نشأته وحياته المبكرة
ولد جوزيف فرديناند غولد في لونغ آيلند، نيويورك، لعائلة من الطبقة الوسطى. كان والده، جورج غولد، مهندسًا معماريًا، وكانت والدته، إليزابيث (ني بيل)، معلمة. التحق غولد بمدرسة سانت بول في كونكورد، نيو هامبشاير، ثم بجامعة هارفارد، حيث درس الأدب. ومع ذلك، لم يكمل دراسته في هارفارد، وغادر قبل التخرج. بعد مغادرته هارفارد، انتقل غولد إلى مدينة نيويورك، حيث بدأ في تبني أسلوب حياة البوهيمية.
الحياة في نيويورك
في نيويورك، أصبح غولد معروفًا بشخصيته الغريبة. كان غالبًا ما يرتدي ملابس قديمة ورثة، ويدخن السجائر في أنبوب. كان يتسكع في المقاهي والحانات في غرينيتش فيليدج، حيث كان يتحدث مع الناس ويجمع الحكايات. كان معروفًا أيضًا بذاكرته المذهلة، حيث كان قادرًا على تذكر كميات هائلة من المعلومات.
كان غولد يدعي أنه يكتب “التاريخ الشفوي للعالم”، والذي كان من المفترض أن يكون تاريخًا شاملاً للحياة الإنسانية، يتم جمعه عن طريق تسجيل المحادثات مع الناس في جميع أنحاء العالم. لم يُنشر هذا العمل أبدًا، لكن غولد كان يقضي أيامه في تدوين ملاحظاته في دفاتر صغيرة.
“بروفيسور نورس”
اكتسب غولد لقب “البروفيسور نورس” بسبب مظهره وشخصيته. غالبًا ما كان يُرى وهو يمشي في شوارع نيويورك، وهو يرتدي قبعة وسترة بالية، ويتحدث بصوت عالٍ مع نفسه أو مع أي شخص يمر به. كان يُنظر إليه على أنه شخصية غريبة الأطوار، لكنه كان يحظى أيضًا بتقدير كبير من قبل الكثيرين في مجتمع الفنون والأدب في نيويورك.
مقالات جي جي فيليبس
في عام 1942، كتب جون ماكسويل فيليبس، الذي كان يكتب تحت اسم جي جي فيليبس، مقالًا عن غولد بعنوان “جوزيف غولد” لمجلة ذا نيو يوركر. كان المقال عبارة عن صورة شخصية لغولد، ووصف حياته وشخصيته الغريبة. أصبح المقال شائعًا على نطاق واسع، وجعل غولد شخصية أدبية مشهورة.
في عام 1964، بعد وفاة غولد، كتب فيليبس مقالًا آخر عن غولد بعنوان “جوزيف غولد: الجزء الثاني”. في هذا المقال، كشف فيليبس أن “التاريخ الشفوي للعالم” لم يكن موجودًا بالفعل، وأن غولد لم يكن قد كتبه أبدًا. أثار هذا الكشف جدلاً واسعًا، وأدى إلى تساؤلات حول صدق غولد.
إرثه
لا يزال جوزيف غولد شخصية مثيرة للاهتمام. كان يمثل مزيجًا فريدًا من العبقرية والغرابة. أثارت حياته عملًا فنيًا وفكريًا، حيث ألهمت الناس للتفكير في طبيعة الحقيقة والإبداع.
على الرغم من عدم نشره لـ “التاريخ الشفوي للعالم” المزعوم، ترك غولد بصمة في الأدب والثقافة الأمريكية. لقد ألهم العديد من الفنانين والكتاب، ولا تزال قصته تُروى حتى اليوم. جسد غولد فكرة أن الهامش يمكن أن يكون مكانًا للحرية والإبداع، وأن الغرابة يمكن أن تكون شكلًا من أشكال التعبير عن الذات.
يُذكر غولد أيضًا بفضل رؤيته الثاقبة، حيث كان يرى أهمية الحفاظ على التجارب الشفهية في وقت كان فيه التركيز على الكتابة والتسجيلات المكتوبة. كان يعتقد أن القصص الشفوية تحمل قيمة لا تقدر بثمن في فهم التاريخ والثقافة.
حياته الخاصة
لم يتزوج غولد قط، وعاش معظم حياته في فقر. كان يعتمد على كرم الآخرين للحصول على الطعام والمأوى. على الرغم من ذلك، كان يتمتع بحياة اجتماعية نشطة، وكان لديه العديد من الأصدقاء والمعارف في مجتمع الفنون والأدب في نيويورك. كان معروفًا بحبه للثرثرة والمحادثات الطويلة، وغالبًا ما كان يُرى وهو يشارك في مناقشات حيوية حول مجموعة متنوعة من المواضيع.
وفاته
توفي جوزيف غولد في 18 أغسطس 1957 في مدينة نيويورك. أُدخل مستشفى بيلفو بسبب معاناته من مشكلة صحية لم يتم الكشف عنها. تركت وفاته إرثًا معقدًا، حيث ظل موضوعًا للدراسة والجدل. كان يُنظر إليه على أنه شخصية مأساوية في بعض الأحيان، حيث تم تصويره على أنه رجل كان يصارع طموحاته الفكرية مع صعوبات حياته. ومع ذلك، كان يُنظر إليه أيضًا على أنه رمز للروح البوهيمية والتمرد.
خاتمة
كان جوزيف غولد شخصية معقدة وغريبة الأطوار تركت بصمة لا تمحى في الثقافة الأمريكية. على الرغم من عدم نشره “التاريخ الشفوي للعالم” المزعوم، إلا أن حياته أثارت الفضول وألهمت الفنانين والكتاب. يمثل غولد رمزًا للحرية والإبداع، ويذكرنا بأن الهامش يمكن أن يكون مكانًا للابتكار. لا يزال إرثه موضوعًا للدراسة والنقاش، مما يدل على تأثيره الدائم.