<![CDATA[
تاريخ التطور
شهدت فترة الحرب الباردة سباق تسلح محمومًا بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. كانت الحاجة إلى أسلحة جديدة ومتطورة أمرًا بالغ الأهمية. في هذا السياق، ظهرت فكرة دمج قاذفات اللهب في المركبات المدرعة. كانت الفكرة تكمن في توفير سلاح يمكنه تطهير مناطق واسعة بسرعة، وإخماد المواقع المحصنة، وإلحاق خسائر فادحة بالعدو. بدأت الولايات المتحدة في تطوير قاذف اللهب المدرع M132 في أوائل الستينيات، بالاعتماد على هيكل ناقلة الجند المدرعة M113، والتي كانت بالفعل في الخدمة الواسعة.
تم اختيار M113 نظرًا لقدرتها على الحركة الجيدة وحمايتها المتواضعة، بالإضافة إلى قدرتها على حمل حمولة كبيرة. أدى هذا إلى تطوير M132، التي تميزت بمدفع رشاش M113A1، إلى جانب تركيب قاذف اللهب. دخلت المركبة الخدمة في عام 1964، وشهدت استخدامًا مكثفًا خلال حرب فيتنام.
تصميم وهيكل M132
استند تصميم M132 بشكل أساسي إلى هيكل M113. احتفظت المركبة بنفس هيكل الألمنيوم المدرع، والذي يوفر حماية ضد نيران الأسلحة الصغيرة وشظايا القذائف. كانت التغييرات الرئيسية تتعلق بتركيب نظام قاذف اللهب. تم تركيب وحدة قاذف اللهب، التي كانت تسمى “وحدة اللهب”، في مكان مدفع رشاش M2 .50 القياسي في M113. كانت هذه الوحدة تتكون من خزان للوقود القابل للاشتعال، وخزان للغاز المضغوط لدفع الوقود، وفوهة لإطلاق اللهب. كان نظام الإشعال يعتمد على شمعة احتراق كهربائية.
كانت السعة القياسية لخزان الوقود 200 جالون أمريكي (حوالي 757 لترًا)، مما يوفر نطاقًا فعالًا من 200 إلى 300 ياردة (180 إلى 270 مترًا) حسب نوع الوقود المستخدم. كانت المركبة تحمل طاقمًا مكونًا من أربعة أفراد: القائد، والمدفعي، والسائق، ومساعد المدفعي. كان السائق يجلس في المقدمة على اليسار، بينما كان القائد والمدفعي يشغلان الجزء الأوسط. كان مساعد المدفعي مسؤولاً عن تحميل وإعادة تعبئة الوقود.
بالإضافة إلى نظام قاذف اللهب، احتفظت M132 بمدفع رشاش M2 .50 للاستخدام الدفاعي. كانت المركبة مزودة أيضًا بمجموعة متنوعة من المعدات الإضافية، مثل أجهزة الاتصال، ومعدات الرؤية الليلية، ووسائل الحماية من الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية.
تشغيل واستخدام قاذف اللهب M132
كان تشغيل M132 يتطلب تدريبًا خاصًا للطاقم. كان المدفعي مسؤولاً عن تحديد الهدف وتوجيه اللهب. كان على المدفعي أن يأخذ في الاعتبار المسافة والرياح والظروف الجوية الأخرى لضمان إصابة الهدف بدقة. كانت عملية الإطلاق تتضمن تنشيط نظام الإشعال، مما يؤدي إلى إطلاق الوقود الملتهب. كان اللهب الناتج يمكن أن يصل إلى مسافة كبيرة، مما يوفر قدرة تدميرية هائلة.
خلال حرب فيتنام، استخدمت M132 بشكل أساسي لدعم المشاة في القتال الحضري والغابي. كانت المركبة فعالة بشكل خاص في تطهير الملاجئ والخنادق والتحصينات الأخرى التي كان يختبئ فيها العدو. كانت النيران التي تطلقها M132 قادرة على إحداث حريق واسع النطاق، مما يجبر العدو على الخروج من مواقعه أو إبادتهم. كما استخدمت M132 لتدمير الآلات والمعدات العسكرية للعدو.
على الرغم من فعاليتها، لم تكن M132 سلاحًا مثاليًا. كانت لديها بعض العيوب. كانت المركبة معرضة للخطر في ساحة المعركة بسبب قابليتها للاشتعال. كان خزان الوقود هدفًا جذابًا للعدو، ويمكن أن يؤدي إصابته إلى انفجار هائل. بالإضافة إلى ذلك، كان نطاق M132 محدودًا نسبيًا، مما جعلها عرضة لنيران العدو من مسافات بعيدة. أخيرًا، كان استخدام قاذفات اللهب يثير جدلاً أخلاقيًا بسبب تأثيرها المدمر على الأفراد والبيئة.
التكتيكات العسكرية وتأثير M132
أثرت M132 على التكتيكات العسكرية خلال فترة خدمتها. أدت قدرتها على إطلاق اللهب إلى تغيير طريقة التعامل مع القتال الحضري والغابي. أصبحت M132 سلاحًا مهمًا في تطهير المناطق المحصنة، مثل القرى والمدن. أجبرت قوات العدو على تغيير تكتيكاتها لتجنب التعرض للهجوم. استخدمت القوات الأمريكية M132 كجزء من وحدات المشاة الميكانيكية، حيث قدمت الدعم الناري القريب للمشاة. تم تصميم المركبة للعمل جنبًا إلى جنب مع الدبابات والمركبات المدرعة الأخرى لتعزيز القوة النارية الشاملة.
شجعت M132 على تطوير تكتيكات جديدة. على سبيل المثال، تم تطوير تقنيات جديدة لاستخدام قاذفات اللهب في الهجمات الليلية، حيث كان للهب تأثير نفسي كبير على العدو. تم أيضًا تطوير تقنيات جديدة لحماية M132 من هجمات العدو، مثل استخدام الدخان لإخفاء المركبة.
نقاط القوة والضعف
نقاط القوة:
- القوة النارية: وفرت M132 قوة نارية هائلة، قادرة على تدمير التحصينات وإجبار العدو على التراجع.
- الحماية المدرعة: يوفر هيكل M113 حماية جيدة ضد نيران الأسلحة الصغيرة وشظايا القذائف.
- الحركة: كانت M132 تتمتع بقدرة جيدة على الحركة في ساحة المعركة.
- الدعم: يمكن أن توفر M132 دعمًا ناريًا مباشرًا للمشاة.
نقاط الضعف:
- التعرض للخطر: كانت M132 عرضة للخطر في ساحة المعركة بسبب قابليتها للاشتعال.
- النطاق المحدود: كان نطاق قاذف اللهب محدودًا نسبيًا.
- الجدل الأخلاقي: كان استخدام قاذفات اللهب يثير جدلاً أخلاقيًا.
- القدرة على المناورة المحدودة: بسبب وزنها وحجمها، كانت M132 أقل قدرة على المناورة من المركبات الأخرى.
تأثير M132 على الأسلحة المستقبلية
على الرغم من أن M132 لم تعد في الخدمة النشطة في معظم الجيوش، إلا أن تأثيرها على تطوير الأسلحة المستقبلية لا يزال قائمًا. أظهرت M132 قيمة قاذفات اللهب كأسلحة لدعم المشاة في القتال الحضري والغابي. أدى هذا إلى تطوير قاذفات اللهب المحمولة على الكتف، والتي لا تزال مستخدمة حتى اليوم. كما شجعت M132 على تطوير أسلحة أخرى، مثل القنابل الحارقة والصواريخ الحرارية.
شكلت M132 أيضًا نقطة انطلاق في تصميم المركبات القتالية المستقبلية. أدى استخدام هيكل M113 كأساس لـ M132 إلى إثبات قيمة المركبات المدرعة متعددة المهام. أثرت هذه الفكرة على تصميم العديد من المركبات المدرعة الحديثة، والتي يمكن تجهيزها بمجموعة متنوعة من الأسلحة والمعدات. أخيرًا، ساهمت M132 في تطوير تكتيكات عسكرية جديدة، مثل استخدام الدخان والتمويه لحماية المركبات المدرعة.
خاتمة
كان قاذف اللهب المدرع M132 سلاحًا فريدًا من نوعه ترك بصمته على تاريخ الحرب. جمع بين الحماية المدرعة وقوة اللهب المدمرة، مما جعله سلاحًا فعالًا في القتال الحضري والغابي. على الرغم من نقاط الضعف التي كانت لديها، إلا أن M132 أثرت على التكتيكات العسكرية وساهمت في تطوير أسلحة مستقبلية. أثبتت M132 أهمية دمج الأسلحة المتخصصة في المركبات المدرعة، وهي فكرة لا تزال تظهر في تصميم المركبات القتالية الحديثة.