خلفية وتاريخ الإنتاج
كتب الليبريتو الإيطالي للأوبرا من قبل بارتولوميو أورسيني، استنادًا إلى ليبريتو سابق كتبه أليساندرو بورتي، والذي كان بدوره مقتبسًا من مسرحية أليساندرو بورتي التي تحمل عنوان “بورّو”. كان هاندل قد ألف بالفعل أوبرا حول بوروس في عام 1726، بعنوان “أليساندرو”. بدأ هاندل في تأليف “بورّو” في أواخر عام 1729، وأكملها في يناير 1731. كانت الأوبرا ناجحة بشكل كبير، حيث قدمت 15 عرضًا في لندن في عامها الأول، وأعيد إحياؤها في عامي 1736 و 1738. أصبحت الأوبرا تحظى بشعبية كبيرة في بريطانيا خلال تلك الفترة، حيث أن القصص التاريخية والأساطير الكلاسيكية كانت شائعة في تلك الحقبة.
الشخصيات والأدوار
تتميز أوبرا بورّو بمجموعة من الشخصيات التي تساهم في حبكتها الدرامية المعقدة. إليك الشخصيات الرئيسية وأدوارها:
- بورّو (باس): ملك الهنود، وهو الشخصية الرئيسية.
- كليوفيد (سوبرانو): ابنة الملك أوراس، وتُحب بورّو.
- إيريسيني (ألتو): صديقة كليوفيد، وهي من نبلاء البلاط.
- أليكساندر (كونترالتو): الإسكندر الأكبر، القائد المقدوني.
- تيمور (كونترالتو): أحد قادة جيش أليكساندر.
- غاندارت (كونترالتو): صديق بورّو.
ملخص الحبكة
تدور أحداث الأوبرا في الهند القديمة، وتستند إلى الصراع بين الملك بورّو والإسكندر الأكبر. تبدأ الأحداث بعد أن هزم أليكساندر بورّو في المعركة، ولكن الحبكة تتعقد بسبب العلاقات الرومانسية والولاءات المتغيرة.
الفصل الأول
يتم أسر بورّو بعد المعركة، ويظهر حبّه لكليوفيد، ابنة الملك أوراس. يحاول الإسكندر الأكبر مقابلة كليوفيد، ويأمل في الزواج بها. تصل إيريسيني، صديقة كليوفيد، حاملة رسالة من أليكساندر، وتكشف عن مشاعره تجاهها. تدرك كليوفيد أن بورّو يجب أن يعود إلى عرشه لتحرير شعبه، مما يضعها في صراع بين واجبها وحبها.
الفصل الثاني
يحاول تيمور، قائد أليكساندر، الإيقاع بين بورّو وأليكساندر، ويخطط لقتله. تحاول إيريسيني مساعدة بورّو على الهروب، ولكنها تفشل. تظهر كليوفيد حبها لبورّو علنًا، مما يثير غضب أليكساندر. يتم الكشف عن أن كليوفيد قد وعدت بالزواج من أليكساندر، مما يزيد من التوتر.
الفصل الثالث
يتم القبض على بورّو مرة أخرى، ويُحكم عليه بالإعدام. في اللحظة الأخيرة، يظهر أليكساندر بتسامح، ويقرر أن يتزوج كليوفيد ويسمح لبورّو بالعودة إلى عرشه. يظهر الحب والرحمة في النهاية، مما يؤدي إلى المصالحة بين الأطراف المتنازعة. يتزوج بورّو وكليوفيد، وتُظهر إيريسيني حبها لتيمور. يعفو أليكساندر عن بورّو، ويقرر العودة إلى بلاده.
الموسيقى
تتميز موسيقى هاندل في “بورّو” بالجمال والدراما. تتضمن الأوبرا مجموعة متنوعة من الأساليب الموسيقية، بما في ذلك الأريات (Arias) التي تُظهر القدرات الصوتية للمغنين، والريتشيتاتيف (Recitatives) التي تتقدم بالقصة، والعديد من المقطوعات الموسيقية الأخرى. استخدم هاندل الأوركسترا بمهارة لخلق جو من التشويق والعاطفة. تعد الأوبرا مثالًا رائعًا على أسلوب هاندل الموسيقي المتأخر، والذي يتميز بالعمق العاطفي والبراعة التقنية.
تعتبر أريات “بورّو” من بين الأجمل والأكثر تعقيدًا في أعمال هاندل. من بين الأريات البارزة:
- “D’amor al core” (من الفصل الأول): أريا لبورّو تعبر عن حبه لكليوفيد.
- “Son confusa pastorella” (من الفصل الثاني): أريا لكليوفيد تعبر عن حيرتها.
- “Se mai più sarò geloso” (من الفصل الثالث): أريا للإسكندر تعبر عن إحساسه بالغيرة.
تأثير الأوبرا
على الرغم من أن “بورّو” لم تحظَ بنفس شهرة بعض أوبرا هاندل الأخرى مثل “جوليو قيصر” أو “المسيح”، إلا أنها كانت عملًا مهمًا في تاريخ الأوبرا. ساهمت الأوبرا في تعزيز مكانة هاندل كملحن بارز في عصره، وأثرت على الملحنين الآخرين. لا تزال الأوبرا تُعرض وتُؤدى حتى اليوم، وتستمر في جذب الجماهير بموسيقاها الرائعة وقصتها الدرامية.
الإنتاج الحديث
أعيد إحياء “بورّو” في العصر الحديث، مع إنتاجات جديدة في دور الأوبرا حول العالم. أصبحت الأوبرا شائعة بشكل متزايد في الآونة الأخيرة، خاصة مع زيادة الاهتمام بموسيقى الباروك. تُتاح تسجيلات صوتية ومرئية للأوبرا، مما يسمح للجمهور بالاستمتاع بها في أي وقت. تُعتبر هذه الإنتاجات الحديثة فرصة لإعادة اكتشاف هذا العمل الرائع والتعرف على جماله الموسيقي والدرامي.
السمات المميزة في الأوبرا
تتميز “بورّو” بعدة سمات تجعلها عملًا مميزًا في عالم الأوبرا، بما في ذلك:
- التركيز على العواطف الإنسانية: تتعامل الأوبرا مع مواضيع عالمية مثل الحب، والحرب، والواجب، والوفاء، مما يجعلها ذات صلة بالجمهور على مر العصور.
- الموسيقى الرائعة: تحتوي الأوبرا على موسيقى هاندل المميزة، والتي تجمع بين الجمال، والدراما، والتقنية العالية.
- الإنتاج المسرحي: توفر القصة فرصة للإبداع المسرحي، من خلال تصميم الأزياء، والديكور، والإضاءة.
- شخصيات معقدة: الشخصيات في الأوبرا ليست مجرد أدوات في الحبكة، بل لديها دوافعها وتعقيداتها.
أهمية بورّو في عالم الأوبرا
تعتبر أوبرا “بورّو” مثالًا رائعًا على أسلوب هاندل الموسيقي. تُظهر الأوبرا قدرة هاندل على دمج الموسيقى مع الدراما لخلق تجربة مسرحية غنية ومؤثرة. تساهم الأوبرا في فهمنا لتاريخ الأوبرا، وتُظهر تطور الأسلوب الموسيقي في القرن الثامن عشر. تعتبر الأوبرا إضافة قيمة إلى التراث الموسيقي العالمي، وتستحق التقدير والاحتفال بها.
خاتمة
أوبرا “بورّو” لجورج فريدريك هاندل هي عمل فني رائع يجمع بين الموسيقى الدرامية والقصة التاريخية المثيرة للاهتمام. من خلال موسيقاه الرائعة وشخصياته المعقدة، تقدم الأوبرا تجربة مسرحية غنية ومؤثرة. لا تزال الأوبرا تحظى بالتقدير والإعجاب حتى يومنا هذا، وهي دليل على عبقرية هاندل وقدرته على خلق أعمال خالدة.