحضارة المصرية القديمة.