<![CDATA[
نسبه ونشأته
هو حبيب بن زيد بن عاصم بن عمرو بن مبذول بن مالك بن النجار الأنصاري الخزرجي. والده هو الصحابي الجليل زيد بن عاصم، الذي شهد بيعة العقبة وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. نشأ حبيب في كنف أبيه الصحابي الجليل، وتربى على تعاليم الإسلام وقيمه السمحة. تعلم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتشبع بروح الجهاد والتضحية في سبيل الله.
إسلامه ومبايعته
أسلم حبيب بن زيد في شبابه، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن يقول الحق لا يخاف في الله لومة لائم. كان حبيب من السابقين إلى الإسلام، ومن الذين آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت كانت فيه قريش تضطهد المسلمين وتؤذيهم.
دوره في خدمة الإسلام
شارك حبيب بن زيد في العديد من الغزوات والمعارك التي خاضها المسلمون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبلى فيها بلاءً حسنًا. كان يتميز بالشجاعة والإقدام والمهارة في القتال. كما كان يتميز أيضًا بالكرم والجود وحسن الخلق، وكان محبوبًا من قبل الصحابة رضي الله عنهم.
روي أنه كان ممن شهدوا بيعة الرضوان تحت الشجرة، وهي البيعة التي بايع فيها الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت في سبيل الله. وقد نزلت فيهم آيات من القرآن الكريم تشيد بفضلهم وتثني عليهم.
قصة استشهاده
في السنة التاسعة للهجرة، أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسله إلى الملوك والأمراء يدعوهم إلى الإسلام. وكان من بين هؤلاء الرسل حبيب بن زيد الأنصاري، الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مسيلمة الكذاب في اليمامة. فلما وصل حبيب إلى مسيلمة، دعاه إلى الإسلام، فرفض مسيلمة واستكبر، وأمر جنوده بتقطيع أوصاله قطعة قطعة، وهو ثابت على دينه، لا يلين ولا يتزعزع. لقد كان نموذجًا للإيمان الحق والتضحية في سبيل الله.
يذكر التاريخ أن مسيلمة الكذاب قال لحبيب بن زيد: “أتشهد أن محمدًا رسول الله؟” فيجيب حبيب: “نعم، أشهد أن محمدًا رسول الله”. ثم يسأله مسيلمة: “أتشهد أني رسول الله؟” فيجيب حبيب: “أنت الكذاب”. فما كان من مسيلمة إلا أن يأمر بقطع أعضائه قطعة قطعة، حتى استشهد رضي الله عنه.
وقد نقلت بعض الروايات أن مسيلمة سأل حبيبًا: “من ربك؟” فأجابه حبيب: “ربي الله وربك”. فسأله مسيلمة: “ومن نبيك؟” فأجابه حبيب: “نبيي محمد ونبيك مسيلمة”. فغضب مسيلمة وأمر بقطع لسانه، ثم قطع يده اليمنى، ثم يده اليسرى، ثم رجله اليمنى، ثم رجله اليسرى، حتى استشهد رضي الله عنه.
وقد روي أن امرأة من بني النجار كانت حاضرة عندما استشهد حبيب بن زيد، فلما رأت صبره وثباته، قالت: “والله ما رأيت أشد من هذا الرجل إيمانًا”.
موقف الصحابة من استشهاده
حزن الصحابة رضوان الله عليهم حزنًا شديدًا على استشهاد حبيب بن زيد، واعتبروه شهيدًا من شهداء الإسلام، وبطلاً من أبطال الأمة. وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “رحم الله حبيب بن زيد، فإنه قتل شهيدًا”.
كما روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما تولى الخلافة، أرسل جيشًا بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى اليمامة لقتال مسيلمة الكذاب. وقد انتصر المسلمون في هذه المعركة، وقُتل مسيلمة الكذاب، وانتقم الله لحبيب بن زيد ولجميع الشهداء الذين قتلهم مسيلمة وأتباعه.
مكانته وفضائله
- كان حبيب بن زيد من السابقين إلى الإسلام.
- كان من الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة.
- شارك في العديد من الغزوات والمعارك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- كان شجاعًا ومقدامًا في القتال.
- كان كريمًا جوادًا حسن الخلق.
- استشهد في سبيل الله دفاعًا عن الإسلام ونصرةً للرسول صلى الله عليه وسلم.
- يعتبر من شهداء الإسلام وأبطال الأمة.
أثر استشهاده
ترك استشهاد حبيب بن زيد أثرًا كبيرًا في نفوس المسلمين، وألهمهم التضحية والفداء في سبيل الله. كما كان استشهاده سببًا في غضب المسلمين على مسيلمة الكذاب، والتحرك لقتاله والقضاء عليه. لقد كان استشهاده حافزًا للمسلمين على الثبات على الحق وعدم التنازل عنه مهما كانت الظروف.
دروس وعبر من حياته
حياة حبيب بن زيد مليئة بالدروس والعبر، ومن أهم هذه الدروس:
- أهمية الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
- ضرورة الثبات على الحق وعدم التنازل عنه.
- فضل التضحية والفداء في سبيل الله.
- أهمية الشجاعة والإقدام في مواجهة الأعداء.
- ضرورة نصرة الحق والدفاع عنه.
أقوال العلماء فيه
أثنى العلماء على حبيب بن زيد، وذكروا فضائله ومناقبه، واعتبروه من شهداء الإسلام وأبطال الأمة. وقد قال عنه ابن الأثير في أسد الغابة: “حبيب بن زيد الأنصاري، شهد بيعة الرضوان، وقتل شهيدًا باليمامة”.
وقال عنه ابن حجر العسقلاني في الإصابة: “حبيب بن زيد بن عاصم الأنصاري، شهد بيعة الرضوان، وأرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى مسيلمة الكذاب، فقتله”.
خاتمة
حبيب بن زيد الأنصاري، صحابي جليل وشاب من شباب الأنصار، استُشهد في سبيل الله دفاعًا عن الإسلام ونصرةً للرسول صلى الله عليه وسلم. كان نموذجًا للإيمان الحق والتضحية في سبيل الله. ترك استشهاده أثرًا كبيرًا في نفوس المسلمين، وألهمهم التضحية والفداء في سبيل الله. نسأل الله تعالى أن يرحمه ويغفر له، وأن يجعله من أهل الجنة.