القيوم في الإسلام: اسم من أسماء الله الحسنى
في الإسلام، القيوم هو أحد أسماء الله الحسنى، ويعني القائم بذاته الذي لا يحتاج إلى أحد، والمقيم لغيره. فهو سبحانه وتعالى، القائم على كل شيء، المُدَبِّر لشؤون الخَلق، الذي لا يعتمد على غيره في وجوده ولا في تدبيره. يصف هذا الاسم الألوهية الكاملة لله، فهو الحي الذي لا يموت، والباقي الذي لا يفنى، والقيّم على كل شيء.
ورد اسم القيوم في القرآن الكريم في عدة مواضع، منها قوله تعالى في سورة البقرة: {اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}. (البقرة: 255). هذه الآية، المعروفة بآية الكرسي، تُعَدُّ من أعظم آيات القرآن الكريم، وتُبين عظمة الله عز وجل، وتفرده بالوحدانية والألوهية. كلمة “القيوم” في هذه الآية تؤكد على استمرارية وجود الله، وقدرته على إدارة شؤون الكون بأكمله.
التأمل في اسم القيوم يعزز إيمان المسلم بالله، ويدفعه إلى الاعتماد عليه في كل أمور حياته. فهو يعلم أن الله هو المرجع والملجأ، وهو الذي يملك كل شيء، ويدبر كل شيء. يعلم المسلم أن الله هو القيّم على السموات والأرض، وأنه لا يمكن لأي شيء أن يوجد أو يستمر إلا بإذنه. هذه المعرفة تدعو إلى الخشوع والتقوى، وتعزز الشعور بالسلام الداخلي والطمأنينة.
القيوم في التصوف: مرتبة روحية
في التصوف الإسلامي، القيوم يشير إلى مرتبة روحية خاصة يحظى بها بعض الصالحين والأولياء. هذا المصطلح يصف شخصًا وصل إلى درجة عالية من الكمال الروحي، وأصبح مثالًا للثبات والاستقامة في وجه التحديات والصعاب. يُنظر إلى القيوم في هذا السياق على أنه الشخص الذي يثبت في وجه الباطل، ويتمسك بالحق، ويدعو إليه.
يعتبر الصوفيون القيوم تجسيدًا لصفات الله في العالم. فالقيوم في هذا المعنى هو الشخص الذي يعكس صفات الله، مثل الحكمة والعدل والرحمة. هو الشخص الذي يعيش حياته وفقًا لتعاليم الإسلام، ويسعى دائمًا إلى التقرب من الله، والوصول إلى حالة من الصفاء الروحي. يرى الصوفيون أن القيوم هو مرشد روحي، وقائد، ونموذج يُحتذى به في السلوك والأخلاق.
الوصول إلى مرتبة القيوم يتطلب جهداً كبيراً من المجاهدة والتربية الروحية. يشمل ذلك، على سبيل المثال، ما يلي:
- الالتزام بالفرائض والواجبات الدينية.
- الابتعاد عن المحرمات والمنكرات.
- الاجتهاد في العبادات، مثل الصلاة والصيام والزكاة.
- تطهير القلب من الأحقاد والأنانية.
- التحلي بالأخلاق الحميدة، مثل الصدق والأمانة والتواضع.
- الاجتهاد في العلم والمعرفة، خاصة في العلوم الشرعية.
الصوفي الذي يصل إلى هذه المرتبة يُنظر إليه على أنه عارف بالله، ويتمتع بقدرة خاصة على إدراك الحقائق الإلهية، وتوجيه الآخرين نحو طريق الحق. يصبح القيوم في هذه الحالة رمزًا للثبات، والحكمة، والاستقامة. يمثل القيوم القدوة الحسنة، ويكون له تأثير كبير على مريديه ومحبيه.
القيوم في الثقافة الإسلامية
تأثير اسم القيوم يتجاوز المجالين الديني والروحي، ليمتد إلى الثقافة الإسلامية بشكل عام. يُستعمل هذا الاسم في الأدب والشعر، للتعبير عن صفات الله عز وجل، وعن أهمية الثبات والاستقامة في الحياة. كما يُستخدم القيوم في الفن، وخاصة في الخط العربي، لتزيين المساجد والأماكن المقدسة، وتذكير الناس بصفات الله.
بالإضافة إلى ذلك، يظهر اسم القيوم في أسماء الأشخاص، كجزء من التسمية الدينية. يمكن أن نجد أسماء مثل عبد القيوم، والتي تعني “عبد القيوم”، وتعبر عن التعبد لله، والارتباط به، والاعتماد عليه. يعتبر اختيار هذا الاسم تعبيرًا عن الإيمان الراسخ، والرغبة في اتباع سبيل الله.
الوعي باسم القيوم وأهميته، سواء في العقيدة أو في التصوف، يعزز من الفهم العميق للإسلام. يجعل المسلمين أكثر إدراكًا لعظمة الله، وأكثر حرصًا على الالتزام بتعاليم الدين، والسعي نحو الكمال الروحي. يعزز هذا الوعي من الشعور بالانتماء إلى الأمة الإسلامية، ويشجع على التمسك بالقيم الإسلامية الأصيلة.
خاتمة
باختصار، القيوم هو مصطلح ذو أهمية بالغة في الإسلام. كاسم من أسماء الله الحسنى، يمثل صفة الألوهية الكاملة، والقدرة المطلقة لله. كمرتبة روحية في التصوف، يمثل تجسيدًا للثبات والاستقامة، والارتباط الوثيق بالله. فهم معنى القيوم وتأثيره يثري الفكر الإسلامي، ويعزز الروحانية، ويدعو إلى التأمل في عظمة الخالق والعمل على الاقتراب منه. سواء أكان ذلك في الاعتقاد أو في السلوك، فإن القيوم يمثل دعوة إلى التمسك بالحق والعدل والخير في كل جوانب الحياة.