خلفية الألبوم والتسجيل
بعد انفصال فرقة “ليد زيبلين” في عام 1980، بدأ روبرت بلانت مسيرته الفنية المنفردة. أصدر أول ألبومين له، “صور اللحظة” (Pictures at Eleven) في عام 1982، و”الأذنين الجيدة” (The Principle of Moments) في عام 1983، وحققا نجاحًا تجاريًا جيدًا، ولكنهما حافظا على بعض العناصر من أسلوب “ليد زيبلين”. مع “يهتز ويُحرَّك”، أراد بلانت أن يتخلص من أي توقعات مرتبطة بماضيه، وأن يستكشف آفاقًا موسيقية جديدة. قام بلانت بالتعاون مع مجموعة من الموسيقيين الموهوبين، بمن فيهم عازف الجيتار روبي بلاكويل، وعازف لوحات المفاتيح جوناثان كيركباتريك، وعازف الدرامز ريك غريتش. بدأ تسجيل الألبوم في استوديوهات “مونتسيرات” (Montserrat) في جزر الهند الغربية، وانتقل بعد ذلك إلى استوديوهات أخرى في بريطانيا لإنهاء العمل عليه.
الأسلوب الموسيقي
يتميز ألبوم “يهتز ويُحرَّك” بأسلوب موسيقي فريد من نوعه، يختلف بشكل كبير عن أعمال بلانت السابقة. يعتمد الألبوم على الأصوات الاصطناعية (synth) بشكل كبير، ويستخدم تقنيات إنتاج متطورة في ذلك الوقت، مما يمنح الألبوم صوتًا عصريًا ومختلفًا. يمزج الألبوم بين عناصر البوب والروك والسينث-بوب، مع تأثيرات من موسيقى الشرق الأوسط، مما يخلق تجربة سمعية غنية ومتنوعة. تتميز أغاني الألبوم بالإيقاعات الراقصة والألحان الجذابة، مع تركيز على الجانب التجريبي والمغامر. استخدم بلانت صوته بطرق جديدة، مع التركيز على الأصوات العالية والأداء الدرامي.
أغاني الألبوم
يضم ألبوم “يهتز ويُحرَّك” مجموعة متنوعة من الأغاني التي تعرض قدرة بلانت على التكيف والإبداع. من أبرز أغاني الألبوم:
- “الزائر” (Hip to Hoo): أغنية افتتاحية قوية تتميز بإيقاعها الراقص وأصواتها الاصطناعية الجذابة.
- “مغني الراديو” (Radio Active): أغنية ذات إيقاع سريع وحماسي، مع كلمات تعكس حب بلانت للموسيقى.
- “بورتريت” (Little by Little): أغنية هادئة نسبيًا، تتميز بألحانها الجميلة وصوت بلانت المميز.
- “ديفينلي” (Easily Lead): أغنية بوب روك مفعمة بالحيوية.
- “يهتز ويُحرَّك” (Shaken ‘n’ Stirred): الأغنية الرئيسية في الألبوم، وهي عبارة عن مزيج من موسيقى الروك والسينث-بوب.
الاستقبال النقدي والتجاري
تلقى ألبوم “يهتز ويُحرَّك” آراء متباينة من النقاد. أشاد البعض بالأسلوب الموسيقي الجديد لبلانت، واعتبروا الألبوم تجربة فنية ناجحة. انتقد آخرون الألبوم، مشيرين إلى أنه يفتقر إلى الجودة التي تميز بها أعمال بلانت السابقة مع “ليد زيبلين”. على الرغم من ذلك، حقق الألبوم نجاحًا تجاريًا جيدًا، حيث وصل إلى المراكز المتقدمة في قوائم الأغاني في العديد من البلدان. ساهمت الأغاني الفردية التي صدرت من الألبوم، مثل “الزائر” (Hip to Hoo) و”مغني الراديو” (Radio Active)، في زيادة شعبيته.
التأثير والإرث
على الرغم من أن “يهتز ويُحرَّك” قد لا يُعتبر من بين أبرز أعمال روبرت بلانت، إلا أنه يمثل مرحلة مهمة في مسيرته الفنية. أظهر الألبوم قدرة بلانت على التكيف مع الاتجاهات الموسيقية الجديدة، وعلى استكشاف آفاق فنية مختلفة. ساهم الألبوم في ترسيخ مكانة بلانت كموسيقي منفرد ناجح، ومهد الطريق لألبوماته اللاحقة. يُعتبر الألبوم أيضًا مثالًا على التنوع الموسيقي في الثمانينيات، ويُظهر تأثير موسيقى البوب والسينث-بوب على موسيقى الروك.
تطور مسيرة روبرت بلانت بعد “يهتز ويُحرَّك”
بعد إصدار “يهتز ويُحرَّك”، واصل روبرت بلانت مسيرته الفنية الناجحة. أصدر العديد من الألبومات الأخرى، بما في ذلك “شات أوف ذا بلو” (Now and Zen) في عام 1988، و”مانا فيلد” (Manic Nirvana) في عام 1990، و”فيت” (Fate of Nations) في عام 1993. تعاون بلانت مع العديد من الموسيقيين، وأجرى العديد من الجولات الموسيقية الناجحة. في عام 1994، شكل بلانت فريقًا مع عازف الجيتار السابق في فرقة “ليد زيبلين” جيمي بيج، وأصدرا ألبومًا مشتركًا بعنوان “نوماد” (No Quarter: Jimmy Page and Robert Plant Unledded). استمر بلانت في إصدار الألبومات وتسجيل الموسيقى حتى يومنا هذا، وحصل على العديد من الجوائز والتكريمات لمساهماته في مجال الموسيقى.
مقارنة مع “ليد زيبلين”
يمثل ألبوم “يهتز ويُحرَّك” انحرافًا واضحًا عن الصوت الذي اشتهر به روبرت بلانت مع فرقة “ليد زيبلين”. بينما كانت “ليد زيبلين” تركز على موسيقى الروك الثقيل والبلوز، يتبنى “يهتز ويُحرَّك” أسلوبًا أكثر تجريبية مع التركيز على الأصوات الاصطناعية والبوب. بالرغم من هذا التحول، يظل صوت بلانت المميز هو العامل المشترك. يتجلى هذا في الأداء الصوتي القوي والمميز الذي يظهر في كلتا المرحلتين من مسيرته الفنية. يمكن القول إن هذا الألبوم يمثل رغبة بلانت في تحدي نفسه وتوسيع نطاقه الموسيقي، مما يجعله تحولًا مثيرًا للاهتمام في مسيرته المهنية.
العناصر الرئيسية للألبوم
يشمل “يهتز ويُحرَّك” عدة عناصر رئيسية تساهم في تميزه:
- الإنتاج الموسيقي: استخدام تقنيات إنتاج متطورة في ذلك الوقت، مما أعطى الألبوم صوتًا عصريًا.
- الأداء الصوتي: صوت بلانت المميز يظهر في كل أغنية، مع التركيز على الأصوات العالية والأداء الدرامي.
- التعاون: تعاون بلانت مع مجموعة من الموسيقيين الموهوبين أثرى من تجربة الألبوم.
- التجريبية: يظهر الألبوم رغبة بلانت في تجربة أنماط موسيقية جديدة ودمجها في أسلوبه.
أهمية الألبوم في مسيرة بلانت
يمثل “يهتز ويُحرَّك” علامة فارقة في مسيرة روبرت بلانت، حيث أظهر قدرته على التكيف والتطور كموسيقي. ساعد الألبوم في إثبات أن بلانت يمكنه النجاح بعيدًا عن إرث “ليد زيبلين”. كان هذا الألبوم بمثابة بداية لمرحلة جديدة في مسيرة بلانت الفنية، حيث استمر في استكشاف أنماط موسيقية مختلفة وتقديم أعمال فنية مبتكرة.
خاتمة
يُعد ألبوم “يهتز ويُحرَّك” علامة فارقة في مسيرة روبرت بلانت. بالرغم من أنه يمثل تحولًا جذريًا عن أسلوب “ليد زيبلين”، إلا أنه يظهر قدرة بلانت على التكيف والإبداع. يتميز الألبوم بأسلوبه الموسيقي التجريبي، واستخدامه للأصوات الاصطناعية، والأداء الصوتي المميز لبلانت. على الرغم من اختلاف الآراء حوله، إلا أنه يظل جزءًا مهمًا من تاريخ الموسيقى، ويمثل دليلًا على التنوع والابتكار في الثمانينيات. يمثل الألبوم نقطة انطلاق لبلانت نحو مسيرة فنية ناجحة كفنان منفرد، ويعكس رغبته المستمرة في استكشاف آفاق موسيقية جديدة.