السنوات الأولى في الرئاسة
تولى جونسون الرئاسة في لحظة صدمة وطنية عميقة. كان نائب الرئيس في ذلك الوقت، وانتقل على الفور إلى القيادة بعد إطلاق النار على كينيدي في دالاس، تكساس. أدى جونسون اليمين الدستورية على متن طائرة الرئاسة “إير فورس وان” بعد ساعات فقط من الاغتيال. كان عليه أن يواجه على الفور أمتين في حالة حداد، وأن يضمن انتقالًا سلميًا للسلطة، وأن يثبت نفسه كقائد للبلاد.
تمكن جونسون من تحقيق هذه المهام. بدأ على الفور في العمل مع الكونغرس لتمرير تشريعات كينيدي المعلقة، بما في ذلك قانون الحقوق المدنية. أظهر جونسون مهاراته السياسية، التي اكتسبها على مدى عقود من الخدمة في الكونغرس، للحصول على دعم واسع النطاق لتشريعاته. أدرك جونسون أن تحقيق أهداف كينيدي يتطلب الوحدة الوطنية والتعاون بين الحزبين.
مجتمع عظيم
كانت رؤية جونسون لأمريكا هي “مجتمع عظيم” (Great Society)، وهو برنامج طموح للسياسة الداخلية يهدف إلى القضاء على الفقر والظلم العنصري. تضمنت برامج المجتمع العظيم مجموعة واسعة من المبادرات، بما في ذلك:
- قانون الحقوق المدنية لعام 1964: حظر التمييز على أساس العرق أو اللون أو الدين أو الجنس.
- قانون حقوق التصويت لعام 1965: سمح للحكومة الفيدرالية بالإشراف على الانتخابات في الولايات التي مارست فيها التمييز ضد الناخبين السود.
- برامج الرعاية الصحية: إنشاء Medicare (للمسنين) و Medicaid (للفقراء).
- برامج التعليم: زيادة التمويل للمدارس والجامعات، وإنشاء برامج مثل Head Start للأطفال من الأسر ذات الدخل المنخفض.
- برامج الفقر: إنشاء مكتب مكافحة الفقر (Office of Economic Opportunity) وتنفيذ مجموعة متنوعة من البرامج لمساعدة الفقراء، بما في ذلك برامج التدريب الوظيفي والإسكان.
كانت برامج “المجتمع العظيم” ناجحة بشكل ملحوظ في الحد من الفقر، وتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية، وتعزيز الحقوق المدنية. ومع ذلك، واجهت هذه البرامج أيضًا انتقادات، لا سيما من المحافظين الذين جادلوا بأنها توسع كبير للحكومة الفيدرالية وتدخل في حياة الأفراد.
حرب فيتنام
كانت حرب فيتنام هي القضية المهيمنة في رئاسة جونسون. ورث جونسون التورط الأمريكي المتزايد في فيتنام من إدارة كينيدي. بعد حادثة خليج تونكين في أغسطس 1964، حيث ادعت الولايات المتحدة أن القوات الفيتنامية الشمالية هاجمت سفنًا أمريكية، حصل جونسون على موافقة الكونغرس على قرار خليج تونكين، الذي أذن له باتخاذ إجراء عسكري في فيتنام.
صعد جونسون تدريجياً من المشاركة الأمريكية في فيتنام، وأرسل المزيد والمزيد من القوات الأمريكية إلى البلاد. أدى هذا التصعيد إلى حرب مكلفة وطويلة الأمد، مع خسائر بشرية كبيرة وتكلفة مالية باهظة. مع تزايد الحرب، بدأ الدعم العام لها في التراجع. أصبح المتظاهرون المناهضون للحرب أكثر صخبًا، وأثرت الحرب على ثقة الأمريكيين في حكومتهم.
بحلول عام 1968، أصبحت حرب فيتنام قضية تقسم الأمة بشدة. قرر جونسون عدم الترشح لإعادة الانتخابات في عام 1968، مدركًا أن الحرب قد قضت على قدرته على قيادة البلاد بشكل فعال.
الإرث
كان لإرث رئاسة جونسون جوانب معقدة ومتناقضة. من ناحية، كان جونسون قائدًا مؤثرًا حقق إنجازات تشريعية تاريخية في مجال الحقوق المدنية والرعاية الصحية والتعليم. عملت برامج “المجتمع العظيم” على تحسين حياة الملايين من الأمريكيين.
من ناحية أخرى، أدت حرب فيتنام إلى تقويض رئاسته وتشويه إرثه. أدت الحرب إلى خسائر بشرية كبيرة، وأثارت الانقسام في الداخل، وأضرت بصورة أمريكا في الخارج. أثرت الحرب أيضًا على الاقتصاد الأمريكي. على الرغم من كل ذلك، بقي جونسون شخصية مهمة في التاريخ الأمريكي، ورئاسته دراسة مهمة للقوة والقيادة والأخلاق في السياسة.
العلاقات الخارجية
بالإضافة إلى تركيزه على السياسة الداخلية، لعب جونسون دورًا نشطًا في العلاقات الخارجية. خلال فترة ولايته، واصل جونسون سياسة الاحتواء، التي تهدف إلى منع انتشار الشيوعية. واجه جونسون أزمات في أماكن مثل برلين وكوبا، وعمل على تحسين العلاقات مع الاتحاد السوفيتي. أدت رئاسته إلى توقيع معاهدة حظر التجارب النووية في عام 1963، والتي حظرت التجارب النووية في الغلاف الجوي والفضاء وتحت الماء. كما شهدت رئاسته بداية العلاقات الدبلوماسية مع الصين.
التحديات والتناقضات
واجهت رئاسة جونسون العديد من التحديات. بالإضافة إلى حرب فيتنام، كان عليه أن يتعامل مع الاضطرابات الاجتماعية، بما في ذلك حركة الحقوق المدنية وحركة الطلاب. كما واجه جونسون انتقادات بشأن أسلوبه القيادي، الذي وصفه البعض بأنه مسيطر ومتلاعب. كانت هناك أيضًا ادعاءات بأن جونسون استخدم سلطته لإسكات المعارضين وتوسيع سلطة الحكومة الفيدرالية بشكل مفرط.
شهدت رئاسة جونسون تناقضات ملحوظة. بينما كان مدافعًا قويًا عن الحقوق المدنية، كان أيضًا مصممًا على مواصلة الحرب في فيتنام. بينما كان يعتقد في دور الحكومة الفيدرالية في مساعدة المحتاجين، كان أيضًا مقتنعًا بأهمية حرية الفرد والمسؤولية الشخصية.
الخاتمة
كانت رئاسة ليندون ب. جونسون فترة تحول في التاريخ الأمريكي. شهدت فترة ولايته إنجازات تشريعية تاريخية في مجال الحقوق المدنية والرعاية الصحية، ولكنها أيضًا شهدت التورط المتزايد في حرب فيتنام، مما أدى إلى تقسيم الأمة. على الرغم من التحديات والتناقضات التي واجهها، ترك جونسون إرثًا دائمًا، وشكل رئاسته الطريقة التي تطورت بها أمريكا في القرن العشرين.