نشأته وبداياته
ولد أدولف بارتلز في فيسلبورين، وهي بلدة تقع في ولاية شليسفيغ هولشتاين الألمانية. نشأ في بيئة محافظة، حيث كان والده قسًا. تلقى تعليمه المبكر في المدرسة المحلية، ثم انتقل إلى دراسة اللاهوت والفلسفة في جامعات كِيل ولايبزيغ وميونيخ. تأثر بارتلز في شبابه بالأفكار القومية واللاسامية التي كانت منتشرة في ألمانيا في ذلك الوقت.
مسيرته المهنية
بدأ بارتلز مسيرته المهنية كقسيس في عام 1890. ومع ذلك، سرعان ما تحول اهتمامه إلى الصحافة والأدب. بدأ في كتابة مقالات وقصائد نشرت في العديد من الصحف والمجلات الألمانية. تميزت كتاباته بطابعها القومي واللاسامي، حيث دافع عن التفوق الألماني وانتقد اليهود والمهاجرين.
في عام 1890، تزوج بارتلز من إليزابيث فيدمان، وأنجبا ثلاثة أطفال. كان لزوجته دور كبير في دعمه في مسيرته الأدبية والسياسية.
أعماله الأدبية
كتب بارتلز العديد من الأعمال الأدبية، بما في ذلك القصائد والمسرحيات والروايات. ومن أبرز أعماله:
- “شعر الشباب” (Jugendgedichte): مجموعة من القصائد المبكرة التي تعكس مشاعره الوطنية والرومانسية.
- “الجمهور في الأدب” (Das Publikum im deutschen Geistesleben): عمل نقدي يهاجم فيه الأدب الحديث ويدافع عن الأدب التقليدي.
- “آداب الألمان” (Die Deutschtum): سلسلة من المقالات التي تدافع عن القيم الألمانية وتنتقد التأثيرات الأجنبية.
كانت أعمال بارتلز مؤثرة في الدوائر القومية الألمانية، حيث ساهمت في انتشار الأفكار اللاسامية والتعصب القومي. ومع ذلك، فقد تعرضت كتاباته أيضًا لانتقادات شديدة بسبب أفكاره المتطرفة.
آراؤه السياسية
كان بارتلز من أشد المؤيدين للفكر القومي الألماني. كان يعتقد أن الألمان يتمتعون بتفوق عرقي وثقافي على الشعوب الأخرى، وكان يؤمن بضرورة الحفاظ على نقاء العرق الألماني. كان معاديًا بشدة للسامية، حيث اتهم اليهود بالتآمر ضد ألمانيا والسيطرة على الاقتصاد والثقافة.
دعم بارتلز صعود النازيين إلى السلطة في عام 1933. أصبح عضوًا في الحزب النازي وشارك في الدعاية النازية. قام بكتابة العديد من المقالات والخطب التي دافعت عن سياسات النازيين المعادية لليهود والعدوانية.
دوره في الدعاية النازية
استغل بارتلز مكانته ككاتب وشاعر للترويج للدعاية النازية. كتب مقالات تمجد هتلر والنظام النازي، وهاجم اليهود والليبراليين والشيوعيين. شارك أيضًا في تنظيم الفعاليات الثقافية التي تهدف إلى نشر الأيديولوجية النازية.
كانت مساهمة بارتلز في الدعاية النازية كبيرة، حيث ساعدت في تشكيل الرأي العام الألماني ودعم سياسات النظام النازي. ومع ذلك، فإن دوره في الدعاية النازية يمثل وصمة عار على حياته المهنية والإنسانية.
الحياة اللاحقة والوفاة
بعد الحرب العالمية الثانية، تم تجاهل بارتلز بسبب دعمه للنظام النازي. توفي في 7 مارس 1945 في منطقة إرفورت. لم يتم إحياء ذكراه في ألمانيا بعد الحرب، وظلت أعماله منسية إلى حد كبير.
تقييم إرثه
يعتبر إرث أدولف بارتلز معقدًا ومثيرًا للجدل. على الرغم من موهبته ككاتب وشاعر، إلا أن أفكاره اللاسامية والمتطرفة قد شوهت إرثه. يعتبر بارتلز رمزًا للتعصب القومي والتحيز، ويدرس كأحد الأمثلة على كيفية تأثير الأيديولوجيات المتطرفة على الأدب والثقافة.
هناك جدل مستمر حول كيفية تقييم إرث بارتلز. يرى البعض أنه يجب إدانة أفكاره اللاسامية ورفضها، بينما يرى آخرون أنه يجب دراسة أعماله لفهم تطور الفكر القومي واللاسامي في ألمانيا. ومع ذلك، يتفق الجميع على أن بارتلز كان شخصية مؤثرة في تاريخ ألمانيا، وأن أفكاره قد ساهمت في صعود النازية.
تأثيره على الأدب
على الرغم من أن أعمال بارتلز لم تعد تحظى بشعبية واسعة، إلا أنها تركت بصمة على الأدب الألماني. كان له تأثير على بعض الكتاب القوميين، وألهمهم في كتابة أعمالهم. كما ساهمت كتاباته في نشر الأفكار القومية واللاسامية التي أثرت في المجتمع الألماني.
كانت كتابات بارتلز أيضًا موضع انتقادات حادة من قبل الكتاب والباحثين الذين عارضوا أفكاره المتطرفة. اتهموه بالتحريض على الكراهية والتمييز ضد اليهود وغيرهم من الأقليات. ومع ذلك، فقد ساهمت هذه الانتقادات في زيادة الوعي بأخطار الأيديولوجيات المتطرفة وأهمية مكافحة التعصب.
العلاقة بالفن
لم يكن بارتلز مجرد كاتب وشاعر، بل كان أيضًا مهتمًا بالفن. دافع عن الفن الألماني التقليدي وهاجم الفن الحديث الذي اعتبره منحرفًا وفاسدًا. كان يعتقد أن الفن يجب أن يعكس القيم الوطنية والأخلاقية، وأن يخدم في تعزيز الهوية الألمانية.
تعاون بارتلز مع العديد من الفنانين الألمان، وكتب مقالات عن أعمالهم. ساهم في تنظيم المعارض الفنية التي عرضت الفن الألماني التقليدي. ومع ذلك، فإن آراءه المتطرفة حول الفن قد أدت إلى استبعاده من قبل العديد من الفنانين والمثقفين.
الموقف من المرأة
كانت آراء بارتلز حول المرأة محافظة إلى حد كبير. كان يعتقد أن دور المرأة الرئيسي يكمن في رعاية الأسرة وتربية الأطفال. عارض مشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسة، ورأى أنها يجب أن تبقى في المنزل.
انتقد بارتلز حركة تحرير المرأة، واتهمها بتقويض القيم التقليدية للأسرة والمجتمع. كان يعتبر المرأة ضعيفة وعاطفية، وأنها غير قادرة على اتخاذ القرارات العقلانية. ومع ذلك، فإن آرائه حول المرأة لم تكن شائعة في ذلك الوقت، حيث كانت هناك حركات نسائية ناشطة في ألمانيا.
مقارنة مع شخصيات أخرى
يمكن مقارنة بارتلز بشخصيات أخرى في تاريخ ألمانيا، مثل ريتشارد فاغنر. كلاهما كانا قوميين متعصبين، وكانا يؤمنان بالتفوق الألماني. ومع ذلك، كان فاغنر أكثر تأثيرًا في مجال الموسيقى، بينما كان بارتلز أكثر تأثيرًا في مجال الأدب والصحافة.
يمكن أيضًا مقارنة بارتلز بشخصيات أخرى في تاريخ ألمانيا، مثل يوهان غوتليب فيشته. كلاهما كانا يؤمنان بأهمية التعليم والثقافة في بناء الأمة الألمانية. ومع ذلك، كان فيشته أكثر ليبرالية من بارتلز، وكان يؤمن بأهمية الحرية الفردية.
إرثه وتأثيره على الفكر الألماني
ترك بارتلز إرثًا معقدًا ومثيرًا للجدل. على الرغم من أفكاره اللاسامية والمتطرفة، إلا أنه كان شخصية مؤثرة في تاريخ ألمانيا. ساهمت كتاباته في نشر الأفكار القومية والتعصب، والتي أثرت في المجتمع الألماني. ومع ذلك، فإن أفكاره قد تعرضت لانتقادات شديدة، وأدت إلى إدانته بعد الحرب العالمية الثانية.
يتم تدريس أعمال بارتلز في الجامعات الألمانية كأمثلة على الفكر القومي واللاسامي في ألمانيا. تعتبر كتاباته بمثابة تحذير من أخطار الأيديولوجيات المتطرفة وأهمية مكافحة التعصب. يبقى إرث بارتلز موضوعًا للنقاش والجدل، ويستمر في إثارة الأسئلة حول دور الأدب والثقافة في تشكيل الهوية الوطنية.
خاتمة
أدولف بارتلز كان شخصية أدبية وسياسية ألمانية مثيرة للجدل. كان قسًا وصحفيًا وشاعرًا، اشتهر بكتاباته القومية واللاسامية. على الرغم من موهبته الأدبية، إلا أن أفكاره المتطرفة أدت إلى وصمه في التاريخ. ترك بارتلز إرثًا معقدًا يثير النقاش حول دور الأدب في نشر الأفكار السياسية المتطرفة.
المراجع
- موسوعة بريتانيكا (Encyclopaedia Britannica)
- المكتبة اليهودية الافتراضية (Jewish Virtual Library)
- مرجع أكسفورد (Oxford Reference)
- المتحف الألماني للتاريخ (Deutsches Historisches Museum)
“`