نشأته وتعليمه
ولد جستيناس برانايتيس في بلدة غوسكو، في مقاطعة أوغوستوف، في ليتوانيا. تلقى تعليمه في مدرسة دينية في فيلنيوس، ثم التحق بالأكاديمية الإمبراطورية الرومانية الكاثوليكية في سانت بطرسبرغ، حيث درس الفلسفة واللاهوت. سيم كاهنًا في عام 1886.
مسيرته الكهنوتية والتدريسية
بعد رسامته، عمل برانايتيس كاهنًا في عدة كنائس في ليتوانيا وروسيا. في عام 1895، أصبح أستاذًا في الكتاب المقدس في الأكاديمية الإمبراطورية الرومانية الكاثوليكية في سانت بطرسبرغ. خلال فترة عمله كأستاذ، كتب العديد من المقالات والكتب حول اللاهوت والمسائل الدينية الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، شارك في المناقشات العامة حول القضايا الدينية والاجتماعية.
“المفارقة اليهودية” وتأثيرها
أشهر أعمال برانايتيس هو كتابه “المفارقة اليهودية” (The Talmud Unmasked)، الذي نُشر عام 1892 باللغة الفرنسية، ثم تُرجم إلى لغات عديدة. يزعم الكتاب أن التلمود، وهو النص المركزي لليهودية الحاخامية، يدعو إلى كراهية المسيحيين ويبرر القتل الطقسي. استند برانايتيس في كتابه إلى اقتباسات مختارة من التلمود، غالباً ما تم تحريفها أو انتزاعها من سياقها، لتقديم حجة معادية للسامية بشكل صارخ. انتشر الكتاب على نطاق واسع، وأصبح مرجعاً رئيسياً للمنظمات والأفراد المعادين للسامية في جميع أنحاء العالم.
أثار الكتاب جدلاً واسعاً وواجه انتقادات شديدة من قبل العلماء ورجال الدين اليهود والمسيحيين على حد سواء. اتهم النقاد برانايتيس بتشويه التلمود والتلاعب بالنصوص. ومع ذلك، استمر الكتاب في التأثير على الرأي العام، خاصة في أوروبا الشرقية، حيث ساهم في تأجيج معاداة السامية. استخدم الكتاب لاحقًا من قبل النازيين لتبرير اضطهادهم لليهود خلال الهولوكوست.
الادعاءات المتعلقة بالقتل الطقسي
كانت ادعاءات برانايتيس المتعلقة بالقتل الطقسي جزءًا أساسيًا من كتابه. زعم أن التلمود يسمح لليهود بقتل المسيحيين واستخدام دمائهم في الطقوس الدينية. هذه الادعاءات كاذبة تمامًا، وهي جزء من تاريخ طويل من الافتراءات المعادية للسامية. لم يكن هناك دليل على الإطلاق على أن اليهود مارسوا القتل الطقسي. ومع ذلك، ساهمت ادعاءات برانايتيس في انتشار هذه الأكاذيب، مما أدى إلى العنف والتمييز ضد اليهود.
ردود الفعل والانتقادات
واجه عمل برانايتيس انتقادات واسعة من العلماء ورجال الدين اليهود والمسيحيين. اتهم النقاد برانايتيس بتشويه التلمود والتلاعب بالنصوص لخدمة أجندته المعادية للسامية. انتقد العديد من العلماء الطريقة التي استخدم بها برانايتيس الاقتباسات من التلمود، مشيرين إلى أنها كانت غالبًا ما تكون مجتزأة من سياقها أو مترجمة بشكل غير دقيق. وأشاروا إلى أن تفسير برانايتيس للتلمود كان يفتقر إلى أي أساس تاريخي أو لغوي.
نشر العديد من الكتاب اليهود وغير اليهود ردودًا على ادعاءات برانايتيس، محاولين دحض اتهاماته وإظهار زيفها. حاول هؤلاء الكتاب شرح التلمود بشكل صحيح وتقديم تفسيرات بديلة للنصوص التي استشهد بها برانايتيس. أظهرت هذه الردود أن ادعاءات برانايتيس كانت قائمة على سوء فهم خطير للتلمود واليهودية بشكل عام.
إرثه
ترك برانايتيس إرثًا سلبيًا بشكل كبير. كتابه “المفارقة اليهودية” لا يزال يُستخدم من قبل الجماعات المعادية للسامية لتبرير كراهيتها واضطهادها لليهود. ساهمت كتاباته في انتشار الأفكار المسبقة والتشهيرية التي أدت إلى العنف والتمييز. على الرغم من أن عمله قد تم دحضه بشكل واسع، إلا أنه لا يزال يؤثر على بعض الأفراد والجماعات الذين يتبنون وجهات نظر معادية للسامية.
وفاته
توفي جستيناس برانايتيس في 28 يناير 1917 في سانت بطرسبرغ. على الرغم من وفاته، استمرت أفكاره وكتاباته في التأثير على الرأي العام، ولا تزال تعتبر مثالاً على الكراهية والتحامل.
خاتمة
جستيناس برانايتيس كان كاهنًا ليتوانيًا وأستاذًا للإلهيات اشتهر بكتابه “المفارقة اليهودية”، الذي نشر ادعاءات كاذبة ومعادية للسامية ضد اليهود. أثر كتابه على انتشار معاداة السامية في أوائل القرن العشرين، ولا يزال يستخدم حتى اليوم من قبل الجماعات المتطرفة. كان عمله قائمًا على التشويه والتحريف، وأدى إلى العنف والتمييز. يعد برانايتيس مثالًا على خطر الأيديولوجيات القائمة على الكراهية والتحامل.