خلفية الجولة
شهدت بداية التسعينيات فترة هدوء نسبي لديفيد بوي من حيث الأنشطة الموسيقية. كان تركيزه قد تحول إلى مجالات أخرى مثل التمثيل والفن التشكيلي. إلا أن عودة بوي إلى الساحة الموسيقية في عام 1995 كانت مدفوعة بعدة عوامل. أولاً، كان هناك النجاح النقدي والتجاري لألبوم “Outside”، الذي كان يمثل تحولًا فنيًا لبوي، حيث تعاون فيه مع المنتج والموسيقي براين إينو. ثانيًا، أراد بوي أن يعود إلى التفاعل المباشر مع جمهوره، وأن يقدم عرضًا حيًا يجمع بين الموسيقى والفن البصري.
أما بالنسبة لـ”Outside” فقد كان ألبومًا مفاهيميًا طموحًا، يحكي قصة خيالية عن الفن والقتل في عالم مستقبلي. كان هذا المفهوم المعقد تحديًا لبوي، وأراد أن يعكس هذا التعقيد في العروض الحية للجولة. لذا، تم التخطيط للعروض لتكون أكثر من مجرد حفلات موسيقية تقليدية، بل تجارب فنية متكاملة تجمع بين الموسيقى والإضاءة المسرحية المتقدمة والملابس الغريبة. شهدت الجولة تصميمًا مسرحيًا مبهرًا، بما في ذلك الإضاءة التي صممها أدريان فيشر، والتي أضافت طبقة إضافية من الغموض والدراما إلى العروض.
مراحل الجولة
بدأت الجولة في أمريكا الشمالية، حيث قدم بوي عروضًا في مدن كبرى مثل نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو. لاحقًا، انتقلت الجولة إلى أوروبا، حيث قدم بوي حفلات في دول مثل ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا. اختتمت الجولة في أمريكا الجنوبية، حيث أقيمت عروض في الأرجنتين والبرازيل.
شهدت كل مرحلة من الجولة تغييرات طفيفة في قائمة الأغاني والعروض المسرحية. كان بوي حريصًا على الحفاظ على تحديث العروض لتبدو جديدة ومثيرة. كان الفريق الموسيقي المرافق لبوي مكونًا من موسيقيين موهوبين، بمن فيهم العازف الشهير غيلبرت (غاي) غريسوم على الجيتار، والموسيقي زاك ألبيرتي على لوحات المفاتيح، بالإضافة إلى عدد من الموسيقيين الآخرين الذين ساهموا في إحياء رؤية بوي الفنية. كان التفاعل بين بوي وفرقته الموسيقية على المسرح أمرًا بالغ الأهمية لنجاح الجولة، حيث تميزت العروض بطاقة عالية وانسجام موسيقي.
أغاني الجولة
تميزت قائمة أغاني جولة الخارج بالتنوع، حيث جمعت بين الأغاني الكلاسيكية من مسيرة بوي الطويلة وأغاني من ألبوم “Outside”. كانت الأغاني مثل “Under Pressure” و”Heroes” و”Changes” من بين الأغاني الأكثر طلبًا، بينما قدم بوي أيضًا أغاني جديدة مثل “The Heart’s Filthy Lesson” و”Hallo Spaceboy” و”The Motel”.
شهدت الجولة أيضًا عروضًا لأغاني غير مألوفة، مما أظهر رغبة بوي في تحدي توقعات الجمهور وتقديم تجارب موسيقية جديدة. قدم بوي عروضًا لأغاني من ألبوماته الأقل شهرة، مثل “Jump They Say” و”Teenage Wildlife”. كان هذا الاختيار جزءًا من استراتيجية بوي لتجنب التكرار وتقديم عروض مختلفة لكل جمهور.
التأثير الثقافي
تركت جولة الخارج تأثيرًا كبيرًا على المشهد الموسيقي في منتصف التسعينيات. أظهرت الجولة أن بوي لا يزال قوة مؤثرة في عالم الموسيقى، وقدمت مثالًا على كيفية الجمع بين الموسيقى والفن البصري لإنشاء تجربة فنية متكاملة. ألهمت الجولة العديد من الفنانين الآخرين، وشجعتهم على استكشاف أساليب جديدة في الأداء الحي.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت الجولة في زيادة الوعي بألبوم “Outside” الذي على الرغم من تعقيده، حظي بتقدير نقدي كبير. أثبتت الجولة أن بوي قادر على الحفاظ على صلة قوية مع جمهوره على الرغم من التغيرات في الأذواق الموسيقية. كان هناك تزايد في الإقبال على تذاكر الحفلات، وشهدت العروض نجاحًا تجاريًا كبيرًا.
مشاكل الجولة
واجهت الجولة بعض المشاكل، بما في ذلك التحديات اللوجستية المتعلقة بتصميم وإنتاج العروض المسرحية المعقدة. كان نقل المعدات والإضاءة يتطلب جهدًا كبيرًا، وكان الحفاظ على جودة العروض على مدار الجولة يمثل تحديًا آخر. علاوة على ذلك، واجهت الجولة بعض الانتقادات. بعض النقاد شعروا بأن العروض كانت طويلة جدًا أو معقدة للغاية، وأنها أبعدت التركيز عن الموسيقى. بينما رأى آخرون أن هذه التعقيدات جزءًا من رؤية بوي الفنية.
تقييم الجولة
تعتبر جولة الخارج من أهم الجولات الموسيقية في مسيرة ديفيد بوي. نجحت الجولة في تقديم تجربة فنية فريدة من نوعها، وجمعت بين الموسيقى والفن البصري بطريقة مبتكرة. على الرغم من بعض المشاكل والانتقادات، تركت الجولة تأثيرًا إيجابيًا على المشهد الموسيقي. أثبتت الجولة أن بوي لا يزال فنانًا مبدعًا ومبتكرًا، قادرًا على تحدي التوقعات وتقديم عروض لا تُنسى لجمهوره.
خاتمة
جولة الخارج كانت علامة فارقة في مسيرة ديفيد بوي. مثلت الجولة عودته إلى المسارح بعد غياب طويل، وعرضت رؤيته الفنية المتجددة. جمعت الجولة بين الموسيقى والإضاءة المبتكرة والتصميم المسرحي المعقد لتقديم تجربة فنية لا تُنسى. على الرغم من بعض التحديات، تركت الجولة بصمة واضحة في تاريخ الموسيقى، وألهمت العديد من الفنانين الآخرين. كانت الجولة بمثابة احتفال بإبداع بوي ومرونته الفنية.