<![CDATA[
مقدمة
الحملة الأخرى (بالإسبانية: La Otra Campaña) هي مبادرة سياسية أطلقها جيش زاباتيستا للتحرير الوطني (EZLN) في المكسيك في عام 2005. جاءت هذه الحملة كرد فعل على الانتخابات الرئاسية المكسيكية لعام 2006، وتهدف إلى بناء حركة وطنية من الأسفل إلى الأعلى تتجاوز السياسة الحزبية التقليدية. تسعى الحملة الأخرى إلى توحيد منظمات السكان الأصليين والجماعات الاجتماعية والحركات الشعبية الأخرى في جميع أنحاء المكسيك من أجل الدفاع عن حقوقهم وتحقيق تغيير اجتماعي جذري.
خلفية تاريخية
ظهر جيش زاباتيستا للتحرير الوطني إلى الوجود في عام 1994، عندما شن انتفاضة مسلحة في ولاية تشياباس جنوب المكسيك. كان الزاباتيستا مدفوعين بالظلم الاجتماعي والاقتصادي الذي يواجهه السكان الأصليون في المكسيك، وطالبوا بالديمقراطية والعدالة والاستقلال الذاتي. على الرغم من أن الانتفاضة المسلحة للزاباتيستا استمرت لفترة قصيرة، إلا أنها لفتت انتباه العالم إلى محنة السكان الأصليين وألهمت الحركات الاجتماعية الأخرى في جميع أنحاء العالم.
في السنوات التي أعقبت الانتفاضة، انخرط الزاباتيستا في مفاوضات مع الحكومة المكسيكية، لكن هذه المفاوضات لم تسفر عن حلول ذات مغزى للمشاكل التي تواجه السكان الأصليين. في عام 2003، أعلن الزاباتيستا أنهم سيحلون مجتمعاتهم ذاتية الحكم، والتي تعمل خارج سيطرة الحكومة المكسيكية. تهدف هذه المجتمعات إلى توفير التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية الأخرى للسكان الأصليين، فضلاً عن تعزيز ثقافتهم وهويتهم.
أهداف الحملة الأخرى
تتمثل الأهداف الرئيسية للحملة الأخرى في:
- بناء حركة وطنية: تهدف الحملة إلى توحيد المنظمات الاجتماعية والحركات الشعبية المختلفة في جميع أنحاء المكسيك من أجل الدفاع عن حقوقهم وتحقيق تغيير اجتماعي جذري.
- تجاوز السياسة الحزبية: تسعى الحملة إلى إنشاء بديل للسياسة الحزبية التقليدية، والتي يُنظر إليها على أنها فاسدة وغير فعالة.
- تعزيز الاستقلال الذاتي: تدعم الحملة جهود السكان الأصليين والجماعات الاجتماعية الأخرى لبناء مجتمعاتهم ذاتية الحكم.
- الدفاع عن حقوق السكان الأصليين: تهدف الحملة إلى حماية حقوق السكان الأصليين في الأرض والموارد والثقافة.
- محاربة النيوليبرالية: تعارض الحملة سياسات النيوليبرالية، والتي يُنظر إليها على أنها تزيد من عدم المساواة والفقر.
آلية عمل الحملة
تعتمد الحملة الأخرى على التنظيم الشعبي والمشاركة المباشرة. تتضمن الحملة تنظيم اجتماعات وورش عمل ومسيرات ومظاهرات في جميع أنحاء المكسيك. كما تستخدم الحملة وسائل الإعلام البديلة لنشر رسالتها والتواصل مع الجمهور.
كان قادة الزاباتيستا، وخاصة المندوب صفر (المعروف سابقًا باسم سوبكوماندانتي ماركوس)، في طليعة الحملة الأخرى. سافر المندوب صفر في جميع أنحاء المكسيك للقاء منظمات السكان الأصليين والجماعات الاجتماعية الأخرى، والاستماع إلى مخاوفهم وبناء الدعم للحملة. كما عقد اجتماعات عامة وألقى خطابات في جميع أنحاء البلاد.
التحديات التي تواجه الحملة
تواجه الحملة الأخرى عددًا من التحديات، بما في ذلك:
- قمع الدولة: واجهت الحملة قمعًا من الدولة المكسيكية، بما في ذلك الاعتقالات والاعتداءات على النشطاء.
- معارضة وسائل الإعلام: تجاهلت وسائل الإعلام الرئيسية في المكسيك إلى حد كبير الحملة الأخرى أو صورتها بشكل سلبي.
- الانقسامات الداخلية: واجهت الحملة انقسامات داخلية بين المنظمات والجماعات المختلفة المشاركة.
- نقص الموارد: تعاني الحملة من نقص الموارد المالية والبشرية.
نتائج الحملة الأخرى
على الرغم من التحديات التي تواجهها، حققت الحملة الأخرى عددًا من النتائج المهمة، بما في ذلك:
- زيادة الوعي: ساهمت الحملة في زيادة الوعي بقضايا السكان الأصليين والجماعات الاجتماعية الأخرى في المكسيك.
- بناء الشبكات: ساعدت الحملة في بناء شبكات بين المنظمات الاجتماعية والحركات الشعبية المختلفة.
- تعزيز الاستقلال الذاتي: دعمت الحملة جهود السكان الأصليين والجماعات الاجتماعية الأخرى لبناء مجتمعاتهم ذاتية الحكم.
- إلهام الحركات الأخرى: ألهمت الحملة الحركات الاجتماعية الأخرى في جميع أنحاء العالم.
الخلافات والانتقادات
على الرغم من شعبيتها بين بعض القطاعات، واجهت الحملة الأخرى انتقادات من بعض الأطراف. أحد الانتقادات الرئيسية هو أنها لم تحقق الأهداف المرجوة منها بشكل كامل، خاصة فيما يتعلق بتوحيد جميع الحركات الاجتماعية في المكسيك. يرى البعض أن تركيز الزاباتيستا على الحملة الأخرى أدى إلى إهمال قضايا أخرى مهمة.
بالإضافة إلى ذلك، انتقد البعض أسلوب القيادة الذي اعتمده سوبكوماندانتي ماركوس، معتبرين أنه شخصي للغاية ويقلل من شأن القيادات المحلية الأخرى. ومع ذلك، يرى أنصار الحملة أن هذه الانتقادات غير عادلة، وأن الحملة ساهمت بشكل كبير في تعزيز الوعي بقضايا السكان الأصليين والحركات الاجتماعية الأخرى في المكسيك.
تأثير الحملة على السياسة المكسيكية
رغم أن الحملة الأخرى لم تتمكن من منع فوز فيليبي كالديرون في انتخابات عام 2006، إلا أنها كان لها تأثير عميق على المشهد السياسي المكسيكي. فقد ساهمت في إبراز قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق السكان الأصليين، وأجبرت الأحزاب السياسية على التعامل مع هذه القضايا. كما ألهمت العديد من الحركات الاجتماعية الأخرى في المكسيك وأمريكا اللاتينية.
علاوة على ذلك، ساهمت الحملة في تعزيز فكرة الديمقراطية التشاركية والمشاركة المباشرة في السياسة، بدلاً من الاعتماد على الأحزاب السياسية التقليدية. وقد ألهمت هذه الفكرة العديد من المبادرات الشعبية والمجتمعية في جميع أنحاء المكسيك.
مستقبل الحملة الأخرى
مستقبل الحملة الأخرى غير مؤكد. لا يزال الزاباتيستا ملتزمين بأهداف الحملة، لكنهم يواجهون عددًا من التحديات. من غير الواضح ما إذا كانت الحملة ستتمكن من تحقيق أهدافها في المدى الطويل. ومع ذلك، فقد تركت بالفعل بصمة كبيرة على السياسة المكسيكية وألهمت الحركات الاجتماعية في جميع أنحاء العالم.
على الرغم من الصعوبات، فإن الحملة الأخرى مستمرة في جهودها لبناء حركة من الأسفل إلى الأعلى، تسعى إلى تغيير اجتماعي وسياسي جذري. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الجهود ستؤتي ثمارها، لكن المؤكد أن الحملة الأخرى ستظل جزءًا مهمًا من تاريخ المكسيك الحديث.
خاتمة
الحملة الأخرى هي مبادرة سياسية مهمة أطلقها جيش زاباتيستا للتحرير الوطني في المكسيك. تهدف الحملة إلى بناء حركة وطنية من الأسفل إلى الأعلى تتجاوز السياسة الحزبية التقليدية وتدافع عن حقوق السكان الأصليين والجماعات الاجتماعية الأخرى. على الرغم من التحديات التي تواجهها، حققت الحملة عددًا من النتائج المهمة وساهمت في زيادة الوعي بقضايا العدالة الاجتماعية في المكسيك والعالم.