<![CDATA[
مقدمة
ألكسندر سولومون وينر (16 مارس 1907 – 6 نوفمبر 1976) كان عالم أحياء وطبيبًا أمريكيًا متخصصًا في علم المناعة وعلم الأمصال، وخاصةً فيما يتعلق بفصائل الدم. يُعرف بشكل أساسي باكتشافه نظام العامل الريصي (Rh) لفصائل الدم، وهو اكتشاف حيوي ساهم بشكل كبير في فهمنا لتوافق الدم في عمليات نقل الدم وأثناء الحمل. بالإضافة إلى ذلك، كان له دور فعال في تطوير اختبار كومبس، وهو اختبار تشخيصي مهم للكشف عن الأجسام المضادة التي تهاجم خلايا الدم الحمراء. لعبت أبحاث وينر دورًا محوريًا في تحسين ممارسات نقل الدم وتقليل مخاطر الأمراض الانحلالية لدى الأطفال حديثي الولادة.
الحياة المبكرة والتعليم
ولد ألكسندر سولومون وينر في مدينة نيويورك في 16 مارس 1907، لعائلة يهودية نمساوية مهاجرة. أظهر اهتمامًا مبكرًا بالعلوم، وخاصةً علم الأحياء. التحق بكلية كورنيل، حيث حصل على درجة البكالوريوس في عام 1926. ثم واصل تعليمه في كلية الطب بجامعة لونغ آيلاند، وحصل على شهادة الدكتوراه في الطب في عام 1930. بعد الانتهاء من تدريبه في الطب، بدأ وينر مسيرته المهنية في مجال البحوث الطبية، مركزًا جهوده على علم المناعة وعلم الأمصال.
اكتشاف نظام العامل الريصي (Rh)
يُعتبر اكتشاف نظام العامل الريصي (Rh) لفصائل الدم إنجازًا بارزًا في مسيرة ألكسندر وينر المهنية. بدأ وينر أبحاثه في هذا المجال في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، بالتعاون مع كارل لاندشتاينر، مكتشف نظام ABO لفصائل الدم. أدرك وينر ولاندشتاينر أن هناك عوامل أخرى، بخلاف تلك الموجودة في نظام ABO، تؤثر على توافق الدم بين الأفراد. في عام 1940، نشر وينر ولاندشتاينر ورقة بحثية تاريخية تصف اكتشاف مستضد جديد موجود في خلايا الدم الحمراء لمعظم البشر، وأطلقوا عليه اسم “عامل ريسوس” (Rh factor) نسبة إلى قرد الريسوس الذي استُخدم في التجارب الأولية. أظهرت الأبحاث اللاحقة أن العامل الريصي يلعب دورًا حاسمًا في التفاعلات المناعية التي تحدث أثناء نقل الدم والحمل، مما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة في بعض الحالات.
أهمية اكتشاف العامل الريصي:
- تحسين ممارسات نقل الدم: ساهم اكتشاف العامل الريصي في تحسين ممارسات نقل الدم بشكل كبير، حيث أصبح من الضروري تحديد فصيلة الدم Rh للمتبرعين والمستقبلين لضمان التوافق وتجنب التفاعلات المناعية الخطيرة.
- منع الأمراض الانحلالية لدى الأطفال حديثي الولادة: لعب اكتشاف العامل الريصي دورًا حاسمًا في فهم ومنع الأمراض الانحلالية لدى الأطفال حديثي الولادة، وهي حالة تحدث عندما تكون الأم سالبة العامل الريصي وتحمل طفلاً موجب العامل الريصي. في هذه الحالة، يمكن أن ينتج جسم الأم أجسامًا مضادة تهاجم خلايا دم الجنين، مما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة. بفضل اكتشاف العامل الريصي، أصبح من الممكن تحديد النساء المعرضات للخطر وإعطائهن حقنًا من الغلوبولين المناعي المضاد للـRh (RhoGAM) لمنع إنتاج الأجسام المضادة وتجنب الأمراض الانحلالية.
تطوير اختبار كومبس
بالإضافة إلى اكتشافه لنظام العامل الريصي، ساهم ألكسندر وينر في تطوير اختبار كومبس، وهو اختبار تشخيصي مهم يُستخدم للكشف عن الأجسام المضادة التي تهاجم خلايا الدم الحمراء. سُمي الاختبار على اسم روبرت كومبس، الذي وصفه لأول مرة في عام 1945. ومع ذلك، لعب وينر دورًا حاسمًا في تطوير الاختبار وتحسينه وتطبيقه في مجال نقل الدم وعلم الأمصال. يُستخدم اختبار كومبس لتشخيص مجموعة متنوعة من الحالات، بما في ذلك الأمراض الانحلالية لدى الأطفال حديثي الولادة، وفقر الدم الانحلالي المناعي الذاتي، وتفاعلات نقل الدم.
أنواع اختبار كومبس:
- اختبار كومبس المباشر: يُستخدم للكشف عن الأجسام المضادة أو البروتينات التكميلية المرتبطة مباشرة بخلايا الدم الحمراء.
- اختبار كومبس غير المباشر: يُستخدم للكشف عن الأجسام المضادة الموجودة في مصل الدم والتي يمكن أن ترتبط بخلايا الدم الحمراء.
مساهمات أخرى
بالإضافة إلى اكتشافه لنظام العامل الريصي وتطويره لاختبار كومبس، قدم ألكسندر وينر مساهمات كبيرة أخرى في مجال علم المناعة وعلم الأمصال. قام بدراسة تفصيلية لأنظمة فصائل الدم المختلفة، بما في ذلك أنظمة MN و P و Kell و Duffy و Kidd. كما قام بتطوير طرق جديدة لتحديد فصائل الدم وتحسين ممارسات نقل الدم. نشر وينر أكثر من 500 ورقة بحثية ومقالات في المجلات العلمية، بالإضافة إلى العديد من الكتب والموسوعات حول علم المناعة وعلم الأمصال. كان وينر شخصية بارزة في المجتمع العلمي، حيث شغل مناصب قيادية في العديد من المنظمات المهنية، بما في ذلك الجمعية الأمريكية لأمراض الدم والجمعية الأمريكية لأخصائيي علم الأمصال.
من بين مساهماته الأخرى:
- تطوير طرق لتحديد فصائل الدم باستخدام الأجسام المضادة وحيدة النسيلة.
- دراسة التركيب الكيميائي لمستضدات فصائل الدم.
- تطوير اختبارات لتحديد الأجسام المضادة غير المنتظمة في مصل الدم.
- تحسين ممارسات تخزين ونقل الدم.
الجوائز والتكريمات
تقديرًا لمساهماته الكبيرة في مجال علم المناعة وعلم الأمصال، حصل ألكسندر وينر على العديد من الجوائز والتكريمات طوال حياته المهنية. تشمل بعض الجوائز البارزة التي حصل عليها:
- جائزة لاسكر في البحوث الطبية السريرية (1946).
- جائزة كارل لاندشتاينر التذكارية (1961).
- جائزة فيليب ليفين (1970).
- انتُخب عضوًا في الأكاديمية الوطنية للعلوم في عام 1971.
الحياة الشخصية
تزوج ألكسندر وينر من جيرترود رودمان في عام 1932، وأنجبا طفلين: باربرا وجان. كان وينر محبًا للقراءة والموسيقى الكلاسيكية. كما كان مهتمًا بالتاريخ والفلسفة. عُرف وينر بأخلاقه المهنية العالية والتزامه بالبحث العلمي. كان يعتبره زملاؤه وموظفوه شخصًا متواضعًا ومتفانيًا ومُلهمًا.
الوفاة والإرث
توفي ألكسندر سولومون وينر في 6 نوفمبر 1976 عن عمر يناهز 69 عامًا. ترك وينر وراءه إرثًا علميًا هائلاً، حيث ساهمت اكتشافاته وأبحاثه في تحسين ممارسات نقل الدم وتقليل مخاطر الأمراض الانحلالية لدى الأطفال حديثي الولادة. لا يزال نظام العامل الريصي الذي اكتشفه يُستخدم على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم لتحديد فصائل الدم وضمان التوافق في عمليات نقل الدم. كما أن اختبار كومبس الذي ساهم في تطويره يُستخدم على نطاق واسع لتشخيص مجموعة متنوعة من الحالات المناعية. يُعتبر ألكسندر وينر أحد رواد علم المناعة وعلم الأمصال، وستظل مساهماته العلمية محل تقدير وإشادة للأجيال القادمة.
خاتمة
كان ألكسندر إس. وينر شخصية بارزة في مجال علم الأحياء والطب، وخاصةً في علم المناعة وعلم الأمصال. يُذكر بشكل أساسي لاكتشافه نظام العامل الريصي (Rh) لفصائل الدم وتطويره لاختبار كومبس، وهما اكتشافان حيويان ساهمان بشكل كبير في فهمنا لتوافق الدم وتحسين ممارسات نقل الدم ومنع الأمراض الانحلالية لدى الأطفال حديثي الولادة. ترك وينر إرثًا علميًا هائلاً سيظل محل تقدير وإشادة للأجيال القادمة.