الحياة المبكرة والتحول
ولدت روبينا كورتين في أستراليا لعائلة كاثوليكية. في شبابها، كانت تعمل كصحفية، حيث عملت في عدة دول. خلال هذه الفترة، بدأت في استكشاف اهتمامات روحية مختلفة. التقت بالعديد من الشخصيات المؤثرة، وبدأت في التشكيك في طبيعة الواقع ومعنى الحياة. في أوائل السبعينيات، التقت بمعلمها الروحي الأول، لام رينزين، وأثناء تواجدها في الهند، تعرفت على معلمها الرئيسي، لايما زوبا رينبوتشي. كانت هذه اللقاءات نقطة تحول في حياتها، مما أدى بها إلى اعتناق البوذية.
بدأت روبينا رحلتها في البوذية في سن متأخرة نسبيًا، لكنها سرعان ما أظهرت التزامًا عميقًا. في عام 1977، تلقت أول تدريب لها كراهبة بوذية. كانت البوذية بالنسبة لها هي الإطار الذي يوفر لها الفهم العميق للحياة والمعاناة، بالإضافة إلى الأدوات العملية لتحقيق السلام الداخلي والتنوير. قررت أن تكرس حياتها لتعاليم بوذا وجهودها في مساعدة الآخرين.
العمل الديني والتعليم
بعد أن أصبحت راهبة، كرست روبينا حياتها لدراسة وممارسة تعاليم البوذية التبتية. تدربت تحت إشراف العديد من المعلمين الكبار، بما في ذلك لايما زوبا رينبوتشي ولايما يسيه. أصبحت ماهرة في التأمل والفلسفة البوذية. بدأت في التدريس ونشر تعاليم البوذية، وسافرت حول العالم لتقديم المحاضرات وورش العمل.
لعبت روبينا دورًا حاسمًا في إنشاء وتطوير العديد من المراكز البوذية والمؤسسات في جميع أنحاء العالم. ساهمت في تأسيس معهد فيشر في سيدني، أستراليا، ومركز دارما في سان فرانسيسكو، بالإضافة إلى العديد من المشاريع الأخرى. هذه المراكز توفر أماكن للدراسة والتأمل، فضلاً عن دعم المجتمعات البوذية.
تشتهر روبينا بأسلوب تدريسها العملي والواضح. إنها قادرة على شرح المفاهيم البوذية المعقدة بطريقة سهلة الفهم للجمهور الغربي. تركز محاضراتها على تطوير الرحمة، والحكمة، والتحرر من المعاناة. غالبًا ما تستخدم القصص والأمثلة من حياتها الشخصية لجعل تعاليمها أكثر جاذبية وصلة بالواقع.
العمل في السجون
من بين جوانب عمل روبينا الأكثر تميزًا، عملها في السجون. بدأت في زيارة السجون في الثمانينيات، حيث قدمت التدريس والمشورة للسجناء. لقد أدركت أن السجناء، مثل أي شخص آخر، يعانون من مشاكل نفسية وعاطفية، ويمكنهم الاستفادة من ممارسة البوذية. ركزت على تعليم السجناء تقنيات التأمل التي تساعدهم على التعامل مع التوتر، والغضب، واليأس. أيضًا، عملت على تطوير الرحمة والتعاطف تجاه الذات والآخرين.
لقد أحدث عمل روبينا في السجون تأثيرًا كبيرًا. العديد من السجناء الذين حضروا محاضراتها أبلغوا عن تغييرات إيجابية في حياتهم. قالوا إنهم تعلموا كيفية السيطرة على غضبهم، والتفكير بشكل إيجابي، وتطوير شعور بالسلام الداخلي. ساهمت جهودها في الحد من العنف في السجون، وتعزيز إعادة التأهيل والعودة إلى المجتمع.
لأجل ذلك، قامت روبينا بتأسيس مؤسسة “Liberation Prison Project”، وهي منظمة تساعد على توفير الدعم الروحي والتعليمي للسجناء في جميع أنحاء العالم. توفر هذه المنظمة موارد مثل الكتب، وأشرطة الفيديو، والرسائل، بالإضافة إلى زيارات المعلمين البوذيين للسجون. يهدف المشروع إلى مساعدة السجناء على استكشاف إمكاناتهم الروحية، والتعامل مع التحديات التي يواجهونها، والتحضير لحياة أفضل بعد الإفراج عنهم.
مساهماتها في المجتمع البوذي
بالإضافة إلى عملها في التدريس والسجون، ساهمت روبينا في العديد من الجوانب الأخرى في المجتمع البوذي. لقد كانت محررًا لمجلة “ماندالا”، وهي مجلة بوذية شعبية تنشر مقالات حول الفلسفة البوذية، والتأمل، والثقافة. كتبت أيضًا العديد من الكتب والمقالات التي تساعد على نشر تعاليم البوذية.
روبينا هي مثال على الالتزام العميق بالرحمة والحكمة. لقد كرست حياتها لخدمة الآخرين ومساعدة الناس على تحقيق التنوير. إن عملها في السجون، وجهودها في التعليم، ومساهماتها في المجتمع البوذي جعلتها شخصية محترمة ومحبوبة في جميع أنحاء العالم.
إنها تواصل التدريس والسفر والعمل في السجون حتى يومنا هذا. إنها تحث الناس على الانفتاح على إمكاناتهم الروحية والعيش بحياة أكثر معنى.
خاتمة
روبينا كورتين هي راهبة بوذية مؤثرة في تقليد غيلوغبا، وقد أحدثت تأثيرًا كبيرًا من خلال عملها في التدريس، وتأسيس المؤسسات البوذية، وجهودها في السجون. من خلال أسلوبها العملي والواضح، ساعدت روبينا الآلاف من الأشخاص على فهم تعاليم البوذية، وتطوير الرحمة والحكمة، وتحقيق السلام الداخلي. إن التزامها العميق بالرحمة والعمل لصالح الآخرين جعلها شخصية محترمة وملهمة في جميع أنحاء العالم.