<![CDATA[
مقدمة
الإسكندر الهاليسي (باللاتينية: Alexander Halensis)، المعروف أيضًا باسم هالينسيس، وألينسيس، وهاليسيوس، وأليسيوس؛ (ولد في 21 أغسطس 1245)، ويُدعى أيضًا الدكتور الذي لا يُدحض (Doctor Irrefragibilis) من قبل البابا ألكسندر الرابع. كان عالم لاهوت وفيلسوفًا إنجليزيًا من القرن الثالث عشر. يعتبر أحد أبرز اللاهوتيين الفرنسيسكانيين في العصور الوسطى، وأحد مؤسسي المدرسة الفرنسيسكانية اللاهوتية.
حياته
لا يُعرف الكثير عن حياة الإسكندر الهاليسي المبكرة. يُعتقد أنه ولد في هالز، جلوسترشاير، إنجلترا، في أواخر القرن الثاني عشر. تلقى تعليمه في البداية في دير هالز ثم انتقل إلى جامعة باريس، حيث درس الفنون الحرة واللاهوت. أصبح أستاذًا في اللاهوت في باريس في عام 1220. كان أول الفرنسيسكانيين الذين شغلوا كرسيًا في باريس، وبذلك أصبح أول أستاذ فرنسيسكاني في اللاهوت.
انضم إلى الرهبنة الفرنسيسكانية في عام 1236، وهو قرار أثار جدلاً في البداية. كان الإسكندر شخصية مرموقة في الأوساط الأكاديمية، والانضمام إلى نظام التسول الذي كان جديدًا نسبيًا ومحتقرًا اجتماعيًا في بعض الأحيان كان يعتبر أمرًا غير معتاد. ومع ذلك، فقد دافع عن قراره بحماس، معتبرًا أن حياة الفقر والتفاني في خدمة الآخرين تتوافق مع المثل العليا المسيحية.
كان الإسكندر شخصية مؤثرة في جامعة باريس. كان معروفًا بمعرفته الواسعة باللاهوت والفلسفة، وقدرته على شرح الأفكار المعقدة بطريقة واضحة وموجزة. كان أيضًا معلمًا محبوبًا، وكان له تأثير كبير على طلابه.
توفي الإسكندر الهاليسي في 21 أغسطس 1245 في باريس. بعد وفاته، تم تبجيله باعتباره قديسًا في الرهبنة الفرنسيسكانية. ومع ذلك، لم يتم تقديسه رسميًا من قبل الكنيسة الكاثوليكية.
أعماله
أشهر أعمال الإسكندر الهاليسي هو كتابه “مجموع اللاهوت” (Summa Theologica)، وهو عمل شامل في اللاهوت النظامي. تم تكليفه بهذا العمل من قبل البابا غريغوري التاسع، وكان يهدف إلى أن يكون بمثابة دليل قياسي لتدريس اللاهوت. يُعرف “مجموع اللاهوت” بمنهجه الشامل والمنظم، وتأثيره الكبير على تطور اللاهوت في العصور الوسطى. لم يكتمل “مجموع اللاهوت” في وقت وفاة الإسكندر، وتم الانتهاء منه من قبل طلابه وزملائه.
بالإضافة إلى “مجموع اللاهوت”، كتب الإسكندر الهاليسي عددًا من الأعمال الأخرى في اللاهوت والفلسفة، بما في ذلك:
- Glossa in quatuor libros Sententiarum Petri Lombardi: تعليق على كتاب “الأحكام” لبيتر لومبارد.
- Quaestiones disputatae antequam intraret ordinem: مجموعة من الأسئلة المتنازع عليها قبل انضمامه إلى الرهبنة.
- Quaestiones disputatae de Veritate: أسئلة متنازع عليها حول الحقيقة.
- De Anima: حول النفس.
أهميته
يُعد الإسكندر الهاليسي شخصية مهمة في تاريخ اللاهوت والفلسفة. كان له تأثير كبير على تطور اللاهوت في العصور الوسطى، وكان له دور فعال في إدخال الفكر الأرسطي إلى العالم المسيحي. يُعتبر أيضًا أحد مؤسسي المدرسة الفرنسيسكانية اللاهوتية، التي أكدت على أهمية الفقر والتواضع والمحبة.
تكمن أهمية الإسكندر الهاليسي في عدة جوانب:
- مساهماته في اللاهوت النظامي: “مجموع اللاهوت” هو عمل رائد في اللاهوت النظامي، ويقدم عرضًا شاملاً ومنظمًا للعقيدة المسيحية.
- إدخال الفكر الأرسطي: كان الإسكندر من أوائل اللاهوتيين الذين استخدموا الفلسفة الأرسطية في عملهم اللاهوتي، مما ساهم في إحياء الفكر الأرسطي في أوروبا الغربية.
- تأسيس المدرسة الفرنسيسكانية اللاهوتية: أكدت المدرسة الفرنسيسكانية اللاهوتية على أهمية الفقر والتواضع والمحبة، وكان لها تأثير كبير على تطور اللاهوت المسيحي.
تأثيره على اللاهوت والفلسفة
ترك الإسكندر الهاليسي إرثًا دائمًا في اللاهوت والفلسفة. كان “مجموع اللاهوت” بمثابة نص قياسي لتدريس اللاهوت لعدة قرون. أثر عمله على العديد من اللاهوتيين والفلاسفة اللاحقين، بمن فيهم توما الأكويني ودونس سكوتس.
ساهم الإسكندر الهاليسي في تطوير عدد من المفاهيم اللاهوتية والفلسفية الهامة، بما في ذلك:
- مفهوم الإرادة الحرة: دافع الإسكندر عن مفهوم الإرادة الحرة، مجادلاً بأن البشر يتمتعون بالقدرة على الاختيار بين الخير والشر.
- مفهوم النعمة: أكد الإسكندر على أهمية النعمة الإلهية للخلاص، مجادلاً بأن البشر لا يستطيعون تحقيق الخلاص بمفردهم.
- مفهوم الكنيسة: طور الإسكندر فهمًا شاملاً للكنيسة، مؤكدًا على أهمية الوحدة والقداسة والكاثوليكية والرسولية للكنيسة.
خاتمة
الإسكندر الهاليسي هو شخصية بارزة في تاريخ اللاهوت والفلسفة. كان لعمله تأثير كبير على تطور الفكر المسيحي، ولا يزال يُدرس ويُحترم حتى اليوم. بصفته لاهوتيًا فرنسيسكانيًا، أكد على أهمية الفقر والتواضع والمحبة، مما جعله شخصية مؤثرة في التاريخ الروحي والفكري للعصور الوسطى.