مقدمة
كان الطراد الخفيف “ناتوري” سفينة حربية تابعة للبحرية الإمبراطورية اليابانية، وسمي على اسم نهر ناتوري في محافظة مياجي باليابان. لعب هذا الطراد دورًا مهمًا في العمليات البحرية اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية. في هذه المقالة، سنستكشف تاريخ وتصميم وخدمة “ناتوري”، بالإضافة إلى مصيرها المأساوي.
التصميم والبناء
تم بناء الطراد “ناتوري” في أحواض بناء السفن في أوراساوا، اليابان، وأُطلق في 6 يونيو 1922، ودخل الخدمة في 15 سبتمبر 1922. كان “ناتوري” من فئة “سينداي” من الطرادات الخفيفة، والتي تميزت بتصميمها المتوازن بين السرعة والتسليح. بلغ طول “ناتوري” الإجمالي 179.8 مترًا، وعرضه 15.8 مترًا، وغاطسه 5.3 مترًا. كان يزن حوالي 5570 طنًا في الإزاحة القياسية.
تم تسليح “ناتوري” في البداية بستة مدافع عيار 14 سم (5.5 بوصة) مثبتة في أبراج فردية، واثنين من أنابيب الطوربيد الثلاثية عيار 61 سم (24 بوصة)، ومدفعين مضادين للطائرات عيار 7.6 سم (3 بوصات). خلال الحرب العالمية الثانية، خضع “ناتوري” لتعديلات في تسليحه لتعزيز قدرته على مكافحة الطائرات، وتمت إضافة المزيد من المدافع المضادة للطائرات من عيار 25 ملم. كان الطراد مجهزًا بمحركات توربينية بخارية، والتي سمحت له بالوصول إلى سرعة قصوى تبلغ حوالي 35 عقدة. كان الطراد قادرًا أيضًا على حمل ما يقرب من 1500 طن من الوقود، مما منحه مدى إبحار جيد.
الخدمة في زمن السلم
بعد دخوله الخدمة، تم تخصيص “ناتوري” للعديد من المهام في زمن السلم، بما في ذلك التدريب والمشاركة في الاستعراضات البحرية. غالبًا ما زار الطراد موانئ في جميع أنحاء شرق آسيا، وعرض العلم الياباني. كما شارك في بعض التدريبات البحرية المكثفة، مما ساعد على إعداد طاقمه للعمليات المستقبلية. على الرغم من أن هذه الفترة كانت هادئة نسبيًا، إلا أنها كانت ضرورية لبناء الكفاءة التشغيلية للطاقم وتطوير العقيدة البحرية.
الحرب العالمية الثانية: المراحل المبكرة
مع تصاعد التوترات في منطقة المحيط الهادئ، بدأ “ناتوري” في لعب دور أكثر نشاطًا. بعد الهجوم على بيرل هاربور في ديسمبر 1941، شارك “ناتوري” في غزو الفلبين، حيث قدم دعمًا ناريًا للقوات البرية اليابانية. ثم شارك الطراد في غزو جزر الهند الشرقية الهولندية (إندونيسيا حاليًا). خلال هذه العمليات، أثبت “ناتوري” قيمته كدعم ناري وكقوة مرافقة.
في المراحل الأولى من الحرب، كان “ناتوري” جزءًا من عدة عمليات رئيسية. شارك في معركة بحر جاوة في فبراير 1942، حيث ساعد في إغراق عدد من السفن الحليفة. خلال هذه المعركة، أظهر الطاقم شجاعة كبيرة ومهارة في القتال. كما شارك “ناتوري” في غزو بورنيو، ورافق قوافل الإمدادات إلى المناطق التي احتلتها اليابان. هذه العمليات كانت حاسمة في تأمين الموارد والمناطق الاستراتيجية للإمبراطورية اليابانية.
الخدمة في المحيط الهادئ
مع تقدم الحرب، تحول “ناتوري” إلى مهام مرافقة القوافل بشكل متزايد. نظرًا لخسائر السفن اليابانية المتزايدة، أصبح من الضروري حماية السفن التجارية والناقلات. رافق “ناتوري” قوافل الإمدادات بين اليابان وجنوب شرق آسيا، وهي طرق كانت عرضة لهجمات الغواصات والطائرات الأمريكية. كانت هذه المهام خطيرة، حيث تعرض الطراد بانتظام لهجمات العدو.
في أحد هذه المهام، في أغسطس 1944، بينما كان “ناتوري” يرافق قافلة قبالة ساحل الفلبين، تعرض لهجوم من قبل الغواصة الأمريكية “بويسي”. أصابت الطوربيدات “ناتوري”، مما أدى إلى أضرار بالغة. بينما حاول الطاقم السيطرة على الأضرار، انقسمت السفينة إلى قسمين وغرقت. فقدت معظم أفراد الطاقم حياتهم في هذا الهجوم.
مصير الطراد ناتوري
في 18 أغسطس 1944، أثناء قيادته قافلة من مانيلو إلى شمال الفلبين، تعرض “ناتوري” لهجوم من قبل الغواصة الأمريكية “بويسي” (USS Boise). أطلق الطوربيد على الطراد وأصابه، مما تسبب في أضرار جسيمة. على الرغم من جهود الطاقم للسيطرة على الضرر، غرق “ناتوري”. نجا عدد قليل من الناجين. كان غرق “ناتوري” خسارة فادحة للبحرية اليابانية، حيث فقدت سفينة قتالية قيمة وطاقمًا متمرسًا. انتهى بذلك مسيرة حافلة بالخدمة العسكرية، حيث سجل الطراد مشاركته في عدد كبير من العمليات الحاسمة خلال الحرب.
التقييم والأهمية
كان الطراد “ناتوري” سفينة متعددة الاستخدامات خدمت البحرية الإمبراطورية اليابانية بشكل جيد خلال الحرب العالمية الثانية. على الرغم من أنه تم تدميره في النهاية، إلا أن مساهماته في العمليات المبكرة، ومرافقته للقوافل، تعكس أهميته كأصل عسكري. كان “ناتوري” مثالًا على الطرادات الخفيفة التي لعبت دورًا حاسمًا في العمليات البحرية اليابانية. إن دراسة “ناتوري” توفر رؤى قيمة حول الحرب في المحيط الهادئ، والتصميم والتكتيكات البحرية، والتأثير الإنساني للصراع.
إرث الطراد ناتوري
على الرغم من أن “ناتوري” قد غرقت، إلا أن ذكراها باقية. تُذكر “ناتوري” كرمز للشجاعة والتضحية للطاقم الذي خدم على متنها. لا يزال تصميمها وعملياتها موضوعًا للدراسة من قبل المؤرخين والباحثين البحريين. بالإضافة إلى ذلك، هناك جهود مستمرة لتحديد موقع حطام “ناتوري” للحفاظ على تاريخها.
قصة “ناتوري” هي قصة عن سفينة لعبت دورًا مهمًا في تاريخ الحرب. إنها تذكير بالتكلفة البشرية للحرب، وأهمية فهم الماضي. إن إرث “ناتوري” هو تذكير دائم بالتصميم والشجاعة اللذين أظهرهما أفراد الطاقم في مواجهة الشدائد.
خاتمة
كان الطراد الياباني “ناتوري” سفينة مهمة في البحرية الإمبراطورية اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية. من خلال مشاركتها في عمليات غزو واسعة النطاق إلى مهام مرافقة القوافل، لعبت “ناتوري” دورًا حيويًا في المجهود الحربي الياباني. على الرغم من تدميرها في عام 1944، إلا أن إرثها كرمز للشجاعة والتضحية لا يزال باقيًا. إن دراسة “ناتوري” توفر فهمًا أعمق لتاريخ الحرب العالمية الثانية، والتصميم والتكتيكات البحرية، والأثر الإنساني للصراع.