النشأة والمسيرة السياسية المبكرة
ولد بنيامين هاريسون في نورث بند بولاية أوهايو في 20 أغسطس 1833. كان حفيده للحاكم ويليام هنري هاريسون، الرئيس التاسع للولايات المتحدة. درس هاريسون القانون ومارس المحاماة في إنديانابوليس. خلال الحرب الأهلية الأمريكية، خدم في جيش الاتحاد برتبة عقيد. بعد الحرب، عاد إلى ممارسة المحاماة وأصبح سياسيًا بارزًا في ولاية إنديانا.
شغل هاريسون منصبًا في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية إنديانا من عام 1881 إلى عام 1887. في مجلس الشيوخ، اشتهر بدعمه للإصلاحات الاقتصادية والسياسات التي تعزز الصناعة الأمريكية. كما دافع عن حقوق المحاربين القدامى وكان مؤيدًا قويًا لإعادة الإعمار في الجنوب.
الانتخابات الرئاسية لعام 1888
ترشح هاريسون للرئاسة في عام 1888 ضد الرئيس الحالي غروفر كليفلاند، الديمقراطي. كانت الحملة الانتخابية شرسة، وركزت على قضايا التعريفات الجمركية وتوسع الصناعة. فاز هاريسون في الانتخابات بفارق ضئيل في التصويت الشعبي، لكنه حصل على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي. كان فوزه مفاجئًا إلى حد ما، حيث كان يُنظر إليه على أنه مرشح أقل جاذبية من كليفلاند.
السياسات الداخلية خلال فترة الرئاسة
ركزت سياسات هاريسون الداخلية على تعزيز الاقتصاد الأمريكي وحماية الصناعة الأمريكية. وقع على قانون شيرمان لمكافحة الاحتكار لعام 1890، والذي كان أول قانون اتحادي يهدف إلى الحد من الاحتكارات وتقييد الممارسات التجارية غير العادلة. على الرغم من أن القانون كان له تأثير محدود في البداية، إلا أنه وضع الأساس للتشريعات المستقبلية لمكافحة الاحتكار.
كما أقر الكونجرس خلال فترة رئاسته قانون التعريفات الجمركية لماكينلي لعام 1890، والذي رفع التعريفات الجمركية على الواردات. كان الهدف من هذا القانون هو حماية الصناعة الأمريكية من المنافسة الأجنبية وزيادة الإيرادات الحكومية. ومع ذلك، فقد أثار القانون أيضًا جدلاً ونقدًا، حيث اتهمه البعض بالتسبب في ارتفاع الأسعار والإضرار بالمستهلكين.
شهدت فترة رئاسة هاريسون أيضًا إنشاء الغابات الوطنية. وقع هاريسون على تشريع يسمح للرئيس بتحديد الغابات المحمية، مما أدى إلى الحفاظ على ملايين الأفدنة من الأراضي العامة.
السياسة الخارجية خلال فترة الرئاسة
شهدت فترة رئاسة هاريسون تغييرات مهمة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. اتخذت الولايات المتحدة موقفًا أكثر حزمًا في شؤونها الخارجية، وسعت إلى توسيع نفوذها في جميع أنحاء العالم.
في عام 1889، استضافت الولايات المتحدة مؤتمرًا يضم دولًا من الأمريكتين في واشنطن العاصمة. أدى هذا المؤتمر إلى إنشاء اتحاد الدول الأمريكية، والذي كان بمثابة منظمة إقليمية لتعزيز التعاون والسلام بين دول الأمريكتين.
سعت إدارة هاريسون أيضًا إلى توسيع نفوذ الولايات المتحدة في المحيط الهادئ. دعمت الولايات المتحدة ضم هاواي، ولكن تم رفض المعاهدة في مجلس الشيوخ في نهاية المطاف. بالإضافة إلى ذلك، تدخلت الولايات المتحدة في أزمة بحرية في تشيلي عام 1891، مما أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين.
شهدت إدارة هاريسون أيضًا بداية تطوير القوة البحرية الحديثة للولايات المتحدة. بدأت الولايات المتحدة في بناء سفن حربية جديدة، مما ساعد على تحسين قدرتها على فرض نفوذها في الخارج.
العلاقات مع الأمريكيين الأصليين
شهدت فترة رئاسة هاريسون أيضًا استمرار التوسع الغربي والنزاع مع الأمريكيين الأصليين. على الرغم من أن هاريسون لم يكن لديه موقف معادٍ بشكل خاص تجاه الأمريكيين الأصليين، إلا أن إدارته طبقت سياسات تهدف إلى استيعابهم في المجتمع الأمريكي. وشملت هذه السياسات قانون تقسيم الأراضي الهندية لعام 1887 (المعروف أيضًا باسم قانون داوس)، والذي قسم الأراضي القبلية إلى قطع فردية، بهدف إجبار الأمريكيين الأصليين على تبني الزراعة الغربية والملكية الخاصة. كان لهذا القانون تأثير مدمر على الأمريكيين الأصليين، حيث أدى إلى فقدانهم للأراضي والثقافة.
شهدت إدارة هاريسون أيضًا مذبحة الركبة الجريحة في عام 1890، والتي قُتل فيها ما لا يقل عن 150 من رجال ونساء وأطفال شعب لاكوتا. أثارت هذه المذبحة غضبًا واسع النطاق ورمزت إلى الظلم الذي واجهه الأمريكيون الأصليون في ذلك الوقت.
نهاية الرئاسة
ترشح هاريسون لإعادة الانتخابات في عام 1892، لكنه هُزم على يد غروفر كليفلاند. أثرت المشاكل الاقتصادية المتزايدة والاضطرابات الاجتماعية في ذلك الوقت على حظوظ هاريسون، بالإضافة إلى خيبة الأمل من سياسته بشأن التعريفات الجمركية. بعد تركه منصبه، عاد هاريسون إلى ممارسة المحاماة في إنديانابوليس. توفي في عام 1901.
إنجازات رئاسية أخرى
شهدت فترة رئاسة هاريسون أيضًا إنشاء العديد من المنظمات والسياسات المهمة. وتشمل:
- إنشاء الغابات الوطنية: ساعدت جهود هاريسون في الحفاظ على ملايين الأفدنة من الأراضي العامة.
- قانون شيرمان لمكافحة الاحتكار: على الرغم من تأثيره المحدود في البداية، إلا أنه وضع الأساس للتشريعات المستقبلية لمكافحة الاحتكار.
- تطوير القوة البحرية الحديثة: ساعدت هذه الخطوة في تعزيز نفوذ الولايات المتحدة في الخارج.
خاتمة
كانت رئاسة بنيامين هاريسون فترة تحول في التاريخ الأمريكي. على الرغم من أنه غالبًا ما يتم تجاهله، إلا أن إدارته شهدت تغييرات مهمة في السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة. وقد ساهمت سياساته الاقتصادية، وجهوده في الحفاظ على البيئة، وتوسعه الدبلوماسي في تشكيل مسار البلاد في القرن العشرين. ومع ذلك، فقد شهدت رئاسته أيضًا استمرار الظلم الذي يتعرض له الأمريكيون الأصليون، مما يسلط الضوء على التحديات المعقدة التي واجهتها الأمة في ذلك الوقت.