نشأة ساينتولوجيا وتطورها
تأسست ساينتولوجيا على يد الكاتب الأمريكي رون هوبارد في عام 1954. بدأ هوبارد بتطوير ما أسماه “ديانتكس”، وهي نظام للعلاج النفسي يهدف إلى تحسين الأداء العقلي للإنسان. مع مرور الوقت، تطورت ديانتكس لتصبح ساينتولوجيا، وهي فلسفة دينية شاملة تدعي أنها توفر طريقًا لتحسين الذات والروحانية.
بعد تأسيسها، توسعت ساينتولوجيا بسرعة، وافتتحت فروعًا في جميع أنحاء العالم. في البداية، جذبت ساينتولوجيا عددًا كبيرًا من الأتباع، من بينهم بعض المشاهير، مثل جون ترافولتا وتوم كروز. ومع ذلك، واجهت ساينتولوجيا أيضًا انتقادات شديدة من قبل الحكومات ووسائل الإعلام والأفراد.
الممارسات والطقوس
تعتمد ساينتولوجيا على مجموعة من الممارسات والطقوس التي تهدف إلى مساعدة الأتباع على تحقيق أهدافهم. من بين هذه الممارسات:
- التدقيق (Auditing): وهي عملية يتم فيها توجيه أسئلة إلى الشخص من قبل مدقق (Auditor)، ويهدف هذا التدقيق إلى تحديد وإزالة “engrams”، وهي ذكريات مؤلمة تعيق التقدم الروحي.
- الدورات التدريبية (Training Courses): وهي دورات تقدمها الكنيسة للأتباع، وتغطي مجموعة متنوعة من المواضيع، بما في ذلك فلسفة ساينتولوجيا، والتدقيق، والتواصل.
- التقييم (Assessment): يتم تقييم الأتباع بشكل دوري لتحديد مستواهم الروحي والتقدم الذي أحرزوه.
تعتبر ساينتولوجيا أن التقدم في هذه الممارسات يؤدي إلى تحسين الذات والوصول إلى حالة “كلير” (Clear)، وهي حالة من الوضوح العقلي والروحي. يمر الأتباع بمراحل مختلفة للوصول إلى هذه الحالة، وتتطلب كل مرحلة دفع رسوم إضافية.
الجدل حول طبيعة ساينتولوجيا
يثير تصنيف ساينتولوجيا كديانة جدلاً واسعًا. يجادل مؤيدو ساينتولوجيا بأنها تستوفي معايير الدين، مثل الإيمان بنظام من المعتقدات، والقيام بطقوس وعبادات، وتقديم إجابات على الأسئلة الوجودية. كما يزعمون أن ساينتولوجيا توفر لأتباعها مجتمعًا داعمًا وشعورًا بالانتماء.
من ناحية أخرى، يرى العديد من النقاد أن ساينتولوجيا هي في الأساس عمل تجاري يهدف إلى تحقيق الربح. يستند هؤلاء النقاد إلى عدد من الأدلة، بما في ذلك:
- الرسوم الباهظة: تفرض ساينتولوجيا رسومًا باهظة على الدورات التدريبية والتدقيق والخدمات الأخرى. يرى النقاد أن هذه الرسوم تمثل مصدر دخل رئيسي للكنيسة.
- السرية: تحيط ساينتولوجيا بالعديد من جوانبها بالسرية، بما في ذلك بعض النصوص والتقنيات. يرى النقاد أن هذه السرية تهدف إلى حماية مصالح الكنيسة.
- أساليب التوظيف: اتُهمت ساينتولوجيا باستخدام أساليب توظيف عدوانية، بما في ذلك إقناع الأفراد بالتخلي عن أموالهم وعلاقاتهم مع العائلة والأصدقاء.
- المخالفات القانونية: واجهت ساينتولوجيا اتهامات بالتحايل الضريبي والاحتيال والاعتداء على حقوق الإنسان في العديد من البلدان.
الأدلة التي تدعم تصنيف ساينتولوجيا كعمل تجاري
تُظهر العديد من الأدلة أن ساينتولوجيا تعمل كعمل تجاري، بما في ذلك:
- هيكل الرسوم: تعتمد الكنيسة على هيكل رسوم معقد، حيث يتعين على الأتباع دفع مبالغ كبيرة للحصول على خدمات التدقيق والدورات التدريبية. تزداد هذه الرسوم مع تقدم الفرد في “الجسر” (Bridge)، وهو مسار ساينتولوجي للارتقاء الروحي.
- الممتلكات والأصول: تمتلك ساينتولوجيا عددًا كبيرًا من العقارات، بما في ذلك المقرات الرئيسية والفروع والمرافق التدريبية. تُقدر قيمة هذه الممتلكات بمئات الملايين من الدولارات.
- إدارة الأعمال: يتم إدارة ساينتولوجيا على غرار الشركات التجارية، مع التركيز على تحقيق الأهداف المالية وزيادة عدد الأعضاء.
- التسويق: تستخدم ساينتولوجيا استراتيجيات تسويقية مكثفة لجذب الأعضاء الجدد، بما في ذلك الإعلانات والتسويق المباشر والعلاقات العامة.
تأثير ساينتولوجيا على الأتباع
يختلف تأثير ساينتولوجيا على الأتباع بشكل كبير. يزعم بعض الأتباع أن ساينتولوجيا ساعدتهم على تحسين حياتهم وتحقيق أهدافهم، من خلال تحسين الثقة بالنفس، والتواصل، والقدرة على مواجهة التحديات. يرون أن ساينتولوجيا قدمت لهم مجتمعًا داعمًا ومعتقدات قوية.
ومع ذلك، يعاني بعض الأتباع من آثار سلبية لساينتولوجيا. تشمل هذه الآثار:
- الضغوط المالية: قد يجد الأتباع صعوبة في دفع رسوم التدقيق والدورات التدريبية، مما يؤدي إلى ضغوط مالية كبيرة.
- العزلة الاجتماعية: قد يتم تشجيع الأتباع على قطع علاقاتهم مع العائلة والأصدقاء الذين لا يؤمنون بساينتولوجيا، مما يؤدي إلى العزلة الاجتماعية.
- التلاعب النفسي: اتُهمت ساينتولوجيا باستخدام أساليب التلاعب النفسي للسيطرة على الأتباع والتحكم في سلوكهم.
- المشاكل الصحية: أبلغ بعض الأتباع عن مشاكل صحية جسدية وعقلية مرتبطة بساينتولوجيا.
الموقف القانوني والحكومي
يختلف الموقف القانوني والحكومي تجاه ساينتولوجيا من بلد إلى آخر. في بعض البلدان، تُعترف ساينتولوجيا كديانة، بينما في بلدان أخرى، لا تُعترف بها رسميًا أو تخضع لرقابة صارمة. غالبًا ما تعتمد هذه المواقف على تفسير قوانين حرية الدين وحماية حقوق الإنسان.
في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، حصلت ساينتولوجيا على وضع الإعفاء الضريبي كمنظمة دينية. ومع ذلك، واجهت الكنيسة أيضًا دعاوى قضائية واتهامات مختلفة، بما في ذلك الاحتيال والتحرش. في فرنسا، صنفت الحكومة ساينتولوجيا على أنها “طائفة” وأخضعتها للمراقبة.
خاتمة
ساينتولوجيا منظمة معقدة ومثيرة للجدل. في حين أنها تقدم نفسها كديانة، فإن الأدلة تشير إلى أنها تعمل كعمل تجاري، مع التركيز على تحقيق الربح وجذب الأعضاء. يؤثر هذا التصنيف المزدوج على ممارسات الكنيسة وتأثيرها على الأتباع والمجتمع الأوسع.
على الرغم من أن بعض الأتباع قد استفادوا من ساينتولوجيا، فإن آخرين قد عانوا من عواقب سلبية، بما في ذلك الضغوط المالية والعزلة الاجتماعية والتلاعب النفسي. إن فهم طبيعة ساينتولوجيا وتأثيرها أمر بالغ الأهمية للأفراد والمجتمع ككل، ويتطلب تقييمًا نقديًا للأدلة المتاحة.
المراجع
- الموقع الرسمي لكنيسة ساينتولوجيا
- نيويورك تايمز – ساينتولوجيا تحت الحصار
- كتاب “Going Clear: Scientology, Hollywood, and the Prison of Belief”
- فيلم وثائقي عن ساينتولوجيا
“`