نشأة الدوريات في بريطانيا في القرن الثامن عشر
شهد القرن الثامن عشر في بريطانيا ازدهارًا كبيرًا في مجال النشر والدوريات. يعود هذا الازدهار إلى عدة عوامل، منها التقدم في تقنيات الطباعة، وزيادة معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة، ونمو الطبقة الوسطى التي أصبحت تمثل شريحة واسعة من القراء، بالإضافة إلى التحرر النسبي في مجال الصحافة والنشر. أدت هذه العوامل مجتمعة إلى ظهور عدد كبير من الدوريات التي استهدفت شرائح مختلفة من المجتمع، وتنوعت موضوعاتها بين الأدب والفلسفة والعلوم والأخبار والسياسة.
لعبت هذه الدوريات دورًا محوريًا في تشكيل الرأي العام، ونشر الأفكار الجديدة، وتعزيز الحوار الثقافي والفكري. كما ساهمت في توحيد اللغة الإنجليزية القياسية، وتطوير أساليب الكتابة والنثر. أصبحت هذه الدوريات بمثابة منابر للمفكرين والكتاب لنشر أفكارهم وآرائهم، والتعبير عن آرائهم حول القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. كما أتاحت للقراء فرصة الاطلاع على مختلف الآراء ووجهات النظر، والمشاركة في النقاش العام.
تنوع الدوريات: تنوعت الدوريات في القرن الثامن عشر من حيث الشكل والمحتوى. فمنها ما كان يركز على الأدب والثقافة، ومنها ما كان يهتم بالأخبار والسياسة، ومنها ما كان يوجه اهتمامه إلى العلوم والتكنولوجيا. كما تنوعت أساليب الكتابة والنشر، فمنها ما كان يعتمد على المقالات القصيرة والتعليقات، ومنها ما كان يعتمد على القصص والروايات المتسلسلة.
أمثلة على الدوريات البريطانية البارزة في القرن الثامن عشر
فيما يلي قائمة ببعض الدوريات البريطانية البارزة التي ظهرت في القرن الثامن عشر، مع الإشارة إلى تواريخ النشر الرئيسية. هذه القائمة ليست شاملة، لكنها تقدم لمحة عن التنوع والانتشار الواسع للدوريات في تلك الفترة.
- ذا تاتلر (The Tatler) (1709—1711): دورية أسبوعية أسسها ريتشارد ستيل وجوزيف أديسون. اشتهرت بمقالاتها الساخرة حول الأخلاق والمجتمع، ولعبت دورًا في تطوير أسلوب الكتابة الصحفية.
- ذا فيميل تاتلر (The Female Tatler) (8 يوليو 1709—): دورية كانت تحاكي “ذا تاتلر” ولكنها موجهة للنساء. غالباً ما كانت تتناول قضايا المرأة والموضة والمجتمع من وجهة نظر نسائية.
- ذا سبيكتاتور (The Spectator) (1711—1712, 1714): دورية يومية أسسها جوزيف أديسون وريتشارد ستيل. قدمت مقالات أدبية وفلسفية واجتماعية، ولعبت دورًا كبيرًا في تشكيل الذوق العام وتنمية الوعي الثقافي.
- ذا غاردين (The Guardian) (1713): دورية قصيرة العمر نسبيًا، لكنها ساهمت في النقاشات الأدبية والاجتماعية.
- ذا تشامبيون (The Champion) (1739-1741): دورية سياسية واجتماعية، اشتهرت بمقالاتها التي تناقش القضايا السياسية والاقتصادية في ذلك الوقت.
- ذا راملر (The Rambler) (1750-1752): دورية أدبية كتبها صموئيل جونسون بشكل أساسي. ركزت على الأخلاق والآداب، وقدمت مقالات حول الأدب والفلسفة والحياة اليومية.
- ذا أدفرتايزر (The Adventurer) (1752-1754): دورية أدبية أخرى، اشتهرت بمقالاتها التي تناقش مواضيع متنوعة، بما في ذلك الأدب والفلسفة والعلوم.
- ذا ورلد (The World) (1753-1756): دورية اجتماعية وأدبية، اشتهرت بمقالاتها الساخرة التي تناولت الحياة الاجتماعية في لندن.
- ذا كونوسيور (The Connoisseur) (1754-1756): دورية ساخرة تناولت قضايا الذوق والفن والمجتمع.
- ذا بريتيشر (The Briton) (1762-1763): دورية سياسية، دافعت عن سياسات الحكومة البريطانية في ذلك الوقت.
- ذا نورث بريتون (The North Briton) (1762-1771): دورية سياسية أخرى، عارضت سياسات الحكومة البريطانية، ولعبت دورًا هامًا في النقاشات السياسية في ذلك الوقت.
- ذا ويسل (The Whisperer) (1770-1771): دورية سياسية أخرى، اشتهرت بمقالاتها التي تتناول الشائعات والفضائح السياسية.
- ذا ليتراري ماغازين (The Literary Magazine) (1756-1761): دورية تركز على الأدب والفكر، وتضم مقالات نقدية وأدبية.
- ذا مونثلي ريفيو (The Monthly Review) (1749-1825): مجلة مراجعات أدبية، لعبت دورًا هامًا في تقييم الأعمال الأدبية الجديدة.
- ذا كريتيكال ريفيو (The Critical Review) (1756-1817): مجلة مراجعات أدبية أخرى، منافسة لـ”ذا مونثلي ريفيو”.
ملاحظات إضافية: من المهم ملاحظة أن هذه القائمة لا تشمل جميع الدوريات التي ظهرت في القرن الثامن عشر. فقد كان هناك عدد كبير من الدوريات الأخرى التي استهدفت شرائح معينة من المجتمع، أو ركزت على مواضيع معينة مثل الدين أو العلوم أو التجارة. كما أن بعض الدوريات كانت قصيرة العمر نسبيًا، بينما استمرت أخرى لسنوات عديدة.
أهمية الدوريات في التاريخ البريطاني
كان للدوريات في القرن الثامن عشر تأثير كبير على المجتمع البريطاني. فقد ساهمت في نشر المعرفة والأفكار الجديدة، وتعزيز الحوار الثقافي والفكري، وتشكيل الرأي العام. كما أتاحت للقراء فرصة الاطلاع على مختلف الآراء ووجهات النظر، والمشاركة في النقاش العام. لعبت هذه الدوريات دورًا مهمًا في تطوير اللغة الإنجليزية القياسية، وتنمية أساليب الكتابة والنثر. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت في تعزيز الوعي السياسي والاجتماعي، وتمهيد الطريق للإصلاحات الاجتماعية والسياسية التي شهدها القرن التاسع عشر.
تأثير على الأدب والثقافة: أثرت الدوريات بشكل كبير على الأدب والثقافة في ذلك الوقت. فقد قدمت منصة للكتاب لنشر أعمالهم، وتعزيز ظهور أنواع أدبية جديدة مثل المقالة والرواية. كما ساهمت في تطوير أساليب الكتابة والنثر، وتعزيز الذوق العام. أصبح الأدب جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، وتزايد الإقبال على القراءة والاطلاع على الأعمال الأدبية الجديدة.
تأثير على السياسة والمجتمع: لعبت الدوريات دورًا هامًا في تشكيل الرأي العام حول القضايا السياسية والاجتماعية. فقد سمحت للقراء بالاطلاع على مختلف الآراء ووجهات النظر، والمشاركة في النقاش العام. كما ساهمت في تعزيز الوعي السياسي والاجتماعي، وتمهيد الطريق للإصلاحات الاجتماعية والسياسية التي شهدها القرن التاسع عشر. أصبحت الدوريات بمثابة منابر للمعارضة، مما ساهم في تعزيز حرية الصحافة والتعبير.
خاتمة
شهد القرن الثامن عشر في بريطانيا ازدهارًا كبيرًا في مجال الدوريات، مما أثر بشكل كبير على المجتمع والثقافة والسياسة. لعبت هذه الدوريات دورًا محوريًا في نشر المعرفة والأفكار الجديدة، وتشكيل الرأي العام، وتعزيز الحوار الثقافي والفكري. على الرغم من أن هذه القائمة لا تشمل جميع الدوريات التي ظهرت في تلك الفترة، إلا أنها تقدم لمحة عن التنوع والانتشار الواسع للدوريات في ذلك الوقت، وأهميتها في التاريخ البريطاني.