بناء وتصميم السفينة
تم بناء السفينة في الأصل كباخرة ختمية في عام 1864 في مدينة نيويورك. اشتمل تصميمها على هيكل خشبي قوي، مما جعلها مناسبة للملاحة في المياه الجليدية. كانت مدفوعة بمحرك بخاري يعمل بالفحم، مما يوفر لها سرعة معقولة في ذلك الوقت. تميزت الباخرة بمتانة هيكلها، وهي ميزة حاسمة في البيئات القاسية التي من المفترض أن تعمل فيها.
الاستحواذ والخدمة المبكرة
تم الاستحواذ على السفينة من قبل البحرية الاتحادية خلال الحرب الأهلية الأمريكية، حيث تم تغيير اسمها إلى يو إس إس بيروينكل. خدمت في المقام الأول كمركب شحن وبضائع، ونقلت الإمدادات والرجال. بعد انتهاء الحرب، بيعت بيروينكل للقطاع الخاص، وظلت في الخدمة التجارية لبضع سنوات.
الرحلة الاستكشافية القطبية
في عام 1871، اشترت الحكومة الأمريكية السفينة، وقامت بتغيير اسمها إلى بولاريس. تم تجهيزها لرحلة استكشافية قطبية بقيادة تشارلز فرانسيس هول، وهو مستكشف قطبي أمريكي. كان الهدف الرئيسي للرحلة هو الوصول إلى القطب الشمالي.
غادرت بولاريس نيويورك في يوليو 1871، متجهة شمالًا عبر مضيق بَافِن وإلى مياه القطب الشمالي. كانت الرحلة مجهزة بشكل جيد، مع طاقم مكون من العلماء والبحارة والمهندسين. كان هول متحمسًا لتحقيق هدف الوصول إلى القطب الشمالي، على الرغم من أن رحلته كانت مليئة بالتحديات منذ البداية.
المشاكل والوفاة المبكرة لتشارلز فرانسيس هول
عانت الرحلة من مشاكل مختلفة، بما في ذلك التأخير بسبب الجليد، ومشكلات في الملاحة. الأسوأ من ذلك، بدأت التوترات تظهر بين هول وبعض أفراد طاقمه. في أكتوبر 1871، توفي هول بشكل غامض أثناء رحلة استكشافية. على الرغم من أن سبب الوفاة غير واضح في ذلك الوقت، فقد أدت إلى مزيد من التعقيد للرحلة.
التيه والانفصال
بعد وفاة هول، واصلت بولاريس الإبحار، ولكنها واجهت ظروفًا صعبة بشكل متزايد. في أكتوبر 1872، تعرضت السفينة للإعاقة بسبب الجليد، مما أدى إلى انفصالها عن طاقمها. كان هذا الانفصال بمثابة بداية لمحنة صعبة لطاقمها.
تقطعت السُبل بـ 19 فردًا من أفراد الطاقم على كتلة جليدية، بينما بقي 14 آخرون على متن السفينة. كان هذا الانفصال القسري سيئًا للغاية، حيث كان على المجموعتين مواجهة ظروف قاسية بشكل لا يصدق. تحولت المجموعة على الجليد إلى كوخ مؤقت على الجليد، في حين أن المجموعة على متن السفينة حاولت العثور على طريقها إلى بر الأمان.
معاناة الطاقم على الجليد
واجهت المجموعة الموجودة على الجليد تحديات هائلة. مع القليل من الإمدادات، كان عليهم مواجهة درجات الحرارة المتجمدة والعواصف الشديدة. لقد اعتمدوا على الحكمة والقيادة الناجية من قائد المجموعة من أجل البقاء على قيد الحياة.
سافروا لأشهر على الكتلة الجليدية، ونقلوا إمداداتهم تدريجيًا. كانوا يصطادون ويجمعون الطعام، في محاولة للحفاظ على أنفسهم حتى يتم إنقاذهم. لقد كان كفاحًا دائمًا من أجل البقاء.
غرق يو إس إس بولاريس
في 24 أكتوبر 1872، تحطمت يو إس إس بولاريس وغرقت في خليج سميث. نجا الطاقم المتبقي، لكنهم واجهوا بعد ذلك تحديات البقاء على قيد الحياة. تمكنوا في النهاية من الوصول إلى الأرض، لكنهم كانوا يعانون من الجوع والبرد.
الإنقاذ والعودة إلى الوطن
بشكل لا يصدق، تم إنقاذ المجموعتين المنفصلتين في النهاية. تم إنقاذ المجموعة على الجليد بعد أن انجرفت على مسافة 1900 كيلومتر (1200 ميل) قبل أن يتم العثور عليها من قبل صيادي الحيتان. تم إنقاذ الناجين من حطام السفينة في وقت لاحق. عند عودتهم إلى الوطن، روى الناجون قصصًا عن معاناتهم وشجاعتهم.
أثارت الرحلة الاستكشافية جدلاً كبيرًا، لا سيما فيما يتعلق بوفاة هول. على الرغم من التحقيقات، لم يتم تحديد السبب الدقيق لوفاته بشكل قاطع. ألقت الرحلة الضوء على مخاطر الاستكشاف القطبي، ودفعت إلى تغييرات في معدات السلامة والإجراءات.
الإرث
تعتبر رحلة يو إس إس بولاريس الاستكشافية كارثة، لكنها أيضًا شهادة على روح الإنسان. لقد أظهرت الرحلة المثابرة والشجاعة للطاقم في مواجهة الشدائد. أصبحت قصة يو إس إس بولاريس موضوعًا للعديد من الكتب والمقالات والأفلام، مما أسر الجمهور لسنوات.
كانت بولاريس رمزًا للاستكشاف المبكر للمناطق القطبية، وتعلمنا منها الكثير عن تحديات هذه المناطق. لا يزال اسم السفينة مرتبطًا بالمغامرة والمخاطر التي ينطوي عليها استكشاف المجهول.
خاتمة
يو إس إس بولاريس، التي بدأت كباخرة تجارية، أصبحت مرتبطة برحلة استكشافية قطبية كارثية عام 1871. على الرغم من فشل الرحلة ووفاة قائدها تشارلز فرانسيس هول، فإن الناجين من الطاقم أظهروا قدرًا كبيرًا من الشجاعة والمثابرة في مواجهة الشدائد. قصة يو إس إس بولاريس بمثابة تذكير قوي بمخاطر الاستكشاف القطبي، وروح الإنسان في مواجهة الشدائد.