مقدمة
فيلم “لا ترفع الجسر، اخفض النهر” (Don’t Raise the Bridge, Lower the River) هو فيلم كوميدي بريطاني تم إنتاجه عام 1968 من قبل والتر شينسون وبطولة جيري لويس. يُعد هذا الفيلم مثالاً على الكوميديا الساخرة التي تعتمد على المواقف الكوميدية والمبالغة في الأحداث، ويتميز بأسلوبه الفكاهي الذي يعتمد على شخصية جيري لويس المميزة.
القصة والشخصيات الرئيسية
تدور أحداث الفيلم حول جورج بوسورت، الذي يجسد دوره جيري لويس، وهو رجل أمريكي يعيش في بريطانيا. جورج هو رجل أعمال فاشل يواجه العديد من المشاكل المالية والعائلية. يحاول جورج باستمرار إيجاد طرق سهلة وسريعة لكسب المال، وغالباً ما تكون هذه الطرق غير تقليدية أو غير قانونية. زوجة جورج، التي تلعب دورها جانيت لي، تشعر بالإحباط من سلوكه وعدم مسؤوليته.
تتضمن القصة العديد من المواقف الكوميدية، مثل محاولات جورج الفاشلة في بيع منتجات غريبة، ومشاركته في خطط احتيال فاشلة، وعلاقاته المضطربة مع زوجته وأطفاله. يعتمد الفيلم على الكوميديا الجسدية والكوميديا الموقفية، مع تركيز كبير على تعابير وجه جيري لويس وأدائه المبالغ فيه. من الشخصيات البارزة الأخرى في الفيلم المحقق الذي يحاول باستمرار القبض على جورج، وصديق جورج الغريب الأطوار الذي يشاركه في مغامراته.
الإنتاج والإخراج
أنتج الفيلم والتر شينسون، الذي كان له دور في إنتاج أفلام البيتلز مثل “ليلة في يوم عصيب” (A Hard Day’s Night). أخرج الفيلم جيري باريس، الذي عمل مع جيري لويس في أفلام أخرى. تم تصوير الفيلم في أماكن مختلفة في بريطانيا، مما أضاف إلى جمالياته البصرية. استخدام الفيلم الألوان بشكل جيد، مما ساهم في إبراز المواقف الكوميدية والملابس الغريبة التي يرتديها جورج.
الأسلوب الكوميدي
يعتمد الفيلم على أسلوب الكوميديا الأمريكي التقليدي، مع لمسة بريطانية. يتميز الفيلم بالكوميديا الجسدية (Slapstick)، وهي نوع من الكوميديا يعتمد على الحركات الجسدية المبالغ فيها، والسقوط، والتعبيرات المضحكة. جيري لويس، بصفته بطلاً للفيلم، يتقن هذا النوع من الكوميديا، ويستخدمه ببراعة لخلق مواقف مضحكة. بالإضافة إلى ذلك، يعتمد الفيلم على الكوميديا الموقفية (Situational Comedy)، التي تنشأ من المواقف غير العادية أو المحرجة التي يواجهها جورج.
يتضمن الفيلم أيضاً بعض اللحظات الساخرة التي تنتقد المجتمع الأمريكي والبريطاني في الستينيات، خاصة فيما يتعلق بالطمع المادي والطبقات الاجتماعية. على الرغم من أن الفيلم كوميدي في المقام الأول، إلا أنه يطرح بعض القضايا الاجتماعية بشكل غير مباشر.
أهمية الفيلم وتأثيره
على الرغم من أن الفيلم لم يحقق نجاحاً تجارياً كبيراً وقت عرضه، إلا أنه اكتسب شعبية مع مرور الوقت وأصبح يعتبر كلاسيكياً لعشاق الكوميديا. يُنظر إلى الفيلم على أنه مثال جيد على أسلوب جيري لويس الكوميدي، والذي يتميز بالحيوية والطاقة والقدرة على إضحاك الجمهور. ساهم الفيلم في ترسيخ مكانة جيري لويس كأحد أبرز الكوميديين في عصره. كما أن الفيلم يمثل نقطة تحول في مسيرة جيري لويس المهنية، حيث ابتعد عن الكوميديا الثنائية وبدأ في التركيز على مشاريع فردية.
يعتبر الفيلم أيضاً مثالاً على الكوميديا البريطانية في الستينيات، والتي كانت تتميز في بعض الأحيان بأسلوب ساخر ومرح. على الرغم من أن الفيلم أمريكي في الأساس، إلا أن تصويره لبريطانيا يضيف إليه طابعاً خاصاً.
الموسيقى والتصوير السينمائي
تعتبر الموسيقى التصويرية في الفيلم جزءاً مهماً من التجربة السينمائية. ساهمت الموسيقى في تعزيز المواقف الكوميدية وتقديم أجواء الفيلم. بالإضافة إلى ذلك، يتميز التصوير السينمائي في الفيلم بجودته العالية، مما ساهم في إبراز جمال المناظر الطبيعية في بريطانيا، وكذلك في إبراز تعابير وجه جيري لويس وحركاته الجسدية.
تحليل الشخصيات
جورج بوسورت (جيري لويس): يمثل جورج شخصية الرجل الذي يحاول تحقيق أحلامه بطرق غير تقليدية. إنه يعاني من مشاكل مالية وعائلية، ولكنه لا يفقد الأمل أبداً. شخصيته تتميز بالحيوية والطاقة، وهو يستخدم الكوميديا الجسدية ببراعة. على الرغم من عيوبه، فإن جورج شخصية محبوبة من قبل الجمهور، مما يجعلهم يتعاطفون معه.
زوجة جورج: تمثل الزوجة دور الزوجة المحبطة من سلوك زوجها. إنها تعبر عن القلق على الوضع المالي للأسرة، وتحاول إقناع جورج بتغيير سلوكه. شخصيتها تمثل صوت العقل في الفيلم، وتوفر التوازن اللازم للكوميديا.
الشخصيات الثانوية: تساهم الشخصيات الثانوية في خلق المواقف الكوميدية في الفيلم. على سبيل المثال، المحقق الذي يحاول القبض على جورج، وصديق جورج الغريب الأطوار. هذه الشخصيات تقدم مجموعة متنوعة من الأنماط السلوكية التي تزيد من متعة المشاهدة.
الموضوعات الرئيسية
الطمع المادي: يتناول الفيلم موضوع الطمع المادي وسعي الإنسان وراء المال. يعرض الفيلم كيف أن هذا السعي يمكن أن يؤدي إلى سلوكيات غير مسؤولة وغير أخلاقية. جورج يمثل الشخص الذي يسعى باستمرار إلى الثراء السريع، وهذا يجعله عرضة للمشاكل.
العلاقات الأسرية: يركز الفيلم على العلاقات الأسرية وتأثير المشاكل المالية على هذه العلاقات. تظهر العلاقة بين جورج وزوجته مدى تأثير سلوكه على حياتهما الزوجية، وكيف يؤثر على الأطفال.
الطبقات الاجتماعية: يقدم الفيلم نظرة ساخرة على الطبقات الاجتماعية في المجتمع. تظهر الاختلافات بين طبقات المجتمع المختلفة، وكيف تؤثر هذه الاختلافات على حياة الناس.
نقد الفيلم
تلقى الفيلم آراء متباينة من النقاد. أشاد البعض بأداء جيري لويس الكوميدي، بينما انتقد البعض الآخر القصة ووصفوها بالضعيفة. بشكل عام، يرى النقاد أن الفيلم ناجح في تقديم الكوميديا، ولكنه يفتقر إلى العمق في معالجة الموضوعات المطروحة. ومع ذلك، يعتبر الفيلم كلاسيكياً لعشاق الكوميديا، ويستمتع به الجمهور بسبب أسلوبه الفكاهي المميز.
التراث والذكرى
يُذكر الفيلم في سياق مسيرة جيري لويس المهنية كأحد أعماله المميزة. يُنظر إليه على أنه مثال جيد على قدرته على تقديم الكوميديا الجسدية. على الرغم من أنه لم يحقق نجاحاً تجارياً كبيراً وقت عرضه، إلا أنه يعتبر الآن كلاسيكياً. أصبح الفيلم جزءاً من التراث السينمائي للكوميديا.
التأثير الثقافي
ساهم الفيلم في ترسيخ مكانة جيري لويس كأحد أبرز الكوميديين في عصره، وألهم العديد من الأعمال الكوميدية اللاحقة. يعكس الفيلم ثقافة الستينيات، من خلال تصويره للملابس، والموسيقى، والمواقف الاجتماعية. على الرغم من مرور سنوات على إنتاجه، لا يزال الفيلم يحظى بشعبية كبيرة بين الجمهور، ويتم عرضه في المهرجانات السينمائية والمناسبات الخاصة.
خاتمة
فيلم “لا ترفع الجسر، اخفض النهر” هو فيلم كوميدي بريطاني يعتمد على الكوميديا الجسدية والموقفية. يتميز الفيلم بأداء جيري لويس المميز وإخراجه الجيد. على الرغم من بعض الانتقادات التي وجهت إليه، إلا أنه يعتبر كلاسيكياً لعشاق الكوميديا، ويستحق المشاهدة. يقدم الفيلم نظرة ساخرة على المجتمع، ويسلط الضوء على أهمية العلاقات الأسرية.