مقدمة
مدفع الميدان عيار 100 مم طراز M1944 (BS-3) هو مدفع سوفيتي متعدد الأغراض، صُمم في الأصل كسلاح مضاد للدبابات، ولكنه استخدم أيضًا كمدفع ميداني. تميز المدفع بقوة نيرانه العالية وقدرته على اختراق الدروع، مما جعله سلاحًا فعالًا خلال الحرب العالمية الثانية وما بعدها. استُخدم على نطاق واسع من قبل الجيش السوفيتي والعديد من الدول الأخرى حول العالم، وشهد العديد من الصراعات.
التاريخ والتطوير
بدأ تطوير مدفع BS-3 في عام 1943، عندما أدرك الجيش السوفيتي الحاجة إلى مدفع قوي مضاد للدبابات قادر على اختراق الدروع المتزايدة للدبابات الألمانية. استند التصميم إلى مدفع بحري عيار 100 مم، وتم تكييفه للاستخدام البري. أشرف على عملية التطوير المصمم الشهير ف. ج. جرابين، وتم إنتاج المدفع في مصنع “باريكادي” في فولغوغراد. تميز المدفع ببساطة تصميمه وسهولة إنتاجه، مما ساهم في انتشاره الواسع.
التصميم والمواصفات
يتميز مدفع BS-3 بتصميم قوي ومتين، مع سبطانة طويلة تبلغ 59.6 عيارًا. يستخدم المدفع نظام ارتداد هيدروليكي هوائي، مما يقلل من قوة الارتداد ويسمح بإطلاق النار بمعدل مرتفع نسبيًا. يتكون المدفع من جزأين رئيسيين: السبطانة والمهد. يتم تثبيت السبطانة داخل المهد، والذي يشتمل على نظام الارتداد وآلية الإطلاق. يتم تثبيت المهد على قاعدة المدفع، والتي توفر الدعم والاستقرار.
المواصفات الرئيسية:
- العيار: 100 مم
- طول السبطانة: 59.6 عيار
- الوزن في وضع القتال: 3600 كجم
- زاوية الارتفاع: -5 إلى +45 درجة
- زاوية الانحراف الأفقي: 35 درجة
- معدل إطلاق النار: 8-10 طلقات في الدقيقة
- المدى الأقصى: 20650 متر
- سرعة الفوهة: 895-1000 متر/ثانية (حسب نوع القذيفة)
الذخيرة
استخدم مدفع BS-3 مجموعة متنوعة من الذخيرة، بما في ذلك:
- قذائف خارقة للدروع (AP): تستخدم لاختراق الدروع الثقيلة للدبابات.
- قذائف شديدة الانفجار (HE): تستخدم لتدمير الأهداف غير المدرعة وإلحاق الضرر بالتحصينات.
- قذائف خارقة للدروع ذات الزعانف المستقرة (APFS): نوع أكثر تطوراً من القذائف الخارقة للدروع، توفر قدرة اختراق محسنة.
- قذائف الدخان: تستخدم لخلق ستار دخاني لإخفاء التحركات العسكرية.
يعتمد اختيار نوع الذخيرة على طبيعة الهدف والظروف القتالية.
الاستخدام القتالي
لعب مدفع BS-3 دورًا هامًا في الحرب العالمية الثانية، حيث استخدم على نطاق واسع من قبل الجيش السوفيتي كسلاح مضاد للدبابات وكمدفع ميداني. أثبت المدفع فعاليته ضد الدبابات الألمانية، بما في ذلك دبابات “تايجر” و”بانثر”. بعد الحرب، تم تصدير المدفع إلى العديد من الدول حول العالم، وشارك في العديد من الصراعات، بما في ذلك الحرب الكورية وحرب فيتنام والحروب العربية الإسرائيلية. استمر استخدام المدفع في بعض الجيوش حتى وقت قريب، مما يدل على متانته وفعاليته.
النسخ والمتغيرات
لم يتم إنتاج العديد من النسخ أو المتغيرات الرئيسية من مدفع BS-3، لكن تم إجراء بعض التعديلات الطفيفة على مر السنين لتحسين الأداء أو التكيف مع الاحتياجات المختلفة. أحد التعديلات الأكثر شيوعًا هو تركيب فرامل فوهة محسنة لتقليل قوة الارتداد. تم أيضًا تركيب المدفع على بعض المركبات، مثل المدمرة ذاتية الدفع SU-100، مما زاد من قدرته على الحركة وقوته النارية.
الدول المستخدمة
تم استخدام مدفع BS-3 على نطاق واسع من قبل العديد من الدول حول العالم، بما في ذلك:
- الاتحاد السوفيتي/روسيا
- الصين
- مصر
- سوريا
- فيتنام
- كوريا الشمالية
- بولندا
- تشيكوسلوفاكيا (سابقا) / جمهورية التشيك / سلوفاكيا
- ألبانيا
- الجزائر
- أنغولا
- بلغاريا
- كوبا
- المجر
- إيران
- العراق
- منغوليا
- رومانيا
- يوغوسلافيا (سابقا)
- اليمن
أهميته
يُعد مدفع BS-3 سلاحًا هامًا في تاريخ المدفعية، حيث لعب دورًا حاسمًا في العديد من الصراعات. يشتهر المدفع بقوة نيرانه العالية ودقته وموثوقيته. كما أنه يُعد مثالًا جيدًا على التصميم السوفيتي البسيط والفعال، والذي ساهم في انتشاره الواسع.
مقارنة مع مدافع أخرى
عند مقارنة مدفع BS-3 بمدافع أخرى مماثلة في نفس الفترة الزمنية، يبرز المدفع بقدرته على اختراق الدروع وقوته النارية. على سبيل المثال، كان المدفع أفضل من العديد من المدافع المضادة للدبابات الألمانية في أوائل الحرب العالمية الثانية، مثل مدفع باك 40 عيار 75 ملم. ومع ذلك، كانت هناك مدافع أخرى أكثر تطوراً ظهرت لاحقًا، مثل مدفع 8.8 سم باك 43 الألماني، الذي كان يتمتع بقدرة اختراق أكبر. بشكل عام، كان مدفع BS-3 سلاحًا فعالًا للغاية في وقته، وظل ذا قيمة حتى بعد ظهور أسلحة أكثر تطوراً.
صور تاريخية
يمكن العثور على العديد من الصور التاريخية لمدفع BS-3 على الإنترنت وفي الأرشيفات العسكرية. تُظهر هذه الصور المدفع في أوضاع قتالية مختلفة، بالإضافة إلى استخدامه في التدريب والاستعراضات العسكرية.
خاتمة
مدفع الميدان عيار 100 مم طراز M1944 (BS-3) هو سلاح مدفعي سوفيتي بارز، تميز بقوته النارية العالية وتعدد استخداماته. لعب المدفع دورًا هامًا في الحرب العالمية الثانية والعديد من الصراعات اللاحقة، وأثبت فعاليته ضد الدبابات والأهداف الأخرى. يُعد المدفع مثالًا جيدًا على التصميم السوفيتي البسيط والفعال، وظل سلاحًا ذا قيمة حتى بعد ظهور أسلحة أكثر تطوراً.