العمل الوطني الباسكي (Basque Nationalist Action)

تاريخ التأسيس والأهداف

تأسس العمل الوطني الباسكي في عام 1930 كرد فعل على القمع السياسي والثقافي الذي تعرض له الباسكيون في إسبانيا. كان الهدف الرئيسي للحزب هو تحقيق الحكم الذاتي الواسع أو الاستقلال التام لإقليم الباسك. تبنى الحزب مبادئ الديمقراطية والاشتراكية، مع التركيز على الحفاظ على الهوية والثقافة الباسكية. كان الحزب ملتزمًا باستخدام الوسائل السلمية لتحقيق أهدافه، على الرغم من أن بعض أعضائه انخرطوا في أنشطة أكثر راديكالية في وقت لاحق.

الحرب الأهلية الإسبانية ونظام فرانكو

خلال الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939)، انحاز العمل الوطني الباسكي إلى جانب الجمهوريين. دعم الحزب الحكومة الجمهورية في قتالها ضد القوات القومية بقيادة الجنرال فرانكو. بعد انتصار فرانكو في الحرب، حُظر العمل الوطني الباسكي وتعرض أعضاؤه للقمع والاضطهاد. العديد من قادة الحزب والناشطين الباسكيين سُجنوا أو أُعدموا، بينما ذهب آخرون إلى المنفى.

في ظل نظام فرانكو، مُنعت اللغة والثقافة الباسكية، مما أدى إلى زيادة الدعم للحركة القومية الباسكية. لعب العمل الوطني الباسكي دورًا في الحفاظ على الهوية الباسكية خلال هذه الفترة، على الرغم من عمله السري. بعد وفاة فرانكو في عام 1975، عاد الحزب إلى الظهور وأعاد بناء صفوفه.

العودة إلى الديمقراطية والنشاط السياسي

بعد انتهاء نظام فرانكو، استعاد العمل الوطني الباسكي نشاطه السياسي في إسبانيا. شارك الحزب في الانتخابات الإقليمية والمحلية، وسعى إلى تحقيق الحكم الذاتي الواسع لإقليم الباسك. تميز الحزب بمواقفه اليسارية والقومية، ودعم حقوق العمال وحقوق الإنسان. ومع ذلك، واجه الحزب العديد من التحديات، بما في ذلك المنافسة من الأحزاب القومية الأخرى، مثل الحزب الوطني الباسكي (PNV)، بالإضافة إلى الضغوط السياسية من الحكومة الإسبانية.

العلاقة مع الجماعات المسلحة

على الرغم من التزام العمل الوطني الباسكي بالوسائل السلمية، اتُهم الحزب في بعض الأحيان بإقامة علاقات مع جماعات مسلحة مثل إيتا (ETA). اتُهم بعض أعضاء الحزب بتقديم الدعم المادي أو المعنوي لإيتا. ومع ذلك، نفى الحزب هذه الاتهامات بشكل عام، مؤكدًا التزامه بالعمل السياسي السلمي.

الحظر وإعادة الظهور

في عام 2008، حُظر العمل الوطني الباسكي من قبل المحكمة الوطنية الإسبانية، بحجة أن الحزب كان بمثابة امتداد سياسي لإيتا. اعتبرت المحكمة أن الحزب كان يهدف إلى تحقيق أهداف إرهابية. أثار هذا الحظر جدلاً واسعًا في إسبانيا وإقليم الباسك. اتهم بعض السياسيين والناشطين الحكومة الإسبانية باستخدام الحظر لقمع المعارضة السياسية.

بعد الحظر، حاول بعض أعضاء العمل الوطني الباسكي إعادة تنظيم الحزب تحت أسماء مختلفة. ومع ذلك، واصلت الحكومة الإسبانية حظر هذه المحاولات، مما أدى إلى استمرار الخلاف السياسي في إقليم الباسك. على الرغم من هذه التحديات، لا يزال بعض مؤيدي الحزب ناشطين في السياسة الباسكية، من خلال أحزاب أخرى أو مجموعات مجتمعية.

الأيديولوجية والمبادئ

كان العمل الوطني الباسكي يتميز بأيديولوجيته القومية واليسارية. كان الحزب يؤمن بحق تقرير المصير للشعب الباسكي، ويدعم الحكم الذاتي أو الاستقلال. بالإضافة إلى ذلك، تبنى الحزب مبادئ الاشتراكية الديمقراطية، ودعم حقوق العمال والمساواة الاجتماعية. كان الحزب ملتزمًا بالحفاظ على اللغة والثقافة الباسكية، ويعتبرهما جزءًا أساسيًا من الهوية الباسكية.

من بين أبرز مبادئ الحزب:

القومية الباسكية: الإيمان بحق الشعب الباسكي في تقرير المصير.
الديمقراطية: الالتزام بالمبادئ الديمقراطية والوسائل السلمية.
الاشتراكية الديمقراطية: دعم حقوق العمال والمساواة الاجتماعية.
الحفاظ على الثقافة واللغة الباسكية: اعتبار اللغة والثقافة جزءًا أساسيًا من الهوية الباسكية.

التأثير والتراث

ترك العمل الوطني الباسكي بصمة واضحة في تاريخ الباسك. لعب الحزب دورًا مهمًا في الحفاظ على الهوية الباسكية خلال فترة نظام فرانكو، وسعى لتحقيق الحكم الذاتي أو الاستقلال بعد استعادة الديمقراطية. على الرغم من الحظر، لا يزال تراث الحزب يؤثر على السياسة الباسكية، من خلال الأحزاب الأخرى والمجموعات المجتمعية التي تواصل تبني مبادئه وأهدافه. يمثل العمل الوطني الباسكي رمزًا للنضال من أجل حقوق الباسك، ويُذكر كمثال على المقاومة السياسية في مواجهة القمع.

الخلافات والانتقادات

واجه العمل الوطني الباسكي العديد من الانتقادات على مر السنين. اتُهم الحزب في بعض الأحيان بإقامة علاقات مع الجماعات المسلحة، مثل إيتا. تعرض الحزب أيضًا لانتقادات بسبب مواقفه القومية المتطرفة، والتي اعتبرها البعض تثير الانقسام وتعرقل عملية السلام في إقليم الباسك. ومع ذلك، دافع الحزب عن مواقفه، مؤكدًا التزامه بالوسائل السلمية والعمل الديمقراطي.

الموقع الحالي

حاليًا، لم يعد العمل الوطني الباسكي حزبًا سياسيًا نشطًا، بسبب الحظر الذي فرضته الحكومة الإسبانية. ومع ذلك، لا تزال أفكاره ومبادئه تؤثر على السياسة الباسكية من خلال الأحزاب والمجموعات الأخرى. يواصل بعض مؤيدي الحزب العمل من أجل تحقيق أهدافه، من خلال المشاركة في الحياة السياسية والمجتمعية. يبقى العمل الوطني الباسكي جزءًا مهمًا من التاريخ السياسي والثقافي لإقليم الباسك.

خاتمة

العمل الوطني الباسكي كان حزبًا سياسيًا قوميًا لعب دورًا محوريًا في تاريخ الباسك. تأسس الحزب في عام 1930، وسعى لتحقيق الحكم الذاتي أو الاستقلال لإقليم الباسك. على الرغم من مواجهته للقمع والاضطهاد، خاصة خلال نظام فرانكو، ظل الحزب ملتزمًا بمبادئه القومية والاشتراكية الديمقراطية. بعد استعادة الديمقراطية، عاد الحزب إلى النشاط السياسي، لكنه حُظر في عام 2008. لا يزال تراث العمل الوطني الباسكي يؤثر على السياسة الباسكية حتى يومنا هذا، ويُمثل رمزًا للنضال من أجل الهوية والحقوق الباسكية.

المراجع

“`