التصميم والتطوير
بدأ تطوير مدفع 90/53 في أواخر الثلاثينيات استجابةً للحاجة المتزايدة لمدفع مضاد للطائرات قادر على التعامل مع الطائرات الحديثة ذات الأداء العالي. اعتمد التصميم على خبرة أنسالدو في صناعة المدفعية الثقيلة، واستفاد من التطورات التكنولوجية في مجال المعادن والتصنيع. كان الهدف هو إنتاج مدفع قوي ودقيق يمكنه إطلاق قذائف ثقيلة على ارتفاعات عالية وبسرعة كافية للتصدي للطائرات المعادية.
تميز تصميم المدفع بماسورة طويلة جدًا (يبلغ طولها 53 ضعف قطرها – 90 ملم)، مما أعطى القذائف سرعة ابتدائية عالية ومدى ممتاز. استُخدم نظام ارتداد هيدروليكي متطور لامتصاص قوة الارتداد وتقليل الاهتزاز، مما ساعد على زيادة دقة المدفع وسرعة إطلاقه. كما صُمم المدفع ليكون سهل النقل نسبيًا، حيث يمكن تفكيكه إلى عدة أجزاء ونقله بواسطة الشاحنات أو المقطورات.
الخصائص التقنية
فيما يلي بعض الخصائص التقنية الرئيسية لمدفع 90/53:
- العيار: 90 ملم
- طول الماسورة: 4.77 متر (53 ضعف العيار)
- الوزن: حوالي 12 طن في وضع القتال
- المدى الأقصى (أفقي): 17,700 متر
- المدى الأقصى (عمودي): 12,000 متر
- سرعة الفوهة: 840 متر/ثانية
- معدل إطلاق النار: 12-15 طلقة في الدقيقة
استخدم المدفع قذائف شديدة الانفجار (HE) وقذائف خارقة للدروع (AP) وقذائف مضادة للطائرات. تميزت القذائف بقدرتها التدميرية العالية، مما جعل المدفع فعالاً ضد مجموعة متنوعة من الأهداف.
الاستخدام العملياتي
استُخدم مدفع 90/53 على نطاق واسع من قبل القوات الإيطالية خلال الحرب العالمية الثانية، سواء في إيطاليا أو في شمال إفريقيا أو في الجبهات الأخرى. في البداية، استُخدم بشكل أساسي كسلاح مضاد للطائرات، حيث أثبت فعاليته في إسقاط الطائرات المعادية وتدميرها. تميز المدفع بدقته العالية وقدرته على إطلاق النار على ارتفاعات عالية، مما جعله يشكل تهديدًا كبيرًا للطائرات الحليفة.
لاحقًا، ومع تطور الحرب وظهور الدبابات الثقيلة، تم استخدام مدفع 90/53 أيضًا كسلاح مضاد للدبابات. تميزت قذائفه الخارقة للدروع بقدرتها على اختراق دروع الدبابات المتوسطة والثقيلة، مما جعله سلاحًا فعالًا في تدمير الدبابات المعادية. استُخدم المدفع في كمائن مضادة للدبابات، وتم وضعه في مواقع استراتيجية على طول الطرق والمسالك التي كانت الدبابات الحليفة تسلكها.
أدى الأداء الجيد لمدفع 90/53 إلى قيام ألمانيا النازية بإنتاج نسخة مرخصة منه تحت اسم 9 cm Flak M 41(i). استخدم الألمان هذا المدفع على نطاق واسع في دفاعاتهم الجوية وعلى الجبهة الشرقية ضد الدبابات السوفيتية.
النسخ والمتغيرات
على الرغم من أن مدفع 90/53 كان التصميم الرئيسي، إلا أن هناك بعض النسخ والمتغيرات التي تم إنتاجها أو تطويرها:
- 9 cm Flak M 41(i): النسخة الألمانية من المدفع، والتي تم إنتاجها بموجب ترخيص من إيطاليا.
- نسخ ذاتية الحركة: تم تركيب بعض مدافع 90/53 على هياكل دبابات لإنتاج مدافع ذاتية الحركة، مما زاد من قدرتها على الحركة والمناورة.
على الرغم من أن هذه المتغيرات لم تكن واسعة الانتشار مثل المدفع الأصلي، إلا أنها أظهرت إمكانات المدفع المتعددة الاستخدامات.
الأثر والإرث
كان لمدفع 90/53 تأثير كبير على الحرب العالمية الثانية، حيث أثبت فعاليته في كلا الدورين المضاد للطائرات والمضاد للدبابات. لقد كان سلاحًا قويًا ودقيقًا ساهم في الجهود الحربية الإيطالية والألمانية. على الرغم من أنه لم يعد قيد الاستخدام الآن، إلا أنه لا يزال يُذكر باعتباره أحد أفضل المدافع التي تم إنتاجها خلال تلك الفترة.
كما أثر تصميم مدفع 90/53 على تصميم المدافع الأخرى، حيث استلهم العديد من المصممين من خصائصه وميزاته. لا يزال المدفع يُدرس في مناهج التاريخ العسكري والهندسة العسكرية كنموذج للتصميم الفعال والمتعدد الاستخدامات.
خاتمة
كان مدفع 90/53 مدفعًا إيطاليًا متميزًا خلال الحرب العالمية الثانية، حيث لعب دورًا حيويًا في الدفاع الجوي والهجوم المضاد للدبابات. بفضل تصميمه المتقدم وقدرته التدميرية العالية، أثبت المدفع كفاءته في مختلف الظروف القتالية، ولا يزال يُذكر كأحد أبرز الأسلحة التي أنتجتها إيطاليا خلال تلك الفترة.