نشأته وبداية حياته
ولد مار روفائيل الأول بيداويد في مدينة الموصل بالعراق. تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في الموصل، ثم التحق بالكلية البطريركية في بغداد. بعد ذلك، سافر إلى روما لمتابعة دراساته العليا في اللاهوت والفلسفة في الجامعة الغريغورية الحبرية. حصل على درجة الدكتوراه في اللاهوت. تميز خلال دراسته بالاجتهاد والتفوق، مما أهله للعديد من الفرص القيادية في الكنيسة.
بعد عودته إلى العراق، بدأ خدمته الكهنوتية. شغل مناصب مختلفة في الكنيسة الكلدانية، بما في ذلك تدريس اللاهوت في الكلية البطريركية وخدمة الرعية. عرف عنه تفانيه في عمله وحبه لشعبه. كان يتمتع بشخصية جذابة وقدرة على التواصل مع مختلف شرائح المجتمع.
مسيرته الكنسية
في عام 1983، تم تعيين مار روفائيل الأول بيداويد أسقفًا على أبرشية بيروت الكلدانية في لبنان. لعب دورًا هامًا في رعاية الجالية الكلدانية في لبنان، وواجه تحديات كبيرة بسبب الحرب الأهلية اللبنانية. أظهر شجاعة كبيرة في الدفاع عن حقوق المسيحيين وغيرهم من الفئات الضعيفة.
في عام 1989، انتخب بطريركًا للكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، خلفًا لمار بولس الثاني شيخو. اتخذ اسم “مار روفائيل الأول”. في منصبه كبطريرك، واجه تحديات جسيمة، خاصةً في ظل الظروف السياسية والاجتماعية الصعبة في العراق. عمل بجد للحفاظ على وحدة الكنيسة، وتعزيز الوجود المسيحي في المنطقة. كما قام بزيارات عديدة إلى الكنائس الكلدانية في جميع أنحاء العالم، لتقوية الروابط بين المؤمنين.
إنجازاته ومساهماته
خلال فترة بطريركيته، قام مار روفائيل الأول بيداويد بالعديد من الإنجازات والمساهمات الهامة:
- إعادة بناء الكنائس والأديرة: عمل على ترميم وإعادة بناء العديد من الكنائس والأديرة التي تضررت بسبب الحروب والنزاعات في العراق.
- دعم التعليم المسيحي: أولى اهتمامًا كبيرًا بتعليم الشباب المسيحي، وأنشأ العديد من المدارس والمعاهد الدينية.
- تعزيز الحوار بين الأديان: كان من دعاة الحوار والتفاهم بين الأديان. شارك في العديد من المؤتمرات والاجتماعات مع قادة دينيين من مختلف الديانات.
- رعاية الأيتام والفقراء: أسس العديد من المؤسسات الخيرية لرعاية الأيتام والفقراء والمحتاجين.
- الحفاظ على التراث الكلداني: عمل على الحفاظ على التراث واللغة والثقافة الكلدانية.
تميز مار روفائيل الأول بيداويد بشخصيته القيادية القوية وحكمته. كان معروفًا بتواضعه ورحمته، وكان محبوبًا من قبل شعبه. كان مدافعًا عن العدالة والسلام، وكان صوته مسموعًا في جميع أنحاء العالم.
علاقته بالبابوية
حافظ مار روفائيل الأول بيداويد على علاقات وثيقة مع البابوية. زار الفاتيكان عدة مرات، والتقى بالبابا يوحنا بولس الثاني. كان يدعم سياسات الفاتيكان، ويعمل على تعزيز الوحدة بين الكاثوليك في جميع أنحاء العالم.
وفاته وإرثه
توفي مار روفائيل الأول بيداويد في 7 يوليو 2003، عن عمر يناهز 81 عامًا. ترك إرثًا كبيرًا من العمل الديني والخيري. يعتبره الكثيرون رمزًا للقيادة الروحية والتفاني في خدمة الكنيسة. لا يزال إرثه حيًا في قلوب المؤمنين الذين تأثروا به. بعد وفاته، خلفه مار عمانوئيل الثالث دلي.
خاتمة
كان مار روفائيل الأول بيداويد شخصية دينية بارزة تركت بصمة واضحة في تاريخ الكنيسة الكلدانية. من خلال قيادته الحكيمة وتفانيه في خدمة الكنيسة والمجتمع، ساهم في تعزيز الوجود المسيحي في العراق والعالم. عمل على تعزيز الحوار بين الأديان، والحفاظ على التراث الكلداني، ورعاية المحتاجين. يظل إرثه مصدر إلهام للكثيرين.