تاريخ الاكتشاف
اكتُشف فيروس دلتاارتيريفيروس هيمفيف في الستينيات، وأُبلغ عن أول تفشٍ له في مستعمرات قرود المختبر في أوروبا والولايات المتحدة. كانت هذه الفاشيات مدمرة، حيث تسببت في خسائر كبيرة في أعداد القرود المستخدمة في البحوث الطبية. تم عزل الفيروس وتوصيفه في البداية بناءً على خصائصه المورفولوجية والوبائية، مما أدى إلى تحديد هويته كعامل مسبب لمرض الحمى النزفية القردية. ساهمت هذه الاكتشافات في فهم أهمية الفيروس وطرق انتشاره.
علم الفيروسات والتركيب
ينتمي دلتاارتيريفيروس هيمفيف إلى عائلة أرتيريفيريدي، وهي مجموعة من الفيروسات ذات الحمض النووي الريبي الإيجابي أحادي السلسلة (ssRNA). الفيروس لديه غلاف، ويحتوي على العديد من البروتينات الهيكلية وغير الهيكلية التي تلعب دورًا في تكرار الفيروس وتفاعله مع الخلايا المضيفة. تتضمن هذه البروتينات بروتينات الغلاف (مثل GP2a و GP5) التي تساعد في ارتباط الفيروس بالخلايا المضيفة، وبروتينات غير هيكلية ضرورية لتكرار الحمض النووي الريبي الفيروسي. التركيب الجيني للفيروس معقد، ويتضمن جينات ترمّز للعديد من البروتينات الضرورية لدورة حياة الفيروس.
آلية العدوى والأمراضية
ينتقل فيروس دلتاارتيريفيروس هيمفيف بشكل رئيسي عن طريق الاتصال المباشر بالدم أو إفرازات الجسم من القرود المصابة. يمكن أن يحدث الانتقال من خلال الجروح، أو لدغات الحشرات، أو من خلال الأدوات الملوثة. بمجرد دخول الفيروس إلى الجسم، فإنه يصيب الخلايا المستهدفة، بما في ذلك الخلايا المناعية والخلايا البطانية للأوعية الدموية. يؤدي هذا إلى تلف الخلايا، مما يؤدي إلى إطلاق السيتوكينات وتنشيط الاستجابة الالتهابية. الاستجابة المناعية المفرطة تؤدي إلى تلف الأوعية الدموية، وزيادة نفاذيةها، مما يؤدي إلى النزيف. تشمل الأعراض الشائعة للحمى النزفية القردية الحمى، والضعف، وفقدان الشهية، والنزيف الداخلي والخارجي، وفي الحالات الشديدة، تؤدي إلى الوفاة.
الأعراض والتشخيص
تظهر أعراض الحمى النزفية القردية بسرعة، وتتطور بسرعة. تشمل الأعراض الأولية الحمى، وفقدان الشهية، والضعف. يتطور النزيف بعد ذلك، وقد يظهر على شكل بقع حمراء (طفح جلدي)، أو نزيف من الأنف، أو تقيؤ دموي، أو براز أسود (ميلينا). التشخيص يعتمد على عدة طرق، بما في ذلك:
- فحص الدم: للكشف عن انخفاض عدد الصفائح الدموية، وزيادة إنزيمات الكبد، وعلامات أخرى تدل على تلف الأعضاء.
- اختبارات الأجسام المضادة: للكشف عن وجود أجسام مضادة للفيروس في الدم.
- تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR): للكشف عن الحمض النووي الريبي الفيروسي في عينات الدم أو الأنسجة.
- العزل الفيروسي: محاولة عزل الفيروس من عينات الدم أو الأنسجة في المختبر.
العلاج والوقاية
لا يوجد علاج محدد أو لقاح فعال ضد فيروس دلتاارتيريفيروس هيمفيف. العلاج يركز على الرعاية الداعمة، والتي تشمل:
- إعطاء السوائل: للحفاظ على الترطيب وتجنب الجفاف.
- نقل الدم: للتعويض عن فقدان الدم والنزيف.
- العناية المركزة: إذا لزم الأمر، لدعم وظائف الأعضاء الحيوية.
الوقاية هي الأساس للحد من انتشار الفيروس. تشمل تدابير الوقاية:
- الحجر الصحي: لعزل القرود المصابة أو المشتبه بها لمنع انتشار الفيروس.
- النظافة الصارمة: تطهير الأدوات والمعدات المستخدمة في التعامل مع القرود.
- مكافحة الحشرات: للحد من لدغات الحشرات التي يمكن أن تنقل الفيروس.
- التوعية: تثقيف العاملين في مجال البحوث والتعامل مع الحيوانات حول مخاطر الفيروس وطرق الوقاية.
التأثير على صحة الإنسان
في حين أن فيروس دلتاارتيريفيروس هيمفيف يصيب في المقام الأول الرئيسيات غير البشرية، هناك قلق بشأن إمكانية انتقاله إلى البشر. لا توجد حالات مؤكدة لانتقال الفيروس إلى البشر بشكل طبيعي، ولكن يجب اتخاذ احتياطات السلامة اللازمة للعاملين في المختبرات، والأطباء البيطريين، والأشخاص الذين يتعاملون مع القرود. الاحتياطات تشمل ارتداء معدات الوقاية الشخصية، واتباع إجراءات السلامة الحيوية الصارمة، والتعامل بحذر مع عينات الدم أو الأنسجة من القرود المشتبه بإصابتها.
الأبحاث المستقبلية
تستمر الأبحاث في مجال دلتاارتيريفيروس هيمفيف بهدف فهم أفضل لطرق انتقال الفيروس، وتطوير علاجات ولقاحات فعالة. تشمل مجالات البحث الحالية:
- تحديد المستقبلات الخلوية: لفهم كيفية دخول الفيروس إلى الخلايا المضيفة.
- دراسة الاستجابة المناعية: لتحديد الآليات التي يتجنب بها الفيروس الاستجابة المناعية.
- تطوير اللقاحات: لتوفير الحماية ضد الفيروس.
- اختبار الأدوية المضادة للفيروسات: لتحديد العلاجات المحتملة للحمى النزفية القردية.
خاتمة
دلتاارتيريفيروس هيمفيف هو فيروس شديد الخطورة يصيب الرئيسيات، ويتسبب في مرض الحمى النزفية القردية الفتاك. فهم خصائص الفيروس، وآلية انتقاله، وأعراض المرض، أمر ضروري للوقاية والسيطرة على تفشي المرض. الوقاية تعتمد على الحجر الصحي، والنظافة الصارمة، ومكافحة الحشرات، والتوعية. تستمر الأبحاث لتطوير لقاحات وعلاجات فعالة، وحماية القرود، وتقليل المخاطر المحتملة على البشر.