التصميم والبناء
تم تصميم مدمرات الفئة F في منتصف الثلاثينيات من القرن العشرين كجزء من برنامج بناء الأسطول الملكي. كانت هذه المدمرات مصممة لتكون متعددة الاستخدامات، قادرة على القيام بمهام متنوعة مثل مرافقة القوافل، وحماية الأسطول، ومكافحة الغواصات. تميز تصميم فورتشن بكفاءة عالية في الأداء، مع التركيز على السرعة والقدرة على المناورة. بدأ بناء إتش إم إس فورتشن في حوض بناء السفن الخاص بشركة جون براون في كلايدبانك، اسكتلندا، في عام 1933، وتم إطلاقها في 29 يونيو 1934، ودخلت الخدمة في 29 مارس 1935. بلغ طولها الإجمالي حوالي 98.5 مترًا، وعرضها 10 مترًا، وكانت تزحف بسرعة قصوى تبلغ 36 عقدة. كان تسليحها يتألف من ستة مدافع عيار 120 ملم في ثلاثة أبراج مزدوجة، بالإضافة إلى أنابيب طوربيد عيار 533 ملم، ومدافع مضادة للطائرات. كان طاقمها يتكون عادة من حوالي 134 ضابطًا وبحارًا.
الخدمة المبكرة والحرب الزائفة
بعد دخولها الخدمة، تم تخصيص إتش إم إس فورتشن لأسطول الوطن، حيث شاركت في التدريبات والتمارين الروتينية. في بداية الحرب العالمية الثانية في سبتمبر 1939، كانت فورتشن متمركزة في المياه المحلية، وكانت تقوم بدوريات لمكافحة الغواصات ومرافقة السفن. خلال فترة الحرب الزائفة، التي امتدت من سبتمبر 1939 إلى مايو 1940، قامت فورتشن بدوريات في بحر الشمال، وحمت السفن التجارية من أي هجمات محتملة من قبل الغواصات الألمانية. شهدت هذه الفترة توترًا متزايدًا في أوروبا، وكانت فورتشن على أهبة الاستعداد في حالة نشوب صراع واسع النطاق.
المشاركة في العمليات في النرويج وفرنسا
مع بداية الغزو الألماني للنرويج في أبريل 1940، شاركت إتش إم إس فورتشن في العمليات البحرية لدعم القوات المتحالفة. شاركت فورتشن في عمليات إخلاء القوات البريطانية والفرنسية من النرويج، وعملت تحت نيران العدو في محاولة لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الجنود. أظهر طاقم فورتشن شجاعة وتفانيًا كبيرين خلال هذه العمليات، حيث تعرضوا لخطر القصف الجوي وهجمات الغواصات. بعد انتهاء الحملة النرويجية، تم إرسال فورتشن للمشاركة في عمليات الإخلاء من فرنسا في مايو ويونيو 1940. قامت فورتشن بإنقاذ العديد من الجنود المتحالفين من موانئ مثل دونكيرك، حيث واجهت قصفًا جويًا مكثفًا وتعرضت لخطر الألغام البحرية.
العمليات في المحيط الأطلسي
بعد انتهاء العمليات في أوروبا، تم تكليف إتش إم إس فورتشن بمرافقة القوافل في المحيط الأطلسي. كانت هذه المهمة خطيرة، حيث كانت السفن تتعرض لهجمات متكررة من قبل الغواصات الألمانية، والتي كانت تحاول إغراق السفن التي تحمل الإمدادات إلى بريطانيا. قامت فورتشن بدور فعال في حماية القوافل، من خلال توفير الحماية المضادة للغواصات، وصد هجمات العدو. في بعض الأحيان، كانت فورتشن تشارك في معارك بحرية ضد الغواصات، وتساهم في إغراقها. شهدت هذه الفترة جهودًا مضنية من قبل الطاقم، الذين عملوا بلا كلل في ظروف قاسية لحماية السفن التجارية.
الخدمة في البحر الأبيض المتوسط
في عام 1941، تم نقل إتش إم إس فورتشن إلى البحر الأبيض المتوسط، حيث شاركت في العديد من العمليات الحاسمة. كانت مهمتها الرئيسية هي مرافقة القوافل إلى مالطا، والتي كانت عرضة لهجمات مكثفة من قبل القوات الجوية والبحرية الإيطالية والألمانية. شاركت فورتشن في معارك بحرية كبيرة، بما في ذلك معركة ماتابان في مارس 1941، حيث ساهمت في تدمير العديد من السفن الإيطالية. لعبت فورتشن دورًا حاسمًا في توفير الإمدادات الضرورية لمالطا، والتي كانت حيوية لبقاء الجزيرة في وجه الحصار. بالإضافة إلى ذلك، شاركت فورتشن في عمليات هجومية ضد القوات المعادية في شمال أفريقيا، وقامت بقصف الأهداف الساحلية وتقديم الدعم الناري للقوات البرية.
العودة إلى المياه المحلية
في عام 1944، عادت إتش إم إس فورتشن إلى المياه المحلية، حيث شاركت في العمليات التحضيرية لغزو نورماندي. تم تكليفها بحماية السفن التي تنقل القوات والمعدات إلى فرنسا. شاركت فورتشن في عمليات القصف الساحلي لدعم قوات الحلفاء التي نزلت على الشواطئ. بعد نجاح غزو نورماندي، استمرت فورتشن في القيام بدوريات في بحر الشمال، وشاركت في مكافحة الغواصات وفي حماية السفن التجارية. كانت هذه الفترة بمثابة نهاية لخدمتها النشطة في الحرب، حيث بدأت الحرب في نهايتها.
نهاية الحرب والتفكيك
مع انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945، تم وضع إتش إم إس فورتشن في الاحتياط. على الرغم من خدمتها الطويلة والمميزة، لم تعد فورتشن ضرورية في بحرية ما بعد الحرب. في عام 1947، تم بيع فورتشن للتفكيك، وتم تفكيكها في كاسل في نفس العام. على الرغم من أن مسيرتها انتهت بالتفكيك، إلا أن إرثها كمدمرة شجاعة شاركت في العديد من العمليات الحاسمة خلال الحرب العالمية الثانية، يظل محفورًا في سجلات البحرية الملكية.
خاتمة
كانت إتش إم إس فورتشن (H70) مدمرة من الدرجة الأولى، خدمت في البحرية الملكية خلال الحرب العالمية الثانية. شاركت في العديد من العمليات في مختلف مسارح الحرب، من المياه المحلية إلى البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. أظهر طاقمها شجاعة وتفانيًا في مواجهة الخطر، وقاموا بدور حيوي في حماية السفن، ومكافحة الغواصات، ودعم القوات المتحالفة. على الرغم من أن فورتشن انتهى بها الأمر بالتفكيك، إلا أن مساهمتها في المجهود الحربي تظل علامة فارقة في تاريخ البحرية الملكية. كانت فورتشن مثالًا على الشجاعة والتضحية، مما يجعلها رمزًا مهمًا للحرب العالمية الثانية.