مقدمة
أُجريت انتخابات عامة في جنوب أفريقيا في 16 أبريل 1958. كانت النتيجة فوزًا للحزب الوطني، الذي كان يقوده آنذاك رئيس الوزراء هيندريك فيرويرد. عزز هذا الفوز سيطرة الحزب الوطني على السياسة في جنوب إفريقيا وسمح له بتسريع تنفيذ سياسات الفصل العنصري.
خلفية الانتخابات
في الخمسينيات من القرن الماضي، كانت جنوب أفريقيا تحت حكم الحزب الوطني، الذي تبنى سياسات الفصل العنصري. كان الفصل العنصري نظامًا للفصل والتمييز العنصري يهدف إلى الحفاظ على هيمنة الأقلية البيضاء على الأغلبية السوداء. قبل انتخابات عام 1958، كان الحزب الوطني قد نفذ بالفعل عددًا من القوانين العنصرية، مثل قانون تسجيل السكان وقانون مناطق المجموعات.
كانت المعارضة ضد سياسات الحزب الوطني تنمو، ولكنها كانت مجزأة وغير فعالة. كان حزب المتحدة المعارض الرئيسي، لكنه كان منقسمًا حول قضايا مثل حقوق التصويت للسود.
النظام الانتخابي
في عام 1958، كان النظام الانتخابي في جنوب إفريقيا يعتمد على نظام الأغلبية البسيطة في الدوائر الانتخابية ذات المقعد الواحد. كان يحق فقط للبيض التصويت، مما يعني أن غالبية السكان لم يكن لديهم أي تمثيل سياسي. تم تخصيص مقاعد منفصلة للملونين (السكان ذوي البشرة الملونة) في مقاطعة كيب، لكن تم انتخاب هؤلاء النواب من قبل ناخبين بيض.
الأحزاب المتنافسة
- الحزب الوطني: كان الحزب الحاكم، بقيادة رئيس الوزراء هيندريك فيرويرد. كان الحزب ملتزمًا بسياسات الفصل العنصري وكان يتمتع بدعم قوي من الناخبين البيض الأفريقان.
- حزب المتحدة: كان حزب المعارضة الرئيسي، بقيادة السير دي فيليرز جرااف. كان الحزب منقسمًا حول قضايا الفصل العنصري، لكنه دعا بشكل عام إلى نهج أكثر اعتدالًا.
- حزب العمل: كان حزبًا صغيرًا يمثل مصالح العمال البيض.
- الحزب الليبرالي: كان حزبًا صغيرًا دعا إلى المساواة العرقية وحقوق التصويت لجميع البالغين.
الحملة الانتخابية
ركزت الحملة الانتخابية لعام 1958 بشكل كبير على قضية الفصل العنصري. دافع الحزب الوطني عن سياساته باعتبارها ضرورية للحفاظ على النظام والاستقرار، بينما جادل حزب المتحدة بأنها غير عادلة وغير عملية. كان الحزب الوطني قادرًا على حشد الدعم من خلال تخويف الناخبين البيض بشأن التهديد المزعوم الذي يشكله السود.
استخدم الحزب الوطني أيضًا الدعاية لتعزيز سياساته وتشويه سمعة المعارضة. تم تصوير حزب المتحدة على أنه ضعيف وغير موثوق به، بينما تم تصوير الحزب الليبرالي على أنه متطرف وغير واقعي.
نتائج الانتخابات
كانت نتائج انتخابات عام 1958 فوزًا ساحقًا للحزب الوطني. فاز الحزب بـ 103 مقعدًا في البرلمان، بزيادة قدرها 11 مقعدًا عن انتخابات عام 1953. فاز حزب المتحدة بـ 53 مقعدًا، في حين فاز حزب العمل بمقعد واحد. لم يفز الحزب الليبرالي بأي مقاعد.
كانت نتائج الانتخابات بمثابة انتصار كبير لهيندريك فيرويرد، الذي أصبح الآن أقوى من أي وقت مضى. سمح له الفوز بتسريع تنفيذ سياسات الفصل العنصري وتعزيز سلطة الحزب الوطني.
تحليل النتائج
يمكن تفسير فوز الحزب الوطني في انتخابات عام 1958 بعدة عوامل:
- الدعم القوي من الناخبين البيض الأفريقان: كان الحزب الوطني يتمتع بدعم قوي من الناخبين البيض الأفريقان، الذين كانوا يخشون فقدان امتيازاتهم في نظام الفصل العنصري.
- تخويف الناخبين البيض: كان الحزب الوطني قادرًا على حشد الدعم من خلال تخويف الناخبين البيض بشأن التهديد المزعوم الذي يشكله السود.
- الدعاية الفعالة: استخدم الحزب الوطني الدعاية لتعزيز سياساته وتشويه سمعة المعارضة.
- انقسام المعارضة: كانت المعارضة ضد سياسات الحزب الوطني مجزأة وغير فعالة.
تداعيات الانتخابات
كانت لنتائج انتخابات عام 1958 تداعيات بعيدة المدى على جنوب إفريقيا. عزز الفوز سيطرة الحزب الوطني على السياسة في جنوب إفريقيا وسمح له بتسريع تنفيذ سياسات الفصل العنصري. أدت هذه السياسات إلى معاناة هائلة للأغلبية السوداء في جنوب إفريقيا، وأدت في النهاية إلى سقوط نظام الفصل العنصري في عام 1994.
بعد انتخابات عام 1958، استمر الحزب الوطني في تنفيذ قوانين الفصل العنصري. تم حرمان السود من حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية. تم فصلهم عن البيض في جميع جوانب الحياة، وتم إخضاعهم للتمييز والقمع.
أدت سياسات الفصل العنصري إلى مقاومة متزايدة من قبل السود. في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، بدأت الحركات المناهضة للفصل العنصري في النمو في جنوب إفريقيا وخارجها. في النهاية، أجبر الضغط الدولي والعصيان المدني المتزايد حكومة جنوب إفريقيا على التفاوض مع قادة حركة التحرير. في عام 1994، تم إجراء أول انتخابات ديمقراطية في جنوب إفريقيا، وفاز بها نيلسون مانديلا وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي.
تأثير الانتخابات على سياسات الفصل العنصري
كانت انتخابات عام 1958 نقطة تحول حاسمة في تاريخ الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. أكدت الانتخابات على الدعم الشعبي الواسع لسياسات الفصل العنصري بين السكان البيض، ومنحت الحزب الوطني تفويضًا قويًا لمواصلة تنفيذ هذه السياسات. بعد الانتخابات، كثف الحزب الوطني جهوده لفرض الفصل العنصري في جميع جوانب الحياة في جنوب إفريقيا، من خلال سن قوانين جديدة وتقييد الحقوق المدنية للسكان السود.
على سبيل المثال، في عام 1959، تم سن قانون توسيع التعليم الجامعي، الذي فصل الجامعات في جنوب إفريقيا على أساس عرقي. تم حظر على الطلاب السود الالتحاق بالجامعات البيضاء، وتم إنشاء جامعات منفصلة لهم. كان الهدف من هذا القانون هو الحد من فرص التعليم المتاحة للسود وضمان بقاء نظام الفصل العنصري سائدًا.
بالإضافة إلى ذلك، استخدم الحزب الوطني قوة الشرطة والجيش لقمع أي معارضة لسياسات الفصل العنصري. تم اعتقال وتعذيب وقتل العديد من النشطاء المناهضين للفصل العنصري، وتم حظر العديد من المنظمات السياسية.
ردود الفعل الدولية على الانتخابات
تلقت انتخابات عام 1958 إدانة واسعة النطاق من المجتمع الدولي. اعتبرت العديد من الدول سياسات الفصل العنصري في جنوب إفريقيا غير أخلاقية وغير عادلة، ودعت إلى وضع حد لها. فرضت الأمم المتحدة عقوبات اقتصادية على جنوب إفريقيا، وحظرت العديد من الدول التجارة مع جنوب إفريقيا.
ومع ذلك، استمرت بعض الدول الغربية، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في دعم حكومة جنوب إفريقيا. كان يُنظر إلى جنوب إفريقيا على أنها حليف استراتيجي في الحرب الباردة، وكانت بعض الدول الغربية مترددة في اتخاذ إجراءات قوية ضدها.
إرث الانتخابات
تركت انتخابات عام 1958 إرثًا معقدًا في جنوب إفريقيا. من ناحية، أدت الانتخابات إلى تكثيف سياسات الفصل العنصري والمعاناة الهائلة للأغلبية السوداء. من ناحية أخرى، ساعدت الانتخابات أيضًا في تحفيز حركة المقاومة ضد الفصل العنصري، والتي أدت في النهاية إلى سقوط النظام.
اليوم، يُنظر إلى انتخابات عام 1958 على أنها فصل مظلم في تاريخ جنوب إفريقيا. ومع ذلك، فهي أيضًا تذكير بأهمية الكفاح من أجل العدالة والمساواة.
خاتمة
كانت انتخابات جنوب أفريقيا العامة عام 1958 حدثًا حاسمًا في تاريخ البلاد. أدت إلى فوز ساحق للحزب الوطني، مما سمح له بتعزيز سياسات الفصل العنصري. كان للانتخابات تداعيات بعيدة المدى على جنوب إفريقيا، وأدت في النهاية إلى سقوط نظام الفصل العنصري. على الرغم من أنها كانت فترة مظلمة في تاريخ جنوب إفريقيا، إلا أنها كانت أيضًا حافزًا لحركة المقاومة التي أدت في النهاية إلى تحقيق العدالة والمساواة.