مقدمة
قد يشير مصطلح “لوثر كينغ” إلى:
- مارتن لوثر كينغ الابن: قس أمريكي معمداني وناشط حقوق مدنية بارز، لعب دوراً محورياً في حركة الحقوق المدنية الأمريكية من عام 1954 وحتى اغتياله في عام 1968.
مارتن لوثر كينغ الابن: النشأة والتعليم
ولد مارتن لوثر كينغ الابن في 15 يناير 1929 في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا الأمريكية. كان اسمه الأصلي مايكل كينغ الابن، وتم تغييره لاحقاً إلى مارتن تيمناً بزعيم الإصلاح الديني مارتن لوثر. نشأ كينغ في أسرة متدينة، حيث كان والده مارتن لوثر كينغ الأب قساً في الكنيسة المعمدانية إبينيزر، وهي الكنيسة التي لعبت دوراً مهماً في حياة كينغ ومسيرته.
تلقى كينغ تعليمه في مدارس أتلانتا العامة، وأظهر نبوغاً مبكراً. التحق بكلية مورهاوس، وهي كلية تاريخية للسود في أتلانتا، حيث درس علم الاجتماع وحصل على درجة البكالوريوس في عام 1948. بعد ذلك، التحق بمعهد كروزر اللاهوتي في ولاية بنسلفانيا، حيث حصل على درجة البكالوريوس في اللاهوت عام 1951. وفي عام 1955، حصل على درجة الدكتوراه في اللاهوت من جامعة بوسطن.
بداية المسيرة النضالية: مقاطعة حافلات مونتغمري
بدأت مسيرة مارتن لوثر كينغ النضالية بشكل جدي في عام 1955، عندما اندلعت مقاطعة حافلات مونتغمري في ولاية ألاباما. كانت المقاطعة احتجاجاً على سياسة الفصل العنصري في الحافلات العامة، حيث كان يُطلب من السود الجلوس في الجزء الخلفي من الحافلة وإفساح المجال للبيض إذا لزم الأمر. بدأت المقاطعة بعد أن اعتقلت روزا باركس، وهي امرأة سوداء، لرفضها إفساح مقعدها لرجل أبيض.
تم اختيار كينغ، الذي كان يبلغ من العمر 26 عاماً فقط في ذلك الوقت، لقيادة المقاطعة. استطاع كينغ، بفضل خطاباته المؤثرة وقدرته على حشد الناس، أن يحافظ على استمرار المقاطعة لمدة 381 يوماً. خلال هذه الفترة، تعرض كينغ وعائلته للتهديد والاعتداء، وتم اعتقاله عدة مرات. ومع ذلك، استمر في قيادة المقاطعة بإصرار وعزيمة.
في عام 1956، أصدرت المحكمة العليا للولايات المتحدة قراراً يقضي بأن الفصل العنصري في الحافلات العامة غير دستوري. كان هذا القرار انتصاراً كبيراً لحركة الحقوق المدنية، وأظهر قوة الاحتجاج السلمي في تحقيق التغيير الاجتماعي.
تأسيس مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية
بعد النجاح الذي حققته مقاطعة حافلات مونتغمري، أدرك كينغ والحقوقيون الآخرون الحاجة إلى منظمة وطنية لتنسيق جهود حركة الحقوق المدنية. في عام 1957، أسس كينغ مع مجموعة من القادة الدينيين مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية (SCLC). كان الهدف من المؤتمر هو استخدام اللاعنف والعصيان المدني لتحقيق المساواة العرقية.
لعب مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية دوراً حاسماً في تنظيم العديد من الاحتجاجات والمسيرات البارزة خلال الستينيات، بما في ذلك مسيرة واشنطن من أجل الوظائف والحرية في عام 1963، ومسيرة سلمى إلى مونتغمري في عام 1965.
مسيرة واشنطن من أجل الوظائف والحرية
في 28 أغسطس 1963، قاد مارتن لوثر كينغ مسيرة واشنطن من أجل الوظائف والحرية، وهي واحدة من أكبر التجمعات السياسية في تاريخ الولايات المتحدة. شارك في المسيرة أكثر من 250 ألف شخص من جميع أنحاء البلاد، للمطالبة بإنهاء التمييز العنصري وتوفير فرص اقتصادية متساوية للجميع.
ألقى كينغ خلال المسيرة خطابه الشهير “لدي حلم”، الذي يعتبر واحداً من أعظم الخطب في التاريخ الأمريكي. تحدث كينغ في خطابه عن رؤيته لأمريكا حيث يتم الحكم على الناس ليس بناءً على لون بشرتهم، ولكن بناءً على محتوى شخصيتهم. ألهم هذا الخطاب الملايين من الناس، وأصبح رمزاً لحركة الحقوق المدنية.
جائزة نوبل للسلام
في عام 1964، حصل مارتن لوثر كينغ على جائزة نوبل للسلام تقديراً لجهوده في مكافحة التمييز العنصري من خلال اللاعنف. كان كينغ أصغر شخص يحصل على الجائزة في ذلك الوقت.
تبرع كينغ بقيمة الجائزة بالكامل لحركة الحقوق المدنية.
حركة الحقوق المدنية وقانون الحقوق المدنية لعام 1964
ساهمت جهود مارتن لوثر كينغ وحركة الحقوق المدنية بشكل كبير في إقرار قانون الحقوق المدنية لعام 1964، وهو قانون تاريخي يحظر التمييز على أساس العرق واللون والدين والجنس والأصل القومي. يعتبر هذا القانون علامة فارقة في تاريخ الحقوق المدنية في الولايات المتحدة.
حملة بور بيبل
في عام 1967، بدأ مارتن لوثر كينغ حملة بور بيبل (حملة الشعب الفقير)، وهي حملة وطنية تهدف إلى مكافحة الفقر والظلم الاقتصادي. كان كينغ يعتقد أن الفقر كان مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالتمييز العنصري، وأن الحلول يجب أن تكون شاملة وتستهدف جذور المشكلة.
اغتيال مارتن لوثر كينغ الابن
في 4 أبريل 1968، اغتيل مارتن لوثر كينغ الابن في مدينة ممفيس بولاية تينيسي. كان كينغ في ممفيس لدعم عمال الصرف الصحي المضربين. أطلق جيمس إيرل راي، وهو مجرم هارب، النار على كينغ أثناء وقوفه على شرفة غرفته في فندق لورين. توفي كينغ في المستشفى بعد وقت قصير من إطلاق النار عليه.
أثار اغتيال كينغ موجة من الغضب والحزن في جميع أنحاء الولايات المتحدة، واندلعت أعمال شغب في العديد من المدن. تم القبض على جيمس إيرل راي في وقت لاحق وحكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة قتل كينغ.
إرث مارتن لوثر كينغ
ترك مارتن لوثر كينغ الابن إرثاً هائلاً من النضال من أجل الحقوق المدنية والمساواة العرقية. يعتبر كينغ رمزاً للأمل والإلهام للملايين من الناس في جميع أنحاء العالم. لا تزال كلماته وأفعاله تلهم الناس اليوم لمكافحة الظلم والعمل من أجل عالم أكثر عدلاً ومساواة.
يتم الاحتفال بيوم مارتن لوثر كينغ الابن في الولايات المتحدة في ثالث يوم اثنين من شهر يناير من كل عام. هذا اليوم هو عطلة فدرالية لتكريم حياة وإرث كينغ.
أهم إنجازات مارتن لوثر كينغ الابن
- قيادة مقاطعة حافلات مونتغمري.
- تأسيس مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية.
- قيادة مسيرة واشنطن من أجل الوظائف والحرية.
- الحصول على جائزة نوبل للسلام.
- المساهمة في إقرار قانون الحقوق المدنية لعام 1964.
خاتمة
مارتن لوثر كينغ الابن، قامة شامخة في تاريخ النضال من أجل الحقوق المدنية، ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الولايات المتحدة والعالم. من خلال التزامه اللاعنفي وإيمانه الراسخ بالمساواة، ألهم الملايين لمواجهة الظلم والتمييز. إن إرثه باقٍ، وسيظل نبراساً يضيء دروب الساعين إلى عالم أكثر عدلاً وإنصافاً.