مقدمة
يشير مصطلح أمالثيا إلى معانٍ متعددة، أبرزها شخصية أسطورية وقمر تابع لكوكب المشتري. في الأساطير الإغريقية، كانت أمالثيا هي الماعز أو الحورية التي أرضعت الإله زيوس عندما كان رضيعًا لحمايته من والده كرونوس. أما في علم الفلك، فأمالثيا هو ثالث أقرب قمر معروف لكوكب المشتري. هذه المقالة ستتناول كلا المعنيين بالتفصيل.
أمالثيا في الأساطير الإغريقية
أمالثيا (باليونانية القديمة: Ἀμάλθεια) هي شخصية بارزة في الأساطير الإغريقية، وتشتهر بأنها المربية التي اعتنت بالإله زيوس عندما كان طفلاً رضيعًا. هناك روايات مختلفة حول هوية أمالثيا، ففي بعض الأحيان توصف بأنها ماعز، وفي أحيان أخرى توصف بأنها حورية أو جنية تمتلك خصائص الماعز. بغض النظر عن هويتها الدقيقة، فإن دورها في رعاية زيوس يظل ثابتًا في جميع الروايات.
وفقًا للأسطورة، كان كرونوس، والد زيوس، يتناول أبناءه بمجرد ولادتهم خوفًا من نبوءة تفيد بأنه سيُخلع من قبل أحد أبنائه. عندما ولدت ريا، زوجة كرونوس، زيوس، قررت إخفاءه لحمايته من مصير إخوته. قامت ريا بإخفاء زيوس في جزيرة كريت، حيث عهدت به إلى أمالثيا لتربيته.
اعتنت أمالثيا بزيوس في كهف على جبل إيدا في كريت. ولحماية زيوس من والده، أخفته عن أعين كرونوس. هناك روايات مختلفة حول كيفية إخفاء أمالثيا لزيوس، فبعضها يذكر أنها قامت بإطعامه بالعسل والحليب، بينما يذكر البعض الآخر أنها قامت بإخفائه في كهف لا يمكن الوصول إليه. بالإضافة إلى ذلك، كانت تحيط بزيوس مجموعة من المحاربين الصاخبين الذين كانوا يقرعون بسيوفهم على دروعهم لإخفاء بكاء الطفل عن كرونوس.
هناك أيضاً أسطورة “قرن أمالثيا” وهو القرن الذي لا ينضب، أي القرن الذي يمتلئ تلقائيًا بكل ما يرغب فيه صاحبه. وتقول الأسطورة أن زيوس كافأ أمالثيا بمنحها قرنًا من قرونها، أو قرن الماعز التي كانت ترضعه. هذا القرن أصبح رمزًا للوفرة والرخاء.
أمالثيا (قمر المشتري)
أمالثيا هو ثالث أقرب قمر معروف لكوكب المشتري. اكتشفه الفلكي الأمريكي إدوارد إيمرسون برنارد في 9 سبتمبر 1892، وسُمي على اسم أمالثيا الأسطورية. يعتبر أمالثيا خامس أكبر قمر للمشتري، وله شكل غير منتظم، وسطحه محمر اللون.
يدور أمالثيا حول المشتري على مسافة تقدر بحوالي 181,300 كيلومتر، ويكمل دورة كاملة حول الكوكب في حوالي 12 ساعة. يتميز مداره بأنه قريب جدًا من المشتري، ويقع داخل حلقة غوسامر الخاصة بالمشتري. بسبب قربه من الكوكب، يتعرض أمالثيا لقوى جاذبية شديدة، مما أدى إلى تشويه شكله ليصبح غير منتظم.
يبلغ طول أمالثيا حوالي 250 كيلومترًا وعرضه حوالي 146 كيلومترًا وارتفاعه حوالي 128 كيلومترًا، مما يجعله خامس أكبر قمر للمشتري. سطحه مليء بالفوهات الصدمية، ويتميز بلونه المحمر. يعتقد العلماء أن هذا اللون ناتج عن الكبريت المنبعث من البراكين النشطة على القمر إيو، وهو قمر آخر تابع للمشتري. الكبريت يتراكم على سطح أمالثيا بسبب قربه من إيو.
يحتوي أمالثيا على العديد من التضاريس المميزة، بما في ذلك الفوهات الكبيرة والوديان العميقة والتلال الشاهقة. من أبرز هذه التضاريس الفوهة بان، وهي أكبر فوهة على سطح أمالثيا، ويبلغ قطرها حوالي 90 كيلومترًا. هناك أيضًا فوهة أخرى كبيرة تسمى غايا، ويبلغ قطرها حوالي 80 كيلومترًا. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي أمالثيا على وديان طويلة وعميقة، مثل الوادي ليكتوس، الذي يمتد لمسافة تزيد عن 200 كيلومتر.
أظهرت الدراسات أن أمالثيا يتكون بشكل أساسي من الجليد والصخور، مع وجود كمية صغيرة من المعادن الأخرى. كثافته منخفضة نسبيًا، مما يشير إلى أنه يحتوي على نسبة عالية من الفراغات الداخلية. يعتقد العلماء أن أمالثيا ربما تشكل في الأصل ككويكب تم أسره بواسطة جاذبية المشتري.
لعبت المركبات الفضائية دورًا مهمًا في دراسة أمالثيا. التقطت مركبة الفضاء فوياجر 1 صورًا لأمالثيا في عام 1979، وكشفت عن شكله غير المنتظم وسطحه المحمر. في وقت لاحق، قامت مركبة الفضاء غاليليو بإجراء العديد من التحليقات القريبة من أمالثيا في التسعينيات، مما سمح للعلماء بدراسة القمر بتفصيل أكبر. جمعت غاليليو بيانات حول حجم أمالثيا وكتلته وكثافته، وقدمت معلومات قيمة حول تكوينه وتطوره.
- الاكتشاف: اكتشفه إدوارد إيمرسون برنارد في عام 1892.
- الحجم: خامس أكبر قمر للمشتري.
- المدار: قريب جدًا من المشتري، يقع داخل حلقة غوسامر.
- اللون: سطحه محمر اللون بسبب الكبريت من إيو.
التفاعل بين أمالثيا والمشتري
يؤثر قرب أمالثيا من المشتري على القمر بعدة طرق. تسبب قوى المد والجزر الناتجة عن جاذبية المشتري في تسخين الجزء الداخلي من أمالثيا، مما قد يؤدي إلى نشاط بركاني خفيف. بالإضافة إلى ذلك، تسبب جاذبية المشتري في تشويه شكل أمالثيا ليصبح غير منتظم. يتأثر أيضًا مدار أمالثيا بجاذبية المشتري، مما يجعله غير مستقر نسبيًا.
يساهم أمالثيا أيضًا في نظام حلقات المشتري. يعتقد العلماء أن الجسيمات التي تشكل حلقة غوسامر الخاصة بالمشتري تأتي من أمالثيا. تتطاير هذه الجسيمات من سطح أمالثيا بسبب تأثيرات النيازك الصغيرة وتنتشر في الفضاء المحيط بالكوكب.
في المستقبل، من الممكن أن يتم إرسال المزيد من المركبات الفضائية لدراسة أمالثيا عن كثب. قد تكشف هذه المهمات عن معلومات جديدة حول تكوين القمر وتطوره وتفاعله مع المشتري. قد تساعدنا أيضًا في فهم أفضل لنظام حلقات المشتري.
أهمية دراسة أمالثيا
تكمن أهمية دراسة أمالثيا في عدة جوانب. أولاً، يساعدنا في فهم تكوين وتطور الأقمار الصغيرة غير المنتظمة في النظام الشمسي. ثانيًا، يوفر لنا نظرة ثاقبة حول التفاعلات بين الأقمار والكواكب العملاقة. ثالثًا، يساعدنا في فهم أصل وتكوين حلقات الكواكب. رابعًا، قد يحتوي أمالثيا على مواد عضوية أو مياه متجمدة، مما يجعله هدفًا محتملاً للاستكشاف في المستقبل.
خاتمة
في الختام، أمالثيا هو مصطلح ذو دلالات متعددة، فهو يشير إلى شخصية أسطورية مهمة في الميثولوجيا الإغريقية، وهي المربية التي اعتنت بالإله زيوس. كما يشير إلى قمر صغير يدور حول كوكب المشتري، ويتميز بخصائص فريدة تجعله هدفًا مهمًا للدراسات الفلكية. سواء في الأساطير أو في علم الفلك، يظل اسم أمالثيا مرتبطًا بالرعاية والوفرة والاكتشاف.