نشأته وتعليمه
ولد جيمس مايس في ولاية أوكلاهوما بالولايات المتحدة الأمريكية. تلقى تعليمه في جامعة أوكلاهوما حيث حصل على درجة البكالوريوس في عام 1973. ثم انتقل إلى جامعة ميشيغان، حيث حصل على درجة الماجستير والدكتوراه في التاريخ، وتخصص في التاريخ السوفيتي والتاريخ الأوكراني.
مسيرته المهنية
بدأ مايس مسيرته الأكاديمية كأستاذ في جامعة ييل، حيث قام بتدريس التاريخ السوفيتي والتاريخ الأوكراني. ثم انتقل إلى جامعة هارفارد، حيث عمل كباحث في مركز الدراسات الروسية والأوراسية. في عام 1986، عاد إلى أوكرانيا ليعمل في معهد التاريخ التابع للأكاديمية الوطنية للعلوم في كييف، حيث شغل منصب رئيس قسم دراسات الهولوكومور. لعب مايس دورًا حاسمًا في تأسيس هذا القسم، والذي أصبح مركزًا رئيسيًا للبحث في هذه القضية.
أبحاثه حول الهولوكومور
ركزت أبحاث مايس بشكل أساسي على قضية الهولوكومور، وهي المجاعة التي تسببت في وفاة الملايين من الأوكرانيين في الفترة من عام 1932 إلى عام 1933. اعتبر مايس أن هذه المجاعة كانت إبادة جماعية متعمدة من قبل النظام السوفيتي بهدف سحق الهوية الوطنية الأوكرانية. كان مايس من أوائل الباحثين الذين استخدموا مصطلح “الهولوكومور” لوصف هذه المأساة، في محاولة لتسليط الضوء على تشابهها مع الإبادة الجماعية لليهود خلال الحرب العالمية الثانية.
ساهمت أبحاث مايس في تغيير وجهات النظر حول الهولوكومور في الغرب، حيث قام بتوثيق الأدلة على سياسات التجويع التي انتهجها النظام السوفيتي. جمع مايس شهادات الشهود الناجين من المجاعة، وقام بتحليل الوثائق الأرشيفية، وكشف عن الحقائق المروعة التي حدثت في أوكرانيا خلال تلك الفترة. من بين أبرز أعماله مقالته الشهيرة “الهولوكومور: الإبادة الجماعية للأوكرانيين” (1982)، والتي ساهمت في تعريف الجمهور الغربي بهذه المأساة. كما لعب دورًا فعالًا في جمع الأدلة وتقديمها إلى المحاكم الأوكرانية بعد استقلال البلاد، للمطالبة بالاعتراف بالهولوكومور كإبادة جماعية.
مساهماته الأخرى
بالإضافة إلى أبحاثه حول الهولوكومور، اهتم مايس أيضًا بالتاريخ الأوكراني العام، والثقافة الأوكرانية، والقضايا الوطنية. كان ناشطًا سياسيًا، ودعم استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي. كتب مايس العديد من المقالات والكتب حول هذه المواضيع، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات الأكاديمية.
كان مايس مدافعًا قويًا عن الذاكرة التاريخية، وحث على أهمية تذكر ضحايا الهولوكومور، وتكريمهم. عمل مع منظمات أوكرانية ودولية لإحياء ذكرى هذه المأساة، وتعزيز الوعي العالمي بها. ساهمت جهوده في إقناع العديد من الدول بالاعتراف بالهولوكومور كإبادة جماعية، مما ساعد في تحقيق العدالة لضحاياها.
إرثه
ترك جيمس مايس إرثًا دائمًا في مجال دراسات الهولوكومور، والتاريخ الأوكراني بشكل عام. يعتبر أحد أبرز الباحثين الذين ساهموا في فهم هذه المأساة الإنسانية، وفي إبرازها على الساحة العالمية. ألهمت أبحاثه جيلًا من الباحثين، ولا تزال أعماله تدرس في الجامعات والمؤسسات البحثية حول العالم.
بعد وفاته، كرمته أوكرانيا بمنحه العديد من الأوسمة والجوائز، تقديرًا لعمله. كما سميت العديد من المؤسسات والشوارع باسمه، تكريمًا لذكراه.
الظروف التي أدت إلى الهولوكومور
لفهم دور مايس في دراسة الهولوكومور، من الضروري الإشارة إلى الظروف التي أدت إلى هذه المأساة. في أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين، تبنى النظام السوفيتي سياسة التجميع الزراعي القسري في أوكرانيا، والتي تهدف إلى مصادرة أراضي المزارعين ودمجهم في مزارع جماعية. أدت هذه السياسة إلى تدمير الزراعة الأوكرانية، ومصادرة الحبوب والمحاصيل من الفلاحين، مما أدى إلى المجاعة.
علاوة على ذلك، فرض النظام السوفيتي قيودًا صارمة على حركة السكان، ومنع الفلاحين من البحث عن الطعام في المدن. قامت السلطات السوفيتية أيضًا بتجاهل نداءات المساعدة من أوكرانيا، ورفضت الاعتراف بوجود المجاعة. ساهمت هذه السياسات المتعمدة في تفاقم الأزمة، وأدت إلى وفاة الملايين من الأوكرانيين جوعًا.
دور مايس في الكشف عن الحقائق
ركز مايس في أبحاثه على الكشف عن الحقائق المتعلقة بالهولوكومور، وتوثيق سياسات الإبادة الجماعية التي اتبعها النظام السوفيتي. قام بتحليل الوثائق الأرشيفية، وجمع شهادات الشهود، ودرس الأسباب والظروف التي أدت إلى المجاعة. أكد مايس على أن الهولوكومور لم يكن مجرد مجاعة طبيعية، بل كان إبادة جماعية متعمدة، تهدف إلى القضاء على الهوية الوطنية الأوكرانية، وإخضاع الشعب الأوكراني.
أعاد مايس إحياء الذاكرة التاريخية للهولوكومور، وأبرزها في العالم الغربي. بفضل جهوده، تم الاعتراف بالهولوكومور كإبادة جماعية في العديد من البلدان، وتم إحياء ذكرى الضحايا في أوكرانيا والعالم.
خاتمة
جيمس مايس كان باحثًا ومؤرخًا أمريكيًا ذا تأثير كبير في دراسة الهولوكومور. ساهمت أبحاثه في فهم أبعاد هذه المأساة الإنسانية، وفي إبرازها على الساحة العالمية. ترك مايس إرثًا دائمًا، ولا تزال أعماله تدرس وتلهم الباحثين والمهتمين بالتاريخ. بفضله، تم الاعتراف بالهولوكومور كإبادة جماعية، وأصبح الوعي العالمي بهذه المأساة أكبر.