<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد لبيب حبشي في القاهرة لعائلة قبطية أرثوذكسية. أظهر شغفًا مبكرًا بتاريخ مصر القديمة، وسعى إلى تحقيق هذا الشغف من خلال التعليم. التحق بجامعة القاهرة، حيث درس علم المصريات وحصل على درجة البكالوريوس في عام 1928. واصل دراساته العليا في جامعة برلين، حيث درس مع علماء المصريات البارزين مثل كورت زيته وأدولف إيرمان. حصل على درجة الدكتوراه في عام 1934، وكانت أطروحته حول عبادة الإله تحوت في مصر القديمة.
حياته المهنية
بعد حصوله على الدكتوراه، عاد لبيب حبشي إلى مصر وانضم إلى مصلحة الآثار المصرية (الآن المجلس الأعلى للآثار). بدأ حياته المهنية كمفتش للآثار في صعيد مصر، حيث أشرف على التنقيبات والحفاظ على المواقع الأثرية. أمضى سنوات عديدة في العمل في النوبة، قبل بناء السد العالي في أسوان، حيث قام بتسجيل وحفظ العديد من المعابد والمقابر المهددة بالغرق.
خلال حياته المهنية، عمل الدكتور حبشي في العديد من المواقع الأثرية الهامة، بما في ذلك:
- الأقصر والكرنك: شارك في التنقيب عن العديد من المعابد والمقابر في هذه المنطقة، بما في ذلك معبد الأقصر ومعبد الكرنك.
- دندرة: قام بتسجيل وترميم معبد حتحور في دندرة، وهو أحد أفضل المعابد المحفوظة في مصر.
- إدفو: عمل في معبد حورس في إدفو، وهو معبد آخر محفوظ جيدًا يعود إلى العصر البطلمي.
- النوبة: لعب دورًا حاسمًا في إنقاذ وتسجيل الآثار النوبية قبل بناء السد العالي، بما في ذلك معبد كلابشة ومعبد بيت الوالي.
تميز عمل حبشي بالدقة والاهتمام بالتفاصيل. كان حريصًا على تسجيل كل جانب من جوانب المواقع الأثرية التي عمل بها، من الهندسة المعمارية إلى النقوش والتحف. نشر العديد من الكتب والمقالات حول اكتشافاته، مما جعلها متاحة للعلماء والجمهور على حد سواء.
مساهماته في علم المصريات
قدم لبيب حبشي مساهمات كبيرة في فهمنا لتاريخ وفن مصر القديمة. تشمل بعض أهم مساهماته:
- دراسة الآثار غير الملكية: ركز حبشي بشكل خاص على دراسة الآثار غير الملكية، مثل مقابر المسؤولين والكهنة والفنانين. من خلال دراسة هذه الآثار، تمكن من إلقاء الضوء على حياة ومعتقدات المصريين القدماء من جميع مناحي الحياة.
- توثيق الآثار النوبية: لعب حبشي دورًا حاسمًا في توثيق الآثار النوبية قبل بناء السد العالي. أنقذ عمله العديد من المعابد والمقابر من الضياع إلى الأبد.
- تحليل النقوش: كان حبشي خبيرًا في تحليل النقوش المصرية القديمة. تمكن من فك رموز العديد من النصوص المهمة التي قدمت رؤى جديدة حول تاريخ وثقافة مصر القديمة.
- الكتابة والنشر: نشر حبشي العديد من الكتب والمقالات حول علم المصريات، بما في ذلك “أعمدة العائلة المصرية” و “كنوز توت عنخ آمون”. ساعدت كتاباته في إتاحة علم المصريات لجمهور أوسع.
بالإضافة إلى عمله الميداني والبحثي، كان لبيب حبشي أيضًا معلمًا وموجهًا. قام بتدريس علم المصريات في جامعة القاهرة وقام بتدريب العديد من علماء المصريات الشباب. كان معروفًا بكرمه واستعداده لمشاركة معرفته مع الآخرين.
أعمدة العائلة المصرية
يعتبر كتاب “أعمدة العائلة المصرية” من أهم مؤلفات لبيب حبشي، حيث يقدم دراسة شاملة للأفراد غير الملكيين في مصر القديمة، مع التركيز بشكل خاص على الأسر التي تركت بصماتها من خلال المقابر والتماثيل والنقوش. يقدم الكتاب لمحة فريدة عن الحياة اليومية والمعتقدات الدينية للمصريين القدماء من الطبقات غير الحاكمة.
يسلط الكتاب الضوء على دور المرأة في المجتمع المصري القديم، كما يكشف عن تفاصيل مهمة حول المناصب الإدارية والدينية التي شغلها الأفراد من الطبقات الوسطى والعليا. من خلال تحليل دقيق للنقوش والرسومات الموجودة على جدران المقابر، يتمكن حبشي من إعادة بناء قصص الأفراد والعائلات التي عاشت في مصر القديمة، مما يوفر لنا فهمًا أعمق للتركيبة الاجتماعية والثقافية لتلك الحقبة.
يتميز الكتاب بأسلوب لبيب حبشي الدقيق والتحليلي، حيث يعتمد على الأدلة الأثرية والنصوص القديمة لتقديم صورة متكاملة عن المجتمع المصري القديم. يعتبر “أعمدة العائلة المصرية” مرجعًا أساسيًا للباحثين والمهتمين بتاريخ مصر القديمة، حيث يقدم معلومات قيمة حول الأفراد غير الملكيين الذين ساهموا في بناء الحضارة المصرية.
جوائز وتكريمات
حصل لبيب حبشي على العديد من الجوائز والتكريمات لعمله في علم المصريات، بما في ذلك:
- جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية (مصر)
- وسام الاستحقاق (مصر)
- عضوية فخرية في معهد الآثار الأمريكي
وفاته وإرثه
توفي لبيب حبشي في 18 فبراير 1984، عن عمر يناهز 77 عامًا. ترك وراءه إرثًا دائمًا كواحد من أبرز علماء المصريات في القرن العشرين. لا تزال أعماله قيد الدراسة والتقدير من قبل العلماء والطلاب في جميع أنحاء العالم. تظل مساهماته في فهمنا لتاريخ وفن مصر القديمة ذات قيمة لا تقدر بثمن.
خاتمة
كان لبيب حبشي عالم مصريات مصريًا بارزًا كرس حياته لدراسة وتسجيل آثار مصر القديمة. قدم مساهمات كبيرة في فهمنا لتاريخ وفن مصر القديمة، وخاصة فيما يتعلق بالآثار غير الملكية. سيظل عمله مصدر إلهام للعلماء والطلاب لأجيال قادمة.