تاريخ البحث في فعالية الصلاة
يعود الاهتمام العلمي بفعالية الصلاة إلى القرن التاسع عشر على الأقل. يعود أحد أقدم المحاولات الموثقة لدراسة تأثير الصلاة إلى عام 1872، عندما قام السير فرانسيس جالتون، عالم الإحصاء وعلم الوراثة، بتحليل معدلات الوفيات بين الأفراد الذين يصلون بانتظام، مثل أفراد العائلة المالكة، في محاولة لمعرفة ما إذا كان يُنظر إليهم على أنهم يتمتعون بصحة أفضل بسبب صلوات الآخرين من أجلهم. لم يجد جالتون أي دليل على وجود مثل هذا الارتباط.
على مر السنين، تواصل البحث العلمي في هذا المجال. في القرن العشرين، أُجريت العديد من الدراسات لتحديد ما إذا كانت الصلاة يمكن أن تؤثر على نتائج الأحداث المختلفة، مثل الشفاء من الأمراض، أو الشفاء بعد العمليات الجراحية، أو الشفاء من الأمراض الأخرى. شملت بعض الدراسات الصلوات من أجل الآخرين (الصلاة من أجل الشفاء)، بينما ركزت دراسات أخرى على تأثير الصلاة على الذات.
منهجيات البحث
تم استخدام العديد من المنهجيات في دراسة فعالية الصلاة. يشمل البعض ما يلي:
- التجارب السريرية المعشاة (RCTs): تعتبر هذه الدراسات هي المعيار الذهبي للبحث الطبي. في هذه الدراسات، يتم تقسيم المشاركين عشوائيًا إلى مجموعات. تتلقى إحدى المجموعات الصلاة (أو أي تدخل آخر قيد الدراسة)، بينما تتلقى المجموعة الأخرى علاجًا وهميًا (علاجًا وهميًا) أو الرعاية المعتادة. ثم تتم مقارنة نتائج المجموعتين لتحديد ما إذا كانت هناك أي اختلافات كبيرة.
- الدراسات الاستطلاعية: تتضمن هذه الدراسات استطلاعات أو مقابلات لجمع معلومات عن ممارسات الصلاة والمعتقدات الصحية. غالبًا ما تستخدم هذه الدراسات لتحديد الأنماط أو الارتباطات بين الصلاة والصحة.
- دراسات المراجعة المنهجية والتحليل التلوي: تجمع هذه الدراسات بين نتائج العديد من الدراسات الفردية لتقديم تحليل أكثر شمولاً. يمكن أن تساعد في زيادة قوة النتائج وتحديد الأنماط التي قد لا تظهر في الدراسات الفردية.
نتائج البحث
كانت نتائج البحث في فعالية الصلاة مختلطة. بعض الدراسات أظهرت نتائج إيجابية، مما يشير إلى أن الصلاة قد يكون لها تأثير إيجابي على الصحة أو الرفاهية. ومع ذلك، فقد أظهرت دراسات أخرى نتائج سلبية، أو لم تجد أي تأثير كبير للصلاة. بالإضافة إلى ذلك، واجهت العديد من الدراسات صعوبة في تكرار النتائج، مما يثير أسئلة حول مصداقية بعض الادعاءات.
أحد الأمثلة البارزة هو دراسة أجريت عام 1988 من قبل الدكتور راندي باهرمان في مستشفى سان فرانسيسكو العام. في هذه الدراسة، تلقى المرضى الذين خضعوا لعملية جراحية في القلب صلاة من متطوعين. لم تجد الدراسة أي فرق كبير في معدلات التعافي أو المضاعفات بين المرضى الذين تمت الصلاة من أجلهم والمرضى الذين لم يتم الصلاة من أجلهم. ومع ذلك، تم انتقاد هذه الدراسة بسبب تصميمها المنهجي.
من ناحية أخرى، أشارت بعض الدراسات إلى نتائج إيجابية. على سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت عام 2001 في مجلة الطب السلوكي أن المرضى الذين تلقوا الصلاة عن بعد أظهروا تحسنًا في حالتهم الصحية.
من المهم ملاحظة أن هذه الدراسات غالبًا ما تكون معقدة وتواجه تحديات. على سبيل المثال، قد يكون من الصعب تعمية المشاركين، مما يعني أنهم قد يعرفون ما إذا كانوا يتلقون الصلاة أم لا. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون من الصعب التحكم في المتغيرات الخارجية الأخرى التي يمكن أن تؤثر على النتائج، مثل الدعم الاجتماعي أو مستويات التوتر.
العوامل التي يجب مراعاتها
عند تقييم نتائج الأبحاث حول فعالية الصلاة، من المهم مراعاة العوامل التالية:
- تصميم الدراسة: يمكن أن يؤثر تصميم الدراسة، بما في ذلك حجم العينة، وعشوائية الاختيار، والإجراءات المستخدمة، على نتائج الدراسة.
- أنواع الصلاة: هناك أنواع مختلفة من الصلاة، بما في ذلك الصلاة من أجل الآخرين، والصلاة من أجل الذات، والصلاة للتعبير عن الامتنان. قد يكون لكل نوع من الصلاة تأثيرات مختلفة.
- المعتقدات الدينية: قد تؤثر المعتقدات الدينية للفرد، بما في ذلك إيمانه بفعالية الصلاة، على النتائج.
- العوامل النفسية والاجتماعية: يمكن أن تؤثر العوامل النفسية والاجتماعية، مثل الدعم الاجتماعي والإيجابية، على الصحة والرفاهية، وقد تتفاعل مع تأثير الصلاة.
وجهات النظر حول فعالية الصلاة
تختلف وجهات النظر حول فعالية الصلاة على نطاق واسع. يرى البعض أن الصلاة هي قوة روحية قوية يمكن أن تؤثر على الأحداث الدنيوية. يعتقدون أن الصلاة يمكن أن تساعد في الشفاء، أو توفير التوجيه، أو جلب نتائج إيجابية أخرى. بالنسبة لهؤلاء الأفراد، الإيمان هو العامل الحاسم.
يرى آخرون أن الصلاة هي شكل من أشكال العلاج الوهمي، حيث يعتقد الناس أنهم سيحصلون على نتائج إيجابية، مما يؤدي إلى تحسين صحتهم ورفاهيتهم. وقد يكون هذا بسبب تأثير الدواء الوهمي، حيث يعتقد الناس أن العلاج فعال، مما يؤدي إلى تحسينات في حالتهم.
لا يعتقد آخرون أن الصلاة لها أي تأثير على الأحداث الدنيوية. يعتقدون أن النتائج الصحية والنتائج الأخرى تحددها عوامل طبيعية، وأن الصلاة ليست أكثر من مجرد وسيلة للتعبير عن الإيمان والأمل.
الاعتبارات الأخلاقية
تثير دراسة فعالية الصلاة أيضًا اعتبارات أخلاقية. على سبيل المثال، في التجارب السريرية، من المهم التأكد من أن المشاركين على علم بأنهم قد يتلقون الصلاة أو لا يتلقونها، وأنهم يوافقون على المشاركة في الدراسة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الباحثين تجنب استغلال معتقدات المشاركين الدينية أو التسبب في ضرر نفسي لهم.
هناك أيضًا أسئلة حول ما إذا كان يجب استخدام الموارد الطبية، مثل العلاج أو الأدوية، في البحث عن الصلاة. يعتقد البعض أنه يجب إعطاء الأولوية للبحث في العلاجات القائمة على الأدلة، في حين يعتقد آخرون أنه يجب أيضًا استكشاف الآثار المحتملة للصلاة.
خاتمة
لا تزال فعالية الصلاة موضوع نقاش مستمر. في حين أظهرت بعض الدراسات نتائج إيجابية، إلا أن دراسات أخرى لم تجد أي تأثير كبير. هناك العديد من العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار عند تقييم هذه الدراسات، بما في ذلك تصميم الدراسة، وأنواع الصلاة، والمعتقدات الدينية. تختلف وجهات النظر حول فعالية الصلاة على نطاق واسع، ومن المهم احترام وجهات النظر المختلفة. بغض النظر عن النتائج العلمية، يمكن أن تظل الصلاة ممارسة مهمة للعديد من الأفراد الذين يجدون فيها الراحة والأمل والاتصال الروحي.
المراجع
- Harris, W. S., Gowda, M., Kolb, J. W., Strychacz, C. P., Vacek, J. L., Jones, P. G., … & DeBerry, D. J. (1999). A randomized, controlled trial of the effects of remote intercessory prayer on outcomes in patients admitted to the coronary care unit. Archives of internal medicine, 159(19), 2273-2278.
- Byrd, R. C. (1988). Positive therapeutic effects of intercessory prayer in a coronary care unit population. Southern Medical Journal, 81(7), 826-829.
- Sicher, F., Targ, E., Moore, D., & VandeCreek, L. (1998). A randomized double-blind study of the effect of distant healing on recovery from illness. Western journal of medicine, 169(6), 356.