نشأة جمعيات الطرق السريعة
في أوائل القرن العشرين، كانت الطرق في الولايات المتحدة غالبًا ما تكون غير معبدة، وعرة، وغير موثوقة. كانت القيادة لمسافات طويلة تحديًا كبيرًا، مما أعاق النمو الاقتصادي والسياحي. أدرك رجال الأعمال المحليون وقادة المجتمعات أن تحسين الطرق سيجلب فوائد كبيرة لمناطقهم. وهكذا، بدأت جمعيات الطرق السريعة في الظهور، مدفوعةً برغبة في تحسين البنية التحتية للطرق وتعزيز التنمية الاقتصادية.
كانت إحدى أولى وأشهر هذه الجمعيات هي جمعية لينكولن السريع (Lincoln Highway Association)، التي تأسست في عام 1913. هدفت هذه الجمعية إلى إنشاء طريق سريع معبد يربط بين الساحل الشرقي والساحل الغربي للولايات المتحدة، من مدينة نيويورك إلى سان فرانسيسكو. لعبت جمعية لينكولن السريع دورًا حاسمًا في الترويج لفكرة وجود نظام طرق سريع وطني، وساعدت في وضع الأساس لنظام الطرق السريعة بين الولايات (Interstate Highway System) الذي نعرفه اليوم.
أهداف جمعيات الطرق السريعة ووظائفها
كانت الأهداف الرئيسية لجمعيات الطرق السريعة متعددة الأوجه، وتشمل:
- تحسين البنية التحتية للطرق: سعت الجمعيات إلى الضغط على الحكومات المحلية وحكومات الولايات والحكومة الفيدرالية لتعبيد الطرق، وتحسين صيانتها، وتوفير إشارات أفضل. غالبًا ما كانت الجمعيات تجمع الأموال من خلال الاشتراكات والتبرعات من الشركات والأفراد، وتستخدم هذه الأموال لتمويل مشاريع تحسين الطرق.
- الترويج للسياحة: أدركت الجمعيات أن الطرق المحسنة ستجذب المزيد من السياح إلى مناطقهم. لذلك، عملت على الترويج للمعالم السياحية المحلية، والفنادق، والمطاعم، وغيرها من الشركات التي تخدم المسافرين. غالبًا ما كانت الجمعيات تنشر كتيبات وخرائط إعلانية، وتنظم فعاليات لجذب الزوار.
- تعزيز التنمية الاقتصادية: اعتقدت الجمعيات أن الطرق المحسنة ستسهل نقل البضائع والأشخاص، مما سيؤدي إلى زيادة النشاط الاقتصادي في مناطقهم. لذلك، عملت على جذب الشركات الجديدة إلى المنطقة، ودعم الشركات القائمة.
- توحيد معايير الطرق: سعت الجمعيات إلى توحيد معايير تصميم الطرق وإشاراتها، لضمان سلامة المسافرين وراحتهم. عملت الجمعيات مع المهندسين وخبراء الطرق لتطوير معايير أفضل، وشجعت الحكومات على تبني هذه المعايير.
طرق تمويل جمعيات الطرق السريعة
اعتمدت جمعيات الطرق السريعة على مجموعة متنوعة من مصادر التمويل لدعم أنشطتها. وشملت هذه المصادر:
- الاشتراكات: كان الأفراد والشركات يدفعون اشتراكات سنوية للانضمام إلى الجمعية. غالبًا ما كانت الاشتراكات تتراوح من بضعة دولارات إلى عدة مئات من الدولارات، اعتمادًا على حجم الشركة أو ثروة الفرد.
- التبرعات: كانت الجمعيات تتلقى تبرعات من الأفراد والشركات المهتمة بدعم جهودها. غالبًا ما كانت التبرعات تستخدم لتمويل مشاريع محددة لتحسين الطرق أو للترويج للسياحة.
- المبيعات: كانت الجمعيات تبيع الخرائط والكراسات الترويجية وغيرها من المنتجات لجمع الأموال. غالبًا ما كانت هذه المنتجات تعرض المعالم السياحية المحلية والشركات التي تدعم الجمعية.
- المنح الحكومية: كانت بعض الجمعيات تتلقى منحًا من الحكومات المحلية وحكومات الولايات لدعم أنشطتها. غالبًا ما كانت المنح تستخدم لتمويل مشاريع رئيسية لتحسين الطرق أو للترويج للسياحة.
أشهر جمعيات الطرق السريعة
بالإضافة إلى جمعية لينكولن السريع، كان هناك العديد من جمعيات الطرق السريعة الأخرى التي لعبت دورًا مهمًا في تطوير البنية التحتية للطرق والسياحة في الولايات المتحدة. بعض من أبرز هذه الجمعيات تشمل:
- جمعية جيفرسون السريع (Jefferson Highway Association): تم إنشاء هذا الطريق السريع في عام 1915 لربط وينيبيج، مانيتوبا، نيو أورليانز، لويزيانا.
- جمعية بنك الرؤوس الحربية (Bankhead Highway Association): تم إنشاء هذا الطريق السريع في عام 1916 لربط واشنطن العاصمة، وسان دييغو، كاليفورنيا.
- جمعية طريق الأولد سبانيش تريل (Old Spanish Trail Association): تم إنشاء هذا الطريق السريع في عام 1929 لربط سانت أوغسطين، فلوريدا، وسان دييغو، كاليفورنيا.
- جمعية كانساس-كولورادو السريع (Kansas-Colorado Highway Association): تركزت جهود هذه الجمعية على تطوير الطرق في ولايتي كانساس وكولورادو.
تأثير جمعيات الطرق السريعة
كان لجمعيات الطرق السريعة تأثير كبير على تطوير البنية التحتية للطرق والسياحة في الولايات المتحدة. ساعدت هذه الجمعيات في:
- تحسين الطرق: ساهمت الجمعيات في تعبيد آلاف الأميال من الطرق، وتحسين صيانتها، وتوفير إشارات أفضل. جعلت هذه التحسينات القيادة أكثر أمانًا وراحة، وشجعت المزيد من الناس على السفر.
- تعزيز السياحة: ساعدت الجمعيات في الترويج للمعالم السياحية المحلية، والفنادق، والمطاعم، وغيرها من الشركات التي تخدم المسافرين. أدت هذه الجهود إلى زيادة عدد السياح الذين يزورون مناطقهم، مما ساهم في النمو الاقتصادي.
- تسهيل التنمية الاقتصادية: سهلت الجمعيات نقل البضائع والأشخاص، مما أدى إلى زيادة النشاط الاقتصادي في مناطقهم. ساعدت الجمعيات في جذب الشركات الجديدة إلى المنطقة، ودعم الشركات القائمة.
- توحيد معايير الطرق: ساهمت الجمعيات في توحيد معايير تصميم الطرق وإشاراتها، مما أدى إلى تحسين السلامة والراحة للمسافرين.
تلاشي جمعيات الطرق السريعة
بدأت جمعيات الطرق السريعة في التلاشي في منتصف القرن العشرين، مع تطور نظام الطرق السريعة بين الولايات. وفر نظام الطرق السريعة بين الولايات طرقًا سريعة معبدة تربط بين المدن الكبرى في جميع أنحاء البلاد، مما قلل من الحاجة إلى جمعيات الطرق السريعة المحلية. بالإضافة إلى ذلك، تولت الحكومات الفيدرالية وحكومات الولايات مسؤولية أكبر عن تخطيط وتمويل وصيانة الطرق، مما قلل من دور الجمعيات الخاصة.
إرث جمعيات الطرق السريعة
على الرغم من تلاشيها، تركت جمعيات الطرق السريعة إرثًا دائمًا. ساعدت هذه الجمعيات في:
- بناء الوعي بأهمية الطرق: ساهمت الجمعيات في زيادة الوعي بأهمية الطرق المحسنة للتنمية الاقتصادية والسياحة.
- وضع الأساس لنظام الطرق السريعة بين الولايات: ساعدت الجمعيات في الترويج لفكرة وجود نظام طرق سريع وطني، ووضعت الأساس لنظام الطرق السريعة بين الولايات الذي نعرفه اليوم.
- تطوير معايير تصميم الطرق: ساهمت الجمعيات في تطوير معايير تصميم الطرق وإشاراتها، مما أدى إلى تحسين السلامة والراحة للمسافرين.
- تعزيز السياحة الإقليمية: ساعدت الجمعيات في الترويج للمعالم السياحية المحلية، والفنادق، والمطاعم، وغيرها من الشركات التي تخدم المسافرين.
خاتمة
كانت جمعيات الطرق السريعة في الولايات المتحدة منظمات مهمة لعبت دورًا حاسمًا في تطوير البنية التحتية للطرق والسياحة في أوائل ومنتصف القرن العشرين. ساعدت هذه الجمعيات في تحسين الطرق، وتعزيز السياحة، وتسهيل التنمية الاقتصادية، وتوحيد معايير تصميم الطرق. على الرغم من تلاشيها، تركت جمعيات الطرق السريعة إرثًا دائمًا، وساهمت في بناء الوعي بأهمية الطرق، ووضع الأساس لنظام الطرق السريعة بين الولايات، وتطوير معايير تصميم الطرق، وتعزيز السياحة الإقليمية.