<![CDATA[
نشأتها وبداياتها
ولدت سيران أتيش في إسطنبول، تركيا، وانتقلت مع عائلتها إلى ألمانيا الغربية في سن السادسة. نشأت في بيئة عمالية، وشهدت التمييز والعنصرية التي واجهها المهاجرون الأتراك في ألمانيا. هذه التجارب المبكرة شكلت وعيها السياسي والاجتماعي، وألهمتها للدفاع عن حقوق الإنسان والمساواة.
بدأت أتيش دراسة القانون في جامعة برلين الحرة، وأنهت دراستها في عام 1996. خلال دراستها، عملت في قضايا تتعلق بحقوق المرأة، وخاصة النساء المسلمات المهاجرات. اكتشفت خلال عملها الحاجة إلى إصلاح ديني ليبرالي يتوافق مع قيم المساواة وحقوق الإنسان.
مسيرتها المهنية والنشاط
بعد تخرجها، عملت أتيش كمحامية متخصصة في قضايا المرأة وحقوق الإنسان. دافعت عن النساء المسلمات اللاتي تعرضن للعنف المنزلي والتمييز في أماكن العمل والمجتمع. كما شاركت في العديد من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تعزيز التفاهم بين الثقافات والاندماج الاجتماعي.
أتيش ليست مجرد محامية، بل هي أيضًا كاتبة ومحاضرة. نشرت العديد من الكتب والمقالات التي تناقش قضايا المرأة، والإسلام، وحقوق الإنسان. كما ألقت محاضرات في العديد من الجامعات والمؤتمرات حول العالم، حيث شاركت رؤاها وأفكارها حول الإصلاح الديني والتقدم الاجتماعي.
تأسيس مسجد ابن رشد-غوته
في عام 2017، اتخذت سيران أتيش خطوة جريئة بتأسيس مسجد ابن رشد-غوته في برلين. هذا المسجد يعتبر فريدًا من نوعه، لأنه يفتح أبوابه لجميع المسلمين، بغض النظر عن الجنس، أو المذهب، أو التوجه الجنسي. يتيح المسجد للنساء والرجال الصلاة معًا، ويسمح للنساء بتولي الإمامة. هذا النهج الليبرالي أثار جدلاً واسعًا في العالم الإسلامي، ولكنه حظي أيضًا بدعم كبير من قبل الليبراليين والتقدميين.
تهدف أتيش من خلال تأسيس هذا المسجد إلى تقديم نموذج للإسلام المتسامح والشامل الذي يحترم حقوق الإنسان ويواكب التطورات الاجتماعية. تعتبر أن هذا المسجد يمثل منبرًا للحوار والتفاهم، ويسعى إلى بناء جسور بين الثقافات المختلفة. تهدف إلى توفير مكان آمن للجميع للتعبير عن إيمانهم بحرية والعيش في مجتمع متساو.
آراؤها وأفكارها
تؤمن سيران أتيش بأهمية الإصلاح الديني في العالم الإسلامي. تعتبر أن التفسيرات التقليدية للإسلام غالبًا ما تكون مقيدة وغير متوافقة مع قيم المساواة وحقوق الإنسان. تدعو إلى تفسير ليبرالي للإسلام يراعي السياقات الاجتماعية والثقافية المتغيرة. تعتقد أن هذا الإصلاح ضروري لتمكين المرأة المسلمة والمساهمة في تقدم المجتمعات الإسلامية.
تنتقد أتيش بشدة الحركات الإسلامية المتطرفة التي تعتبرها تهديدًا للديمقراطية وحقوق الإنسان. تدعو إلى مكافحة هذه الحركات من خلال التعليم والتوعية، وتعزيز الحوار بين الأديان. ترى أن الحوار هو السبيل الأمثل للتغلب على التحيزات والتطرف.
تؤمن أتيش بأهمية العلمانية في الدولة. تعتبر أن العلمانية تضمن حرية الدين والمعتقد للجميع، وتحمي حقوق الأقليات. تؤيد فصل الدين عن الدولة لضمان عدم تدخل الدين في الشؤون السياسية والاجتماعية.
المواقف والجدل
أثارت أفكار وأعمال سيران أتيش جدلاً واسعًا في العالم الإسلامي. تعرضت لانتقادات شديدة من قبل المتشددين الإسلاميين، الذين اعتبروا أفكارها هرطقة وتتعارض مع الشريعة الإسلامية. تلقت تهديدات بالقتل، واضطرت إلى العيش تحت حماية الشرطة لسنوات عديدة.
على الرغم من التهديدات والانتقادات، لم تتراجع أتيش عن مواقفها. استمرت في الدفاع عن أفكارها من خلال الكتابة والمحاضرات، وفي بناء مسجد ابن رشد-غوته. تعتبر أن هذا المسجد هو رمز للأمل والتغيير، ويسعى إلى بناء مجتمع أكثر عدلاً ومساواة.
حظيت أتيش أيضًا بدعم كبير من الليبراليين والتقدميين في جميع أنحاء العالم. اعتبروها رمزًا للشجاعة والمثابرة، وأشادوا بجهودها في الدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان. حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات تقديراً لعملها.
إرثها وتأثيرها
تركت سيران أتيش بصمة واضحة في مجال حقوق المرأة والإصلاح الديني. ألهمت العديد من النساء والرجال للدفاع عن حقوقهم والعمل من أجل مجتمع أكثر عدلاً ومساواة. يعتبر مسجد ابن رشد-غوته نموذجًا للمساجد الليبرالية التي تفتح أبوابها للجميع.
يستمر تأثير أتيش في النمو، حيث تستمر في الكتابة والمحاضرة والمشاركة في الفعاليات العامة. تعتبر صوتًا مهمًا في النقاش حول الإسلام والإصلاح الديني وحقوق الإنسان. من المتوقع أن يستمر إرثها في التأثير على الأجيال القادمة.
نشاطها الحالي
تواصل سيران أتيش نشاطها في الدفاع عن حقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة المسلمة. تعمل على توسيع نطاق عمل مسجد ابن رشد-غوته، وتنظيم المزيد من الفعاليات والبرامج التي تهدف إلى تعزيز التفاهم بين الثقافات والديانات. تشارك في العديد من المؤتمرات والندوات حول العالم، حيث تشارك أفكارها ورؤاها حول الإصلاح الديني والتقدم الاجتماعي.
تكتب بانتظام في الصحف والمجلات، وتشارك في البرامج التلفزيونية والإذاعية. تستمر في إلهام الآخرين من خلال قصصها وتجاربها، وتسعى إلى بناء عالم أفضل للجميع.
خاتمة
سيران أتيش هي شخصية مؤثرة في مجال حقوق المرأة والإصلاح الديني. من خلال عملها كمحامية، وكاتبة، وناشطة، ومؤسسة مسجد ابن رشد-غوته، كرست حياتها للدفاع عن حقوق الإنسان والمساواة. على الرغم من التحديات التي واجهتها، استمرت في التمسك بقيمها ومعتقداتها، وأصبحت رمزًا للشجاعة والمثابرة. يستمر إرثها في التأثير على الأجيال القادمة، وتشكل مصدر إلهام للعديد من الأشخاص حول العالم.
المراجع
- DW عربية: سيران أتيش.. محامية ومؤسسة مسجد ابن رشد-غوته للمسلمين في ألمانيا
- الجزيرة نت: ألمانيا تدشن مسجدا للمسلمين “المحاسين” برئاسة محامية نسوية
- اندبندنت عربية: “سيران أتيش” المحامية الألمانية التركية.. المرأة التي حاربت “السلفية” داخل المساجد
- Tagesspiegel: Ibn-Ruschd-Goethe-Moschee in Berlin ist nicht mehr nur ein Modell, sondern Alltag (بالألمانية)