<![CDATA[
خلفية تاريخية
تأسست الساينتولوجيا على يد الكاتب الأمريكي ل. رون هوبارد في الخمسينيات من القرن العشرين. قام هوبارد بتطوير نظام معتقدات شامل يهدف إلى تحسين الوعي الروحي والفردي. في هذا الإطار، ظهر علم ما وراء الساينتولوجيا كجزء من هذا النظام، حيث اهتم هوبارد باستكشاف الظواهر غير المبررة والتي قد تؤثر على الوعي والإدراك.
بدأت أفكار هوبارد حول علم ما وراء الساينتولوجيا في الظهور من خلال كتاباته ومحاضراته، حيث قدم نظريات حول طبيعة الروح، والقوى الخفية، والتجارب الروحية. قام بتأسيس العديد من المنظمات والمراكز التي تهدف إلى تدريس وتطبيق مبادئ الساينتولوجيا، بما في ذلك علم ما وراء الساينتولوجيا.
مع مرور الوقت، تطورت الساينتولوجيا لتشمل طقوسًا وممارسات معينة، بالإضافة إلى استخدام تقنيات تدريب تهدف إلى مساعدة الأفراد على تحسين وعيهم الروحي. يؤمن ممارسو الساينتولوجيا بأنهم قادرون على استعادة قدراتهم الروحية الأصلية من خلال هذه الممارسات، بما في ذلك استكشاف عالم ما وراء.
مبادئ علم ما وراء الساينتولوجيا
يعتمد علم ما وراء الساينتولوجيا على مجموعة من المبادئ الأساسية التي تشكل أساس دراسته. وتشمل هذه المبادئ:
- الروح (التيان): الاعتقاد بوجود كائن روحي خالد يسمى “التيان” (Thetan)، وهو الكائن الحقيقي للإنسان، ويعيش في جسد بشري. يعتقد الساينتولوجيون أن التيان هو كائن روحي يتمتع بقدرات خارقة.
- الحياة السابقة: الإيمان بتجارب الحياة السابقة، وأن التيان يمر بسلسلة من الوجودات المتتالية. تؤثر هذه التجارب على الوعي الحالي للفرد، وتشكل جزءًا من “كتلة الذاكرة” التي يجب معالجتها.
- التقنية (التدقيق): استخدام تقنية تسمى “التدقيق” (Auditing)، وهي عملية استشارية فردية تهدف إلى مساعدة الأفراد على استكشاف ماضيهم الروحي، وإزالة “الإنغرامات” (Imprints) أو الصور الذهنية السلبية التي تراكمت عبر الزمن.
- الوعي: السعي إلى تحقيق حالة أعلى من الوعي الروحي، والتحرر من القيود العقلية والعاطفية. يهدف علم ما وراء الساينتولوجيا إلى مساعدة الأفراد على الوصول إلى مستويات أعلى من الوعي والقدرات الروحية.
- القوى الروحية: الاعتقاد بإمكانية استعادة واستخدام القوى الروحية الخفية، مثل التخاطر، والتنبؤ، والشفاء الروحي. يركز علم ما وراء الساينتولوجيا على تطوير هذه القدرات من خلال التدريب والممارسات الخاصة.
الممارسات والتقنيات
تتضمن ممارسات علم ما وراء الساينتولوجيا مجموعة متنوعة من التقنيات والتدريبات التي تهدف إلى مساعدة الأفراد على تحقيق أهدافهم الروحية. من بين هذه الممارسات:
- التدقيق (Auditing): عملية فردية تتم فيها مقابلة المدقق (Auditor) مع المستمع (Preclear) لطرح الأسئلة ومساعدة المستمع على استكشاف ذاكرته، وتحديد ومعالجة الإنغرامات. تستخدم أجهزة متخصصة، مثل جهاز القياس الكهربائي (E-meter)، لقياس التغيرات في الحالة النفسية للمستمع.
- الدورات التدريبية: توفير دورات تدريبية مكثفة للمشاركين، تهدف إلى تعليمهم مبادئ الساينتولوجيا، وتقنيات التدقيق، وتطوير وعيهم الروحي. تتدرج هذه الدورات في مستوياتها، من الدورات الأساسية إلى الدورات المتقدمة.
- الاستشارة الروحية: تقديم استشارات روحية فردية وجماعية، لمساعدة الأفراد على معالجة مشاكلهم الشخصية، وتحسين علاقاتهم، وتحقيق أهدافهم في الحياة.
- التأمل والتركيز: تشجيع ممارسة التأمل والتركيز لتهدئة العقل، وزيادة الوعي، وتعزيز الاتصال الروحي.
- التقنيات الخاصة: استخدام تقنيات خاصة مصممة لتطوير القوى الروحية، وتعزيز القدرات الخارقة.
الانتقادات والمخاوف
واجه علم ما وراء الساينتولوجيا، كجزء من الساينتولوجيا ككل، العديد من الانتقادات والمخاوف. تشمل هذه الانتقادات:
- التكلفة: تعتبر دورات الساينتولوجيا وتقنياتها مكلفة للغاية، مما يجعلها غير متاحة للكثيرين. يزعم المنتقدون أن الساينتولوجيا تستغل أعضائها ماليًا.
- السرية: تعتمد الساينتولوجيا على السرية في بعض جوانبها، مما يؤدي إلى إثارة الشكوك حول طبيعة معتقداتها وممارساتها.
- التلاعب النفسي: يزعم بعض المنتقدين أن الساينتولوجيا تستخدم تقنيات التلاعب النفسي لإقناع الأعضاء بالتخلي عن معتقداتهم السابقة، والالتزام بمعتقدات الساينتولوجيا بشكل كامل.
- انتهاكات حقوق الإنسان: وجهت اتهامات للساينتولوجيا بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، مثل الحبس والاحتجاز غير القانوني، وإساءة معاملة الأعضاء.
- غياب الأدلة العلمية: لا يوجد دليل علمي يدعم الادعاءات المتعلقة بالقدرات الروحية، والنتائج التي يتم تحقيقها من خلال ممارسات الساينتولوجيا.
على الرغم من هذه الانتقادات، يدافع ممارسو الساينتولوجيا عن ممارساتهم، مؤكدين أنها تساعدهم على تحقيق تحسينات شخصية وروحية كبيرة، وأن الانتقادات ناتجة عن سوء فهم أو تحيز.
العلاقة بالعلوم الأخرى
يهتم علم ما وراء الساينتولوجيا بالعلاقة بين الروح والعقل والجسم، ويستكشف المفاهيم التي تتجاوز حدود العلم التقليدي. على الرغم من أنه لا يعتبر علمًا بالمعنى الأكاديمي، إلا أنه يتشارك في بعض الاهتمامات مع مجالات أخرى، مثل:
- علم النفس: يدرس علم ما وراء الساينتولوجيا مفاهيم مثل الوعي، والذاكرة، والعواطف، وهو ما يتقاطع مع علم النفس، خاصةً علم النفس الروحاني وعلم النفس الإنساني.
- الفلسفة: يطرح علم ما وراء الساينتولوجيا أسئلة فلسفية حول طبيعة الوجود، والوعي، والأخلاق، مما يجعله مرتبطًا بالفلسفة، خاصةً الفلسفة الشرقية والفلسفة الروحانية.
- العلوم الباراسيكولوجية: يهتم علم ما وراء الساينتولوجيا بدراسة الظواهر الخارقة للطبيعة، وهو ما يتوافق مع اهتمامات العلوم الباراسيكولوجية، التي تسعى إلى البحث العلمي في الظواهر النفسية غير المبررة، مثل التخاطر، والتنبؤ، والتحريك عن بعد.
- الروحانية: يرتبط علم ما وراء الساينتولوجيا بالروحانية، حيث يركز على تطوير الوعي الروحي، وتعزيز الاتصال بالكائن الأعلى، وتحقيق السلام الداخلي.
تعتبر هذه المجالات مجالات ذات اهتمام مشترك مع علم ما وراء الساينتولوجيا، على الرغم من اختلاف مناهجها وأساليبها.
الانتشار والتأثير
انتشرت الساينتولوجيا، بما في ذلك علم ما وراء الساينتولوجيا، في العديد من البلدان حول العالم. يمارس الآلاف من الأشخاص معتقدات الساينتولوجيا، ويشاركون في أنشطتها وبرامجها. تأثرت العديد من الشخصيات العامة، بمن فيهم بعض المشاهير، بالساينتولوجيا، مما ساهم في زيادة الوعي بها.
تتخذ الساينتولوجيا أشكالًا مختلفة من التعبير، بما في ذلك المنظمات الدينية، والمراكز المجتمعية، والبرامج التعليمية. تسعى الساينتولوجيا إلى توسيع نطاق تأثيرها من خلال:
- التوعية العامة: تنظيم حملات توعية عامة حول مبادئ الساينتولوجيا، وتقنياتها، وأهدافها.
- الخدمات الإنسانية: توفير خدمات إنسانية، مثل برامج مكافحة المخدرات، وبرامج محو الأمية، وبرامج الإغاثة في حالات الكوارث.
- التواصل مع المجتمعات: بناء علاقات مع المجتمعات المحلية، والمشاركة في الأنشطة المجتمعية.
- الدفاع عن الحقوق: الدفاع عن الحقوق الدينية وحرية المعتقد، ومكافحة التمييز.
على الرغم من الجدل المحيط بها، استمرت الساينتولوجيا في النمو والتوسع، مما يدل على جاذبيتها لبعض الأفراد الذين يسعون إلى إيجاد معنى في الحياة، وتحسين وعيهم الروحي.
الجدل المستمر
لا يزال علم ما وراء الساينتولوجيا، كجزء من الساينتولوجيا، موضوعًا للجدل والنقاش. تستمر الانتقادات الموجهة إلى الساينتولوجيا، وتتزايد المخاوف بشأن ممارساتها وتأثيراتها. في المقابل، يواصل أنصار الساينتولوجيا الدفاع عن معتقداتهم، وتأكيد الفوائد التي يحصلون عليها من خلال ممارساتهم.
تتطلب دراسة علم ما وراء الساينتولوجيا فهمًا دقيقًا لمبادئ الساينتولوجيا، وممارساتها، والجدل المحيط بها. ينبغي للأفراد المهتمين بهذا المجال أن يكونوا على دراية بالمعلومات من مصادر متعددة، وأن يتعاملوا معها بعقل متفتح، مع الحفاظ على التفكير النقدي.
يستمر علم ما وراء الساينتولوجيا في التطور، مع تطور الساينتولوجيا نفسها. تبقى أهمية هذا المجال في كونه يمثل جزءًا من منظومة معتقدات معقدة، تسعى إلى استكشاف أسرار الروح، وتحسين حالة الوعي الإنساني.
خاتمة
علم ما وراء الساينتولوجيا هو فرع من فروع الساينتولوجيا يركز على دراسة الظواهر الخارقة للطبيعة والمسائل الروحية التي تتجاوز نطاق العلم التقليدي. يعتمد على مبادئ أساسية تشمل مفهوم “التيان” (الروح)، وتجارب الحياة السابقة، وتقنية التدقيق (Auditing)، والوعي، والقوى الروحية. يواجه علم ما وراء الساينتولوجيا انتقادات متعددة تتعلق بالتكلفة، والسرية، والتلاعب النفسي، وانتهاكات حقوق الإنسان، وغياب الأدلة العلمية. وعلى الرغم من ذلك، يواصل أنصاره التأكيد على الفوائد الروحية والشخصية التي يحصلون عليها من خلال ممارساتهم، مما يجعل هذا المجال موضوعًا مستمرًا للجدل والنقاش.