<![CDATA[
نشأته وبداياته
ولد بوثوسيريل جوزيف بولس في 12 يونيو 1914 في قرية كوناندي، في ولاية كيرالا الهندية. تلقى تعليمه المبكر في المدرسة المحلية، ثم التحق بالكلية اللاهوتية في كوتيام. بعد تخرجه، عمل كمعلم في المدارس قبل أن يتوجه إلى العمل الكنسي. رسم كاهناً في عام 1940، وبدأ خدمته في أبرشية كوتايام. تميزت بداية حياته الكهنوتية بالتفاني في خدمة الرعية والاهتمام بالفقراء والمحتاجين.
مسيرته الكهنوتية
بعد أن خدم كاهناً لعدة سنوات، تم اختياره للعمل كأمين عام للمجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية السورية الهندية. لعب دوراً حاسماً في إدارة شؤون الكنيسة، وتولى مسؤولية العديد من المشاريع الكنسية. في عام 1966، تمت ترقيته إلى منصب المطران، وحصل على لقب “مار بولس”، وأصبح مطراناً لأبرشية كوتايام. خلال فترة عمله كمطران، عمل على تجديد الكنائس، وتوسيع نطاق الخدمات الاجتماعية التي تقدمها الكنيسة.
تأسيس الكاثوليكية في الهند
في عام 1975، تم انتخاب مار بولس ليصبح أول مفريان (كاثوليكوس) للكنيسة الأرثوذكسية السورية في الهند، معلناً استقلالية الكنيسة الهندية. اتخذ اسم باسليوس بولس الثاني. كان هذا القرار علامة فارقة في تاريخ الكنيسة، حيث منحها الحكم الذاتي الكامل. قاد الكنيسة في فترة مليئة بالتحديات، بما في ذلك الحفاظ على الوحدة الداخلية، وتعزيز العلاقات مع الكنائس الأخرى. عمل على بناء الكنائس والأديرة، وتعزيز التعليم الديني.
إنجازاته ومساهماته
خلال فترة رئاسته، قام باسليوس بولس الثاني بالعديد من الإنجازات البارزة. من بينها:
- إعادة تنظيم الكنيسة: قام بإصلاحات إدارية لتحسين كفاءة عمل الكنيسة، وتسهيل التواصل بين الأبرشيات.
- تعزيز التعليم: دعم إنشاء المدارس والمعاهد الدينية، وساهم في تطوير المناهج الدراسية.
- الخدمة الاجتماعية: أسس العديد من المؤسسات الخيرية لرعاية الفقراء والأيتام والمعاقين.
- العلاقات المسكونية: عمل على تعزيز الحوار والتعاون مع الكنائس الأخرى، سواء داخل الهند أو خارجها.
- بناء الكنائس: أشرف على بناء العديد من الكنائس والأديرة في جميع أنحاء الهند، مما ساهم في الحفاظ على التراث الديني والثقافي.
كان لـباسليوس بولس الثاني تأثير كبير على المجتمع الهندي. اشتهر بحكمته وقدرته على القيادة. ترك إرثًا من الخدمة والتفاني والالتزام بالقيم المسيحية.
العلاقات المسكونية
أدرك باسليوس بولس الثاني أهمية الحوار والتعاون مع الكنائس الأخرى. سعى إلى بناء علاقات قوية مع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، والكنيسة الأنجليكانية، والكنائس الأرثوذكسية الشرقية الأخرى. شارك في العديد من المؤتمرات والاجتماعات المسكونية، وساهم في تعزيز التفاهم المتبادل والاحترام بين الطوائف المسيحية المختلفة. كان يؤمن بأهمية الوحدة المسيحية في مواجهة التحديات المشتركة.
وفاته وإرثه
توفي باسليوس بولس الثاني في 1 سبتمبر 1996، عن عمر يناهز 82 عامًا. ترك وراءه إرثًا غنيًا من الخدمة والتفاني للكنيسة والمجتمع. يعتبر رمزًا للقيادة الروحية، والالتزام بالعدالة الاجتماعية، والسعي لتحقيق الوحدة المسيحية. أقيمت له جنازة مهيبة حضرها الآلاف من المؤمنين من جميع أنحاء الهند. لا يزال ذكراه محفورة في قلوب المؤمنين، وتُحتفى بإنجازاته في الكنيسة الأرثوذكسية السورية الهندية.
الحياة الشخصية
بالإضافة إلى عمله الكنسي، كان باسليوس بولس الثاني رجلاً متواضعًا ومتفانيًا. كان يتمتع بشخصية محبوبة، وكان يحظى باحترام وتقدير كبيرين من قبل الجميع. كان معروفًا بكرمه وعطفه على الآخرين. كان رجلاً يركز على القيم الروحية، ملتزمًا بتعاليم الإنجيل. كان له تأثير كبير على الكثير من الناس، وألهمهم للعيش حياة مليئة بالإيمان والخدمة.
أعماله المكتوبة
بالإضافة إلى قيادته الروحية، كتب باسليوس بولس الثاني العديد من المقالات والمواعظ التي لا تزال ذات صلة حتى اليوم. ساهمت كتاباته في تعزيز الوعي بالإيمان المسيحي، وشجعت على التفكير النقدي في القضايا الروحية والاجتماعية. ترك بصمة واضحة في الأدب المسيحي، ويُستشهد بأعماله حتى يومنا هذا.
التحديات التي واجهها
واجه باسليوس بولس الثاني خلال فترة رئاسته العديد من التحديات، بما في ذلك الحفاظ على وحدة الكنيسة، والتعامل مع القضايا الاجتماعية والسياسية في الهند. كان عليه أيضًا أن يتعامل مع التغيرات السريعة في المجتمع، ومواكبة التطورات التكنولوجية. على الرغم من هذه التحديات، تمكن من الحفاظ على وحدة الكنيسة، وتعزيز دورها في المجتمع.
تأثيره على الكنيسة الأرثوذكسية السورية الهندية
كان لـباسليوس بولس الثاني تأثير كبير على الكنيسة الأرثوذكسية السورية الهندية. ساهم في تحديث الكنيسة، وتوسيع نطاق خدماتها الاجتماعية. قاد الكنيسة خلال فترة نمو وتطور كبيرين. ترك إرثًا من القيادة القوية، والتفاني في الخدمة، والالتزام بالقيم المسيحية. كان له دور أساسي في الحفاظ على التراث الروحي للكنيسة، وتعزيز دورها في المجتمع الهندي.
خاتمة
كان باسليوس بولس الثاني شخصية محورية في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية السورية الهندية. كقيادي روحي، عمل على تجديد الكنيسة، وتعزيز العلاقات المسكونية، والاهتمام بالتعليم والخدمة الاجتماعية. تركت قيادته الحكيمة وإيمانه العميق أثراً دائماً على الكنيسة والمجتمع الهندي ككل. يعتبر رمزًا للقيادة المسيحية، والالتزام بالقيم الروحية، والتفاني في خدمة الآخرين.