نشأته وتعليمه
ولد شارل أونوري كوشون دي لافرديير في مدينة ليفيس، كيبيك، كندا. كان الابن التاسع من بين أحد عشر طفلاً. تلقى تعليمه في مدرسة سانت أنتوني، ثم في مدرسة ليفيس، وبعد ذلك في كلية كيبيك. أظهر لافرديير منذ صغره اهتمامًا كبيرًا بالتعليم، وخاصةً التاريخ والكتابة. وقد كان يتميز بذاكرة قوية وقدرة فائقة على تذكر التفاصيل.
بعد إنهائه تعليمه الأساسي، التحق لافرديير بمعهد القديس سوليبيس في مونتريال عام 1845 لدراسة اللاهوت. وخلال دراسته، برز كطالب متميز، وحصل على العديد من الجوائز لتميزه الأكاديمي. في عام 1849، رُسم كاهنًا، وبدأ خدمته الكهنوتية في أبرشية كيبيك.
مسيرته المهنية ككاهن
بدأ لافرديير مسيرته الكهنوتية كقسيس مساعد في عدة أبرشيات في منطقة كيبيك. وقد كان معروفًا بتفانيه في خدمة رعيته، وتقديمه للمشورة الروحية، وإلقائه للمواعظ المؤثرة. بالإضافة إلى مهامه الكهنوتية، كان لافرديير نشطًا في الأعمال الخيرية، وشارك في تأسيس العديد من الجمعيات الدينية والاجتماعية.
في عام 1856، عُين لافرديير كأمين مكتبة في جامعة لافال، وهو المنصب الذي شغله حتى وفاته. في هذه الفترة، بدأ اهتمامه بالتاريخ في التبلور، وبدأ في جمع الوثائق التاريخية، والبحث في الأرشيفات، وكتابة المقالات والمؤلفات التاريخية. وقد أتاح له منصب أمين المكتبة فرصة الوصول إلى مصادر تاريخية قيمة، مما ساهم في تعميق معرفته بالتاريخ الكندي الفرنسي.
مساهماته في التاريخ
تعتبر مساهمات لافرديير في التاريخ الكندي الفرنسي كبيرة. لقد اشتهر بشكل خاص بعمله على تحرير وتوثيق أعمال الكاتب الكندي الفرنسي الشهير، فرانسوا إكزافييه غارنو. قام لافرديير بإعادة طبع وتصحيح عمل غارنو الرئيسي، “تاريخ كندا” (Histoire du Canada)، وأضاف إليه العديد من الملاحظات والتعليقات القيمة. وقد ساهمت هذه الأعمال في الحفاظ على إرث غارنو، وجعل تاريخ كندا متاحًا لجمهور أوسع.
بالإضافة إلى عمله على غارنو، كتب لافرديير العديد من المقالات والمؤلفات التاريخية الأصلية. ركزت كتاباته على جوانب مختلفة من التاريخ الكندي الفرنسي، بما في ذلك تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، والسياسة، والثقافة. كان لافرديير يتمتع بأسلوب كتابة واضح ودقيق، مما جعل أعماله جذابة للقراء. كما اشتهر بدقته التاريخية، واعتماده على مصادر أولية موثوقة.
من أبرز أعماله:
- تحرير “تاريخ كندا” لفرانسوا إكزافييه غارنو.
- كتابة مقالات عن تاريخ الكنيسة الكاثوليكية في كندا.
- المساهمة في العديد من المجلات التاريخية.
كان لافرديير عضوًا نشطًا في العديد من الجمعيات التاريخية، بما في ذلك الجمعية التاريخية الملكية في كندا. وقد ساهمت مشاركته في هذه الجمعيات في تعزيز البحث التاريخي، وتبادل المعرفة بين المؤرخين.
إرثه
توفي شارل أونوري لافرديير في 10 مارس 1873، عن عمر يناهز 46 عامًا. ترك وراءه إرثًا كبيرًا كمؤرخ وكاهن. يعتبر لافرديير شخصية مهمة في تاريخ كندا، وساهمت أعماله في الحفاظ على تاريخ وثقافة الكنديين الفرنسيين. لا تزال أعماله تُقرأ وتُدرس حتى اليوم، وتعتبر مرجعًا مهمًا للباحثين والطلاب.
أُطلق اسمه على العديد من المؤسسات والأماكن في كندا تكريمًا له، بما في ذلك مدرسة ابتدائية في مدينة ليفيس.
خاتمة
كان شارل أونوري لافرديير شخصية بارزة في التاريخ الكندي الفرنسي، جمع بين الكهنوت والبحث التاريخي. ترك إرثًا غنيًا من خلال تحريره لأعمال فرانسوا إكزافييه غارنو، وكتاباته الأصلية، ومساهماته في المجتمع. يعتبر لافرديير مثالًا على التفاني في خدمة الكنيسة والبحث العلمي، ولا تزال أعماله تلهم الباحثين والأكاديميين حتى يومنا هذا.